السودان : ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية بسبب عدم الرقابة الحكومية

ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بالتزامن مع شهر رمضان بنسبة (30)% في أسواق ولاية الخرطوم بحسب مواطنين، وارتفع سعر طبق البيض من (700) جنيه إلى ألف جنيه، وجوال السكر من (11) ألف جنيه إلى (13) ألف جنيه. 

ويشكل غياب الرقابة الحكومية دورًا في انفلات الأسواق ورفع الأسعار بشكل مضطرد، ويبرر التجار الزيادات بسعر الصرف الرسمي الذي تم توحيده مع سعر الصرف بالسوق الموازي، حيث ارتفع سعر الدولار من (55) جنيها في شباط/فبراير الماضي إلى (381) جنيهًا، فيما بلغ في السوق الموازي (382) جنيهًا.

أقوال وتصريحات

وذكر عوض بابكر، وهو متعامل في متجر بالسوق المحلي الخرطوم في تصريح له أنه بالإضافة إلى تأثير سعر الصرف على أسعار السلع الاستهلاكية؛ فإن الضرائب الحكومية غير المنظورة وغير المعلنة هي الأخرى شكلت سببًا قويًا لزيادة الأسعار.


وأردف بابكر: “هذا العام ارتفعت الضرائب الحكومية غير المعلنة فيما يتعلق بالتراخيص والإجراءات ورسوم المتاجر والمحلات بنسبة (400)% عما كانت عليه العام الماضي”.

ويضيف قائلًا: “شح الوقود والكهرباء أيضًا من الأسباب الرئيسية لارتفاع الأسعار، وذلك لأننا كنا نشتري الكهرباء العام الماضي شهريًا بقيمة خمسة آلاف جنيه، وحاليًا نشتري ب(15) ألف جنيه”.

وتقول الحكومة الانتقالية إنها بصدد توزيع خمسة دولارات للفرد شهريًا لمقابلة الإصلاحات الاقتصادية التي تجريها استجابة لشروط البنك الدولي لمنح قروض مالية تساعد السودان على بناء مشاريع تنموية.


لكن البرنامج الاجتماعي والذي أطلقت عليه الحكومة الانتقالية “ثمرات” ما يزال بطيئًا. فبينما دشن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك المشروع قبل شهرين بمنطقة الكلاكلة جنوبي العاصمة، إلا أن المكاتب المعنية تعاني من بطء وضعف الإحصائيات المتعلقة بعدد الفقراء ومواقعهم.


من جهتها نددت عضو اللجنة التأسيسية للتحالف الاقتصادي لقوى ثورة كانون الأول/ديسمبر دلال عبد العال، بالسياسات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة عبدالله حمدوك، مشيرة إلى أنها لا تتناسب مع البيئة الاقتصادية السودانية.


وقالت دلال عبد العال في بيان صحفي اليوم السبت وفق ما اطلع عليه “الترا سودان”، إن الأزمات أصبحت طاحنة ومستفحلة شملت الوقود والغاز والخبز والكهرباء والدواء، والارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة وارتفاع مستوى التضخم.


وأشارت إلى تطبيق سياسات لا تناسب البيئة الاقتصادية المحلية، ونوهت إلى أن هذه السياسات معروفة أنها كانت ستقود إلى هذا الوضع المزري جراء خروج الدولة من استيراد السلع الأساسية، وفي مقدمتها الوقود والقمح والدواء، وترك ذلك للقطاع الخاص كما تأمر بذلك روشتة صندوق النقد الدولي، ومن الطبيعي أن تؤدي إلى الشح والندرة وارتفاع الأسعار.


وذكرت دلال عبدالعال أن القطاع الخاص يستورد الوقود بصورة مزاجية وعشوائية وغير مرتبط بجدول زمني محدد، وأحيانًا يمارس الضغوط ضد الحكومة ويحصل على العملات الأجنبية من السوق الموازي.


وأضافت: “من ناحية أخرى فإن سياسة اقتصاد السوق التي تنتهجها الحكومة جعلتها تغض الطرف عن انتشار محلات بيع الوقود على طول الطرق القومية بالبلاد بسعر السوق الأسود، مع خلو المحطات في تلك الطرق من الوقود”.


وتشير دلال عبدالعال إلى أن الحل لمشكلة شح الوقود تكمن في أن تتولى الدولة عبر وزارة المالية استيراد ما يسد الفجوة في الوقود بصورة مباشرة، وذلك عبر عقود مع شركات الدول المنتجة للنفط وهي عقود بالدفع الآجل والميسر وفق جدول زمني متحكم فيه.


ودعت دلال عبدالعزيز الحكومة إلى تطبيق الرقابة الإلكترونية في عملية توزيع الوقود عن طريق التتبع الإلكتروني، وهي عملية بسيطة ومتوفرة في السودان وغير مكلفة إذ تضمن وصول أي شاحنة وقود إلى وجهتها المحددة ثم إحكام الرقابة على المحطات مع منع بيع الوقود في الطرق القومية وإلغاء تلك المحلات البدائية “الرواكيب” وتطبيق عقوبات رادعة على تجار السوق السوداء للوقود.


وأوضحت عبدالعال أن منهج الحكومة القائم على عدم تطبيق مقررات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول وسياسة حشد الموارد الداخلية، هو السبب في كل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
وتضيف عبدالعال: “الحل يكمن في تطبيق سياسة حشد الموارد الداخلية التي وضعها الخبراء الاقتصاديون الوطنيون”.


وحذرت دلال عبدالعال من أن الأزمات ستظل في استفحال مستمر على كل الأصعدة إذا لم تتراجع الحكومة الانتقالية عن سياساتها الاقتصادية بمنح الحرية للقطاع الخاص.