كتبت هذا المقال قبل عام من الان عقب حادثة محاولة الاغتيال الغريبه والفريده والتي حدثت لاول مره في تاريخ السودان
واليوم اعيد نشره وفي بالي نكته لاحد نجوم فرقة تيراب الكوميديا انتشرت في بداية هذه الالفيه اذكر منها ان هنالك احد أهلنا البسطاء يحب السياسه والحديث في السياسه ثقافته سماعيه من الراديو وتعليمه لم يتعد مرحلة الخلوه وكان هذا الرجل كلما تواجد في ملمه لايفتأ يسأل سؤلا واحدا لايتغير من باب (انه مثقف سياسيا ويريد ان يبرز عضلاته في هذا المجال) ولاتوجد طبعا لسؤاله آنئذ وحينئذ أي اجابه وسؤاله كان (والله بس الكتل كمال جمبلاط لاحسي مااتعرف منو) في اشاره الي رئيس وزراء لبنان الذي اغتيل في اواخر الثمانينات في نهايات الحرب الاهليه اللبنانيه وكان هذا السؤال يجعل الجميع ينتبه الي بلدينا ويحتار الكل في الاجابه وللحقيقه الي الان لم يعرف من هم او ماهي الجهه التي اغتالت كمال جمبلاط
بالاشاره الي ماسبق والي مايلي نجد انفسنا في نفس حيره بلدينا هذا حتى بعد مرور عام من المحاوله الفاشله الغادره التي تعرض لها رئيس وزراء الحكومه الانتقاليه السوداني حمدوك وعليه نعيد نفس السؤال ونفس المقال (الحاول يقتل عبدالله حمدوك لاحسي مااتعرف منو)
فالي المقال الذي مر عام كامل علي كتابته :-
غادر الفريق الامني الامريكي الموفد من الFBIأدراجه عائدا الي مقره في اديس ابابادون أن يفصح عن هوية مرتكبي التفجير الارهابي الذي استهدف موكب السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي حدث في صبيحة الاثنين الموافق 9 مارس 2020.
ولقد توخينا الحذر وآثرنا عدم الخوض في هذا الموضوع الغامض حتى ينجلي الغبار من حوله ويماط اللثام عن غموضه في ظل عدم اعلان اي جهة كانت عن مسؤليتها عن الحادث كما يحدث عادة في مثل هذه الحوادث الارهابيه وأيضا في ظل عدم وجود جهة ذات مصلحه حقيقيه مباشره في اغتيال الرجل من الممكن أن يشار اليها بأصابع الاتهام هذا الرجل الذي يعتبر بلا اعداء حقيقين بالاضافة الي حدوث الامر فجأة دون مقدمات أو مؤشرات تنبئ عن حدوثه مثل استهداف شخصيات سودانيه مماثله من قبل أو وجود تهديدات أو محاولات سابقه فالحادث هو الاول من نوعه في البلاد وبالرغم من أن الثلاثين عاما الماضيه كانت لتكون مرتعا خصبا لمثل هذا النوع من العمليات نسبة للوصمه التي صاحبتها ولكن للغرابه لم يحدث فيها اي حادث مشابه.
عموما كل ماتوصلت اليه الجهات التي تحقق في الامر بمافيها الفريق الامريكي الذي صرح قبل مغادرته من اربعة ايام من تاريخ كتابة هذا المقال بأنهم وضعوا ايديهم علي الجناة الذين وصفوا بانهم مجموعه ارهابيه من الشباب عديمي الخبره الذين قاموا بعمل ارهابي غير احترافي مستخدمين فيه ادوات بدائيه وربما يكونوا محسوبين على النظام السابق وقد تم كشفهم من خلال اعادة مشاهدة تسجيلات كاميرات المراقبه في الشوارع ومن خلال المكالمات التي اجريت في شبكات الاتصال المختلفه قبل وبعد الحادث والتي تم رصدها والاستماع إليها وقدرت بأكثر من ثلاثة الف محادثه ولم تفصح الجهات المختصه بعد عن هوية الجناة وهل تم القبض عليهم ام لا مع العلم بانه تم القبض علي كثير من المشتبه بهم وتم اطلاق سراح بعضهم لعدم وجود مايثبت تورطهم في الامر والي الان يظل الامر طي الغموض والكتمان.
وعليه لم توجه الاجهزه الامنيه اي اتهام لجهة سياسه كانت أو غيرها بتدبير الحادث الارهابي بعد مرور ثلاثة أسابيع من حدوثه اليس هذا بأمر يدعوا الي التساؤل؟
َليظل الامر مقيدا ضد مجهول حتى هذه اللحظه والي اجل غير مسمي في الوقت الذي رفعت فيه ثورة ديسمبر المجيده شعارات من ضمنها (زمن الغتغته والدسديس إنتهي).
عليه وفي ظل هذا التعتيم وغياب المعلومة يظل خيال المتابع للامر خصبا ومجتهدا في نسج السيناريوهات المحتمله والافتراضيه لفك طلاسم هذا الغموض.
أخشى ماأخشى ان يفكر المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية في أن تضاف هذه الجريمه الي جرائم النظام السابق والتي تسببت في دخول السودان الي قائمة الدول الراعيه للإرهاب وبموجبها تم توقيع العقوبات الاقتصاديه والحظر الدولي وتكون ذريعة جديده لعدم رفع الحظر الذي مضت فيه الحكومة الانتقاليه خطوات مقدره باعتبار ان الحادث دبر من قبل جماعه ربما تكون محسوبه علي النظام السابق الذي مازال متغلغلا في عصب الدوله بالتالي تضاف الي سجل اعماله الارهابيه السابقه وهذا ماينقصنا الان حقيقة ان يستمر عقاب وحصار بلد كامل باخطاء طغمه فيه وأن نعاقب على القديم والجديد حتي بزوال المسبب!
ومن خلال متابعتنا للامر نجد ان كل المجتمع الدولي قد ادان الحادثه بشكل قاطع ولكن لم تصرح اي دوله اوتلمح بامكانية اتهامها لأي جهة قد تكون ضالعة في الامر كما ان الامر داخليا محير ومربك فعدد من الجهات صرحت بانه لاجهة مستفيده من اغتيال الرجل الذي وصفته بالغائب عن المشهد السوداني فكيف تسعى جهة ما لاغتياله وتغييبه وهو الغائب نظريا وسيغيب فعليا بعد انقضاء الفتره الانتقاليه.
ويقول البعض ان المستفيد الاول والاخير من هذا الحادث هو السيد حمدوك ذات نفسه بتلميع صورته واعادة البريق اليها واستعادة شعبيته التي تهاوت وتلاشي عبارة (شكرا حمدوك) التي راجت لعدة اشهر اسفيريا جراء الاخفاقات المتكرره في معالجة الأزمات الاقتصاديه الطاحنة التي يعاني منها المواطن السوداني والتباطوء الشديد في ملفات ازالة التمكين ومحاكمات ازلام النظام السابق.
ولكن هذا الرأي مردود علي اهله فمن غير المعقول ان يجازف اي كان بنفسه لتحقيق مكاسب مثل هذه خصوصا وأن الرجل يعلم انه مغادر للكرسي عاحلا اوآجلا.
وهناك ايضا من يتهم المكون العسكري في السلطه الانتقاليه بتدبير الحادث وهذا لعمري اغرب اتهام فحمدوك ليس هو حجر العثره في طريق العسكر إن هم ارادوا تنفيذ مايجول في خاطر اصحاب هذا الرأي.
عموما المحاوله تمت ونفذت بطريقة فطيره وقصد منها ان تكون زوبعه في فنجان وجريمة من غير دماء ومن غير ضحايا مع وجود شماعه جاهزه لالقاء التهمة عليها ووصمها بممارسة الارهاب.
عموما هذه الطريقه في التنفيذ التي اتضح انها فطيره وغير ناضجة اوحت الي المتابعين بعدم جدية الامر وتناثر حديث كثير عن فبركته مما صرف الكثيرين عن متابعته والاهتمام به حتي ان الفريق الأمريكي غادر العاصمة الخرطوم دون ضوضاء مثل التي صاحبت وصوله قبل ثلاثة أسابيع .
وكما هو معلوم ان موضة او ظاهرة الارهاب والحركات الارهابيه في العصر الحديث بدأت في اواخر الستينات وامتدت إلى وقتنا هذا وبدأت اول مابدأت عن طريق الحركات اليساريه الشيوعيه التي انتشرت مع انتشار المد الشيوعي في اسيا وامريكا الجنوبيه وافريقيا
واوربا الشرقيه والشرق الاوسط.
وقد مارست هذه الحركات (حركات التحرر كانت تسمى هكذا) الاغتيالات والتفحيرات واحتجاز الرهائن وإختطاف الطائرات والأفراد والسفن ومن اشهر الحركات في الشرق الأوسط منظمة ابو نضال في فلسطين ومن اشهر الشخصيات اليسارية التي مارست الارهاب في العالم المجرم الشهير كارلوس الذي عمل مع ابو نضال ومع منظمات فرنسيه يساريه
عموما وحتي لاننسى قبل ان يكون الارهاب اسلاميا كان يساريا تبناه اليسار المتطرف في كل انحاء العالم فلنرجع للتاريخ
ضياء الدين سيد