السودان مهدد بتدخل أمريكا سابقا والان مهدد بالسيطرة الأمريكية علي القرار السيادي

أي حكومة في العالم تدرك أنها مستهدفة من الولايات المتحدة وحلفائها، ستكون حمقاء إذا سمحت للمنظمات غير الحكومية الغربية بالعمل بحرية في أراضيها. وعندما قام الرئيس السوداني السابق عمر البشير بطرد 13 منظمة غربية من بلاده ، كان يرد بعقلانية شديدة على التهديدات الأمريكية المكشوفة، والتي تسمى التدخل الإنساني العسكري. وهذا التدخل يتذرع بحجة إنقاذ السودانيين في إقليم دارفور، الذي يعاني ويلات الحرب.

في عهد أوباما، أصبح نهج التدخل العسكري يتمحور بسرعة حول مفهوم مسؤولية الحماية، الذي يتضمن مسؤولية الدول في التدخل قسراً، عندما يتم الحكم على دولة ما بأنها لا ترغب أو عاجزة عن تحمل مسؤولياتها إزاء مواطنيها، وهذه المسؤوليات يمكن تضخيمها أو تضييقها، وتعتبر سوزان رايس ممثلة أمريكا في الأمم المتحدة، وسامانتا باور عضوة مجلس الأمن القومي الأمريكي أبرز المدافعين عن تفسير واسع وأحادي لمبدأ مسؤولية الحماية. والاثنتان مقربتان جداً من الرئيس أوباما، ويمكن النظر إليهما باعتبارهما تعكسان طريقة تفكيره في السياسة الخارجية. كما أن الاثنتين تعاديان حكومة عمر البشير المعزول.

ورايس تحديداً، متلهفة لفرض حظر على الموانئ السودانية، وتدشين غارات انتقائية مختارة على السودان.

من المتشددين ضد السودان، تبرز وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي تتحدث كثيراً عن فرض حظر طيران على دارفور. وهذه هي السياسة نفسها التي اتبعتها أمريكا تجاه العراق في الفترة بين حربي 1991 و2003. والمنطق يقول إن فرص الغزو العسكري وتغيير النظام في السودان هي الأرجح، بناء على نموذج العراق بنفس الطريقة وبنفس الشخصية فولكر.. هل الشعب السوداني لايقرا التاريخ

وقد تفجرت قضية السودان، عندما وجهت المحكمة الجنائية الدولية الى الرئيس المعزول البشير تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهذه التهمة أقل بدرجة من تهم الإبادة. والمحكمة الجنائية الدولية هي مؤسسة يبدو أن قانونها يقتصر على إفريقيا. وكما قالت وكالة أيرين الإخبارية التابعة لمكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: العالم العربي والإفريقي بأكمله تقريباً، يقف مع السودان ضد المحكمة الجنائية الدولية، لأن الدول العربية والإفريقية تنظر للمحكمة الجنائية باعتبارها أداة منحازة ومسيّسة، تستهدف الأفارقة فقط، وتنتهك السيادة.

إن سعي امريكا وبحثها عن ذريعة للتدخل العسكري الانساني والمخابراتي والسيطرة على كل شئ في السودان يتوافق مع اهداف المجموعات العسكرية وبعض المدنيين.

إن التدخل لأغراض إنسانية ومسؤولية الحماية والتحول الديمقراطي كلها مجرد كلمات معسولة وأقنعة لخطط القوى العظمى الامبريالية التي تسعى لزرع بذور الفرقة وزعزعة الاستقرار.. بل تسعي لتمكين رجال ضعفاء حتي تتمكن من القرار السياسي والسيادي.

ولا يمكن لأي دولة مستهدفة، أن تتحمل استضافة منظمات الاغاثة الغربية، التي تعمل على تغذية ماكينات الدعاية والبروباغندا الامبريالية.

مما لا شك فيه، أن أية دولة تعمل ما في وسعها لحماية وحفظ حقها في البقاء، وفي حالة السودان هذا يعني، ان على منظمات الاغاثة الغربية التي يقول السودان، انها عميلة للغرب، أن ترحل. والولايات المتحدة تعلم جيداً أن حملتها لزعزعة استقرار السودان، ستؤدي في النهاية لمثل هذه النتائج تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.