السلطات السودانية في طريقها لفرض هيبة الدولة بعد الاحداث المستمرة

يطالب بيان للموقعين على مسار الشرق في مفاوضات جوبا الدولة بفرض هيبتها وحسم جميع مظاهر التفلت التي يصنعها أشخاص معروفون ويدعو البيان السلطات السودانية ممثلة في مجلسي السيادة بالإسراع في حسم الأوضاع في شرق السودان وعدم ترك المجال لصناع الأزمات

والمتفلتين الذين يستغلون أهلنا الذين ظلوا يتعايشون مجتمعيا طيلة الفترة الماضية دون أن نسمع مثل هذه النعرات القبلية التي تسعى لتفتيت النسيج الاجتماعي في شرق السودان الذي

عرف بالتماسك والوحدة. المطالب بفرض هيبة الدولة من السلطات السودانية يقود إلى نتيجة مفادها أن ثمة اختلالا في هذه العملية أو أن الدولة تبدو بلا هيبة وتعيش حالة من السيولة على المستويات كافة.


ببساطة تنتهي حياة الملازم شرطة بدوي يوسف في منطقة (هيا) بشرق السودان فقط لأن الشاب الذي يرتدي لبس الشرطة كتعبير عن حماية وحراسة القانون وجد نفسه في مواجهة

مجموعات متفلتة حاولت اقتحام مبنى لمنتجات نفطية وحين اعترض طريقهم كان خنجر ينغرس في قلبه ويضع نهاية لحياته. كان ما حدث هو التعبير الأبرز عن غياب هيبة الدولة

 مثله ونجاح مجموعة في إغلاق الميناء الرئيسي أمام الحركة وبالطبع إغلاق الطريق الرئيسي الرابط بين بورتسودان والخرطوم. مشهد الشرق كان يتكرر

في مناطق أخرى يخرج فيها المحتجون ويغلقون الشوارع دون أن يكون واضحاً الفرق بين خيط حرية التعبير الرفيع وخيط إثارة الفوضى.

استشهاد  خمسة

في العشرين من شهر سبتمبر كانت الشرطة السودانية تعلن عن استشهاد خمسة أفراد من شرطة الجمارك من بينهم ضابط برتبة ملازم أول خلال مطاردتهم لمهربين بالولاية الشمالية قرب مدينة الدبة وكان طوف من منسوبي مكافحة التهريب بالجمارك

 قد تحرك يومها وفق معلومات مؤكدة، أن هنالك مهربين لأسلحة، فتمت المطاردة للعربة التي تحمل الأسلحة، وفجأة ظهرت عربه أخرى في مسرح الجريمة وأفادت المعلومات أن تبادلا

بالذخيرة الحية قد تم بعد الكمين الذي نصبه المهربون، أسفر عن استشهاد خمسه من منسوبي إدارة مكافحة التهريب بقيادة الملازم أول شرطة “أحمد عمر سلاطين”

وأربعة آخرين هم المساعد شرطة “سيف الدين سليمان” والرقيب شرطة “عمر جبارة البشير” والوكيل عريف شرطة “علي حسين علي عيسى” والجندي شرطة “عبدالله محمود الزين”

أن يوجه مهرب سلاحه في مواجهة شرطي من دون خوف أو وجل يمثل تعبيراً آخر من تعبيرات غياب هيبة الدولة وقدرة حكومتها علة ممارسة سلطاتها داخل الرقعة الجغرافية المعينة.

الخلاصة


تمثل عمليات القتل التي تعرض لها عدد من رجال الشرطة تعبيراً عن حالة تأرجح هيبة السلطة بشكل عام وهو امر يرجعه الكثيرون لمآلات التحول في المشهد السوداني وهو سلوك يعتبر عاديا في ظروف الانتقال السياسي في أي بلاد أو عقب الثورات

وبالإمكان التغلب عليه في حال حدث الانتقال في جهاز الشرطة الذي ينظر اليه كثيرون من خلال عدسة الفترة الماضية وما جرى فيها من تجاوزات لكنه في المقابل يحتاج أيضاً لضرورة وعي الشارع بأهمية رجل الشرطة وبدوره في تحقيق الأمن

 وحفظ السلامة العامة وذلك عبر انتقال طبيعة العلاقة الى علاقة قائمة على أساس الاحترام المتبادل بعيداً عما حدث في بعض الحالات التي حدث فيها احتكاك بين الشرطة وجيل الثورة لكن الأمر هنا قد يتجاوز هذا الأمر الى النظر للاحداث

التي تظهر بين الفينة والأخرى في المناطق البعيدة عن المركز وفي دارفور تحديداً حيث يعتصم الأهالي مع مطالبهم بضرورة أن تحسم مؤسسات الدولة الرسمية نشاط المليشيات التي تمنحهم الخوف والموت.

لكن في المقابل يتمدد السؤال: هل تبدو عملية غياب هيبة الدولة في مجرد عجزها عن فرض سلطاتها باعتبار أن الموضوعي هو احتكارها لأدوات العنف في المجتمع؟ في التداعيات

المتعلقة بالانهيار المتسارع لقيمة العملة الوطنية في البلاد فإن ثمة ما يتوقف عنده وهو التفسيرات المتناقضة التي تم تقديمها للتبرير فالأمر وبحسب وزيرة المالية المكلفة يرجع بشكل رئيسي

للأنشطة الهدامة التي تقوم بها فلول النظام البائد بينما يأتي نائب رئيس المجلس السيادي الفريق حميدتي بتفسير آخر يحدد من خلاله الجهة التي تهدم بأنها هي مؤسسات الدولة نفسها التي قامت بشراء الدولار من السوق الموازي لتغطية عملية دفع

 التعويضات المطلوبة لمغادرة السودان قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو الأمر الذي تسبب في الانخفاض الكبير لقيمة الجنيه السوداني. بالطبع عدم وضوح الرؤية السياسية

وانتهاج الكذب مع الشعب هو أكثر العوامل التي بإمكانها أن تحط من هيبة أي حكومة باعتبارها العنصر الأهم في تكوين الدولة و السلطات السودانية.

بالنسبة للكثيرين فإنه لا يمكن إيجاد أي أثر للدولة في الحراك اليومي بالأسواق التي تشهد حالة انفلات غير مسبوقة في الأسعار وسط غياب تام للوزارات المعنية في الدولة وعلى رأسها وزارة التجارة.


بإمكانك الاستماع لانتقادات عنيفة يوجهها مواطن يقف في أحد الصفوف للحكومة وبالطبع لغيابها عن حسم هذه الفوضى هذا إن لم تكن جزءا من صناعتها من خلال قراراتها