الخدعة الامريكية للشعب السوداني

لايمكن لمتابع لمجريات الأمور في السودان، بعد الانقلاب العسكري الأخير، أن يغفل مدى قوة ردود الفعل الأمريكية والأوربية، الرافضة لهذا الانقلاب (وكانت هذه هي الخدعة)، كما لايمكنه أيضا، أن يغفل في نفس الوقت، مدى عدم وضوح الموقف، في ردود الفعل القادمة من دول الجوار العربي، والتي قالت بعض الأقلام، في صحف غربية إنها عكست ارتياحا لهذا الانقلاب في تلك الدول.

الهيمنة المادية، والاستحواذ على الموارد الاقتصادية، إلى جانب الانفراد بالقوة من أكثر العقائد المتأصلة لدى الولايات المتحدة الأمريكية حينما تريد لدولة ما أن تخضع لسياساتها، فباتت دولة السودان واحدة من الدول العربية عمومًا، والإفريقية خصوصًا التي لفتت أنظار الغرب بما فيهم أمريكا للسيطرة على خيراتها ومواردها الطبيعية بصور شتى دون أن يستفيد منها الشعب السوداني صاحب البلد.

في الماضي كانت أمريكا تنظر إلى السودان على أنها دولة ترعى ما يسمى بـ”الإرهاب” وتدعمه، ودولة “تنتهك حقوق الإنسان” وتفرض عليها عقوبات أمريكية وعقوبات من خلال مجلس الأمن بقرارات أمريكية أيضًا، لكن فجأة وبعد أحداث سبتمبر تحديدًا، ورغم شعارات حربها ضد الإرهاب، امتنعت أمريكا عن التصويت في مجلس الأمن، على استمرار العقوبات الدولية لتُرفع هذه العقوبات، وتبدأ بعدها الوفود الأمريكية تتقاطر على السودان لتحقيق أهدافها المعلنة تارة والمبطنة تارة أخرى.

لكن ثمة تساؤلات تطرح بين الفينة والأخرى، لماذا غيرت أمريكا نظرتها إلى السودان، وما الذي تسعى إلى تحقيقه وفعله هناك، خاصة وأن الوفود الأمنية الأمريكية والبعثات الدبلوماسية تزايدت أنشطتها في الآونة الأخيرة، خاصة بعد سقوط حكومة البشير.

عوامل الارتباط

هناك عاملان لا يذكرهما أحد لا في السودان ولا في أمريكا – مسكوت عنهما- رغم أنهما العاملان الأساسيان في التغير الأمريكي نحو السودان، كما ذكر تقرير بعنوان” أمريكا والسودان.. من لعبة”عض الأصابع” إلى “لعبة ذكاء المصالح”؛ حيث إن العامل الأول هو البترول السوداني؛ فالإدارة الأمريكية الحالية إدارة تمثل مصالح شركات البترول والسلاح في الولايات المتحدة، ومن ثم وضعت عينيها منذ وصولها للحكم على البترول السوداني، ولما كان استخراج البترول يتطلب التهدئة السياسية فقد تغير الحال من دفع الصراع داخل السودان نحو الحرب إلى دفعه نحو وقف إطلاق النار، ومن قطع العلاقات مع السودان إلى تفعيلها.

أما العامل الثاني فتذكره صراحة تقارير المخابرات الأمريكية، وبالتالي فإن الاقتراب من السودان وإدخاله “الحظيرة الأمريكية” جزء من خطة الصراع مع الصين!؛ فاستنتاجات الأجهزة الأمريكية خلُصت إلى أن الصين وصلت صناعتها الحربية إلى إنتاج صواريخ قادرة على الوصول إلى السواحل الشرقية للولايات المتحدة حال إطلاقها من إفريقيا، وأن السودان هو البلد الإفريقي صاحب أكبر علاقات اقتصادية وسياسية مع الصين، وأن أرضه توفر كل مقومات نصب وإخفاء هذه الصواريخ وأن السودان – بتكوينه الحكم فيه- هو المؤهل لهذا الدور، ومن ثم تغير الحال.

ويتابع التقرير: “إن الذي يجري باختصار هو عملية مقايضة ذكية للمصالح، والأمريكان يحاولون استخدام كل الإغراءات للسودان لإدخاله في الحظيرة الأمريكية ووضع يد الشركات الأمريكية على البترول السوداني الذي يقدّر بأنه يوازي المخزون السعودي أو يقل قليلاً، كما تستهدف قطع الطريق على توثيق وتطوير العلاقات مع مصر إلى حد التحالف الإستراتيجي، ولقطع الطريق على تطوير العلاقات أكثر من ذلك مع الصين مع استمرار التهديد بالحرب.

من الواضح ماذا تريد امريكا من السودان السيطرة والتحكم الكامل ووضع حكومة ضعيفة وعميلة لا تلبي احتياجات الشعب السوداني..بل تراعي مصالح أمريكا اولا وتعمل علي تغيير النظام الاجتماعي والثقافة السودانية الي الغربية وتفكيك الأسر وهذا واضح في تغيير القوانين .. علي الشعب السوداني طرد السفير الأمريكي والبريطاني لأنهم يتدخلان في الشؤون الداخلية والشوون الخاصة.