شيعت جماهير غفيرة جثمان الموسيقار السوداني عبد الكريم الكابلي بالخرطوم التي وصل إليها، الجمعة، بعد 330 يوما من وفاته بالولايات المتحدة في مطلع ديسمبر الماضي، بعد رحلة فنية استمرت 60 عاما.
وتوفي الكابلي الملقب بـ”عبقري الأغنية السودانية” عن عمر ناهز الـ 90 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض، دخل على إثرها العناية المركزة لأكثر من 3 أشهر بإحدى مستشفيات ولاية ميتشيغان الأميركية، التي كان يقيم فيها مع بعض أفراد أسرته.
ويعد الكابلي واحدا من عمالقة الفن السوداني، وكتب ولحن العديد من الاغنيات لنفسه ولعدد كبير من الفنانين السودانيين الكبار.
وتميز الكابلي الذي ولد في شرق السودان في العام 1932 بتعدد المواهب والتعمق في الثقافة السودانية، وجمع بين ثلاث مواهب يندر أن تجتمع في فنان واحد، فإضافة إلى حسه الموسيقي المرهف، فهو مثقف ومترجم وباحث تراثي من الطراز الرفيع.
وبعد أن أكمل دراسته في خمسينيات القرن الماضي التحق الكابلي بالقضاء السوداني وعمل به نحو 20 عاما، قبل أن يقضي بضع سنوات للعمل كمترجم في السعودية ليعود إلى السودان مرة أخرى، محترفا الغناء ويتربع على قمة الهرم الفني مع عدد من كبار المبدعين السودانيين.
بدأ الكابلي الغناء في الثامنة عشر من عمره، وظل يغني في دائرة جلسات الأصدقاء والأهل لمدة عقد من الزمان إلى أن واتته الفرصة الحقيقية نوفمبر عام 1960 عندما تغني برائعة الشاعر تاج السر الحسن أنشودة آسيا وأفريقيا بحضور الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
وحفلت مسيرة الكابلي بالعديد من الأغنيات الرائعة التي لم تقتصر على العامية السودانية حيث غنى باللغة العربية الفصحى مثل أغنية “شذى الزهر” للشاعر العربي محمود العقاد و”أغنية آسيا وأفريقيا” للشاعر تاج السر الحسن.
ويقول الإعلامي يس إبراهيم وهو أحد المقربين من عائلته إن الكابلي قدم نموذجا جديدا عن صورة المطرب السوداني المتكامل، موضحا “ظهر الكابلي بصورة الفنان المثقف والباحث في التراث والمبدع غنائيا وفي نفس الوقت امتهن العمل في السلك القضائي”.
وأضاف: “يجيد الكابلي تقديم الأغنية أمام جميع شعوب العالم تقريبا فهو فنان شامل ويتحدث بشكل لبق جدا”.
ومن أبرز أغنياته التي تربعت على عرش الغناء السوداني وحتى خارجيا هي “مروي” و”حبيبة عمري “و”آسيا وافريقيا” و”يا ضنين الوعد” و”أراك عصي الدمع” و”أكاد لا اصدق” و”زمان الناس” و”حبك للناس” و”شمعة” و”دناب” و”لماذا” و”معزوفة لدرويش متجول” لشاعرها السوداني الأصل محمد مفتاح الفيتوري.
ولامست أغنيات الكابلي وجدان المستمعين من خارج حدود بلاده لأنه كان يؤديها بالعربية الفصحى، لا سيما وأنه عرف البراعة في إتقان اللغة العربية ويخرج الكلمات بدقة شديدة.