أهم الأخبار

السفير الأمريكي.. تحركات في أكثر من اتجاه

وصل امس السبت السفير الامريكي جون غودفري برفقة وفد من الكونغرس إلى حاضرة شمال دارفور الفاشر، في زيارة أثارت عدداً من التساؤلات، حول الرجل الذي وصل البلاد مزاولاً مهامه سفيراً لواشنطون فترة اسبوعين، قبل ان يبرز في المشهد السياسي عبر تحركات واسعة طغت على دور الوسيط الاممي فولكر بمقابلته قيادات سياسية وقادة الحركات الموقعين على سلام جوبا، لتطفو مساحات حركة غودفري بتساؤلات واسعة حول صلاحياته ودور واشنطون في الازمة، فيما ذهب مراقبون إلى ان ظهور السفير الامريكي بنشاطه بالساحة قد يطغى على دور فولكر الذي غاب نشاطه وكذا الآلية الثلاثية خلال الآونة الاخيرة.
تحد
جون غودفري قدم اوراق اعتماده لرئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان كاول سفير امريكي بالخرطوم بعد ربع قرن من الزمان، الامر الذي اكسبه ظهوراً مغايراً، فضلاً عن السيرة الذاتية له التي كشفت عن خبرة كبيرة اكتسبها جون في الاقليم الافريقي خاصة في جوانب فض النزاعات السياسية، وكذلك التوقيت الذي دفعت فيه أمريكا غودفري لمزاولة مهامه رسمياً متزامناً مع ظرف سياسي معقد واستثنائي.

المحلل السياسي الكباشي البكري قال ان مياهاً كثيرة جرت تحت جسر العلاقات السودانية الأمريكية التي رفعت التمثيل الدبلوماسي بين البلدين بعد قطيعة حاصرت فيها الولايات المتحدة البلاد عبر عصا العقوبات ومفعولها، كما ان ظهور السفير الامريكي يأتي في اطار متغيرات دولية كبيرة وتحولات كبيرة في المشهد السياسي العالمي الذي يلقي بظلاله الآن على الإقليم بشكل عام، فضلاً عن حالة الاستقطاب الكبيرة في السودان سياسياً.
ويذهب الكباشي في حديثه إلى ان نظرة واشنطون لمجريات الامور قد تغيرت، وبالضرورة حدثت الوسائل والسبل المتبعة للوجود الأمريكي في خريطة المشهد السوداني.
ويواصل الكباشي قائلاً: (ان تحركات جون غودفري تأتي ايضاً في اطار الراهن الإقليمي الملتهب في دول الجوار، فضلاً عن مؤشرات أخرى تشكل مسار تحركات السفير الأمريكي وخريطة طريقه ورؤية الإدارة الأمريكية لشكل مخارج الأزمة في السودان، والرجل بالضرورة يصطحب كل هذه المؤثرات والمحددات الكبيرة التي تشكل المشهد الجديد في السودان)، مشيراً إلى ان الادارة الامريكية رددت كثيراً عبارة حكومة مدنية صادقة، غير ان الملفات الامنية للإدارة الأمريكية قد تشكل المحور الأساسي والتحدي الاول للسفير الجديد.

ويرى خبراء ان تحركات جون غودفري تأتي في اطار قناعة امريكية بعدم حل الازمة السياسية في السودان دون مشاركة المكون العسكري، وبالتالي من المنتظر ان تحدث مقابلاته مع القوى السياسية المختلفة بما فيها طرف الازمة المتنعت المجلس المركزي اختراقاً فعلياً في العملية السياسية بالضغط على المكونات المدنية للوصول الى ارضية توافقية خشية تفاقم الازمات بالخرطوم التي تطيل حالة الاحتقان، مما بات يهدد مصالح الدول العظمى بالاقليم والمنطقة.
وبالمقابل فإن السفير العبيد المروح يرى في حديثه لـ (الانتباهة) ان علاقة تحركات السفير الامريكي بالتحركات التي تقوم بها الاطراف الاقليمية المساندة للحوار تأتي في اطار تعزيز الجهود الدولية بشكل عام، وأضاف قائلاً: (بالفهم العام فإن الولايات المتحدة هي المساهم الاكبر في ميزانية الامم المتحدة وصاحبة التأثير الاكبر فيها بمختلف منظماتها، بما فيها مجلس الامن والتوجهات السياسية للبعثة الاممية التي تم اعتمادها بواسطة اطراف ابرزها واشنطون، وبالتالي الواقع العملي يقول ان الامم المتحدة هي اداة من ادوات السياسة الخارجية الامريكية).
ورفض المروح في افاداته صحة القول بطغيان تحركات جون على جهود الوسيط الاممي فولكر او التنافس بين الرجلين، مشيراً إلى ان المبعوث الاممي موظف لدى دولة السفير، وكذلك التأثير الامريكي في المنظمات الاقليمية لانها تساهم في ميزانياتها وسياساتها الاقليمية.

وانتظم السفير الامريكي منذ وصوله في لقاءات مع اسر الشهداء والقوى السياسية والحركات، آخرها كان لقاء جمع جون مع عضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس الجبهة الثورية د. الهادي ادريس، فضلاً عن التصريحات الملتمس منها حرص الجانب الامريكي على الاسهام في الاسراع بتشكيل حكومة.
السفير العبيد احمد المروح لا يرى ان تحركات السفير فيها خروج عن العرف الدبلوماسي او ما يخالفه، واستفاض المروح وقال: (ان العرف الدبلوماسي ــ حسب طبيعة العلاقات بين اي بلدين ــ ليس فيه ما يمنع السفراء في المجتمع الذي هم جزء منه من عقد لقاءات ليس بالضرورة ان تكون حصرية على الجانب الرسمي وهذا من حيث الشكل، وقد تختلف الحالة من بلد لآخر، وقد تضع وزارة الخارجية قيود على تحركات السفراء سواء في لقاءاتهم خارج السفارات او العواصم).
ويمضي السفير المروح إلى ان واشنطون هي القوة العظمى في العالم وتتحرك من هذا المنطلق، مضيفاً انها تعد نفسها في الحالة السودانية صاحبة المساهمة الاكبر في اسقاط النظام السابق بمحاربتها له لقرابة الثلاثين سنة، واستخدمت كافة اشكال الحرب ضده من الدعم العسكري المباشر للمعارضة السياسية والتضييق الدبلوماسي واستخدام المحكمة الجنائية الدولية والضغط على المنظمات الدولية بعزل نظام الانقاذ دولياً، واردف قائلاً: (الولايات المتحدة الامريكية تريد ان تحوذ على ما يعادل مساهمتها مع الشركاء الآخرين، والسفير الامريكي يعتبر نفسه (سيد حق) ويتحرك وكأنه المالك للنظام الجديد او الفاعل الرئيس، وهذا يؤسف له من معايير السيادة ولكنه الواقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons