قال وزير الري والموارد المائية في السودان ياسر عباس، إن الاتحاد الإفريقي منحاز إلى حد ما لإثيوبيا بشأن ملف سد النهضة. وذكر الوزير، في بيان، أن “إثيوبيا رفضت مقترح السودان للوساطة الرباعية، بينما وافقت عليه مصر”.
بعد فشل المفاوضات
وجاءت تصريحات الوزير السوداني بعد فشل المفاوضات بين أطراف النزاع في ملف سد النهضة، وتشبُّث كل طرف بمواقفه، إذ تطالب مصر والسودان بتدخل دولي لحل الأزمة، فيما تصر إثيوبيا على حل الخلاف داخل أروقة الاتحاد الإفريقي.
واعتبر وزير الري والموارد المائية السوداني، أن “إثيوبيا تراوغ في الوصول إلى اتفاق، وتعمل على شراء الزمن؛ لتجعل الملء الثاني للسد أمراً واقعاً”.
وأشار إلى أن “إثيوبيا اعترضت على دعوة رئيس مجلس الوزراء، عبدالله حمدوك، إلى قمة ثلاثية لرؤساء الدول الثلاث، وترى أن يُترك الأمر للاتحاد الإفريقي”.
وتابع الوزير السوداني: “الاتحاد الإفريقي منحاز إلى الجانب الإثيوبي إلى حد ما”. وزاد: “لم يلعب الاتحاد الإفريقي دوره القيادي؛ بل اكتفى بدور المراقب فقط”. ومضى عباس قائلاً: “لم تكن هناك منهجية جادة للتفاوض للوصول إلى اتفاق”.
كما أشار إلى أن “الملء الأول لسد النهضة (في يوليو/تموز 2020) دون اتفاق أو إخطار، كان خطوة مفاجئة أثارت الشكوك في النوايا الإثيوبية”.
وأضاف وزير الري السوداني: “وضعنا عدة سيناريوهات وخطط فنية وقانونية وسياسية إذا تم الملء الثاني دون اتفاق قانوني ملزم”.
وأوضح الوزير السوداني أنه “في حال تم الملء الثاني دون اتفاق، فلدينا فِرق قانونية تعمل بمساعدة بعض مكاتب محاماة عالمية، على رفع دعوى قضائية ضد الشركة الإيطالية المنفذة وضد الحكومة الإثيوبية؛ للتعويض عن الأضرار التي ستلحق بالسودان”.
زاد قائلاً: “ندرس أيضاً خيارات أخرى مختلفة، من بينها اللجوء لمحكمة العدل الدولية ومحاكم حقوق الإنسان ومحكمة الكوميسا (السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا)”.
كما قال عباس: “لا نتوقع نشوب حرب بين الدول الثلاث بسبب قضية سد النهضة”. وأوضح أن “الفلسفة الأولى لسد النهضة هي أن يكون أداة تعاون وليس للخلاف”.
ولفت إلى أن “عدم التوصل إلى اتفاق، يمهد الطريق لرفع الأمر إلى مجلس الأمن باعتبار أن سد النهضة يشكل خطراً حقيقياً على السِّلم والأمن الإقليمي”.
في بداية شهر أبريل الجاري، أرسلت إثيوبيا خطاباً رسمياً إلى مصر والسودان يحمل “دعوة” تخص الملء الثاني لسد النهضة، وهو إجراء لم تقْدم عليه أديس أبابا قبل التعبئة الأولى للسد.
الدعوة الإثيوبية جاءت السبت 10 أبريل ، في صورة خطاب رسمي من وزير الري في أديس أبابا، إلى نظيريه المصري والسوداني، يدعوهما إلى “ترشيح شركات مُشغِّلة للسدود، بهدف تبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة”، وذلك بحسب بيان نشرته وزارة الري الإثيوبية بصفحتها الرسمية على فيسبوك.
من جانبها، رفضت مصر العرض الإثيوبي، معتبرةً إياه “غطاء” لتمرير الملء الثاني للسد، وهو الموقف السوداني نفسه.
تحرك أمريكي
مع اقتراب موعد الملء الثاني لبحيرة سد النهضة الإثيوبي أبدت الولايات المتحدة رغبتها في التدخل بشكل أكبر لدفع المفاوضات المتعثرة بين الأطراف الثلاثة السودان ومصر وإثيوبيا.
وأعلنت واشنطن تعيين مبعوث أميركي جديد للقرن الإفريقي، وسط تساؤلات عدة بشأن فرص نجاح الدبلوماسية الأميركية هذه المرة بعد فشل جهودها العام الماضي والتي كادت أن تسفر عن اتفاق ثلاثي انسحبت منه إثيوبيا في اللحظة الأخيرة.
اتصالات مكثفة
وكثفت الخرطوم خلال الساعات الماضية اتصالاتها بالأطراف الدولية من أجل توضيح مخاوفها حيال خطوة الملء الثاني لبحيرة السد بمقدار 13.5 مليار متر مكعب، والتي تعتزم إثيوبيا البدء في تنفيذها خلال الشهرين المقبلين.
والتقى وزير الري السوداني يوم الخميس، بالقائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم، الذي أبدى تفهمه للموقف السوداني ورغبة بلاده في الوصول لاتفاق مرضى لكل الأطراف.
كما التقى عباس بسفير الاتحاد الأوروبي داعيا إلى دعم موقف السودان الرامي إلى تعزيز آلية التفاوض وتوسيع مظلة الوسطاء، والعمل على إقناع أطراف التفاوض للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وقال عباس إن الوقت يمضي دون التوصل لاتفاق قانوني بشأن السد، الذي تبنيه إثيوبيا على بعد 15 كيلومترا من الحدود السودانية بكلفة 5 مليارات دولار وبطاقة تخزينية تقدر بنحو 74 مليار أي 10 أضعاف خزان الروصيرص السوداني، الذي يبعد 100 كيلومترا عن السد الإثيوبي مما يزيد من المخاوف المتعلقة بسلامة السد السوداني في حال عدم وجود اتفاق ملزم يضمن آليات محكمة لتنسيق وتبادل البيانات.
ووفقا لعباس، فإن الخطوات الأحادية الإثيوبية يمكن أن تشكل تهديدا لسلامة المنشآت المائية ومواطنيه وكل الأنشطة الاقتصادية على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي.
الموقف الأميركي
ويرى الباحث والمحلل الإثيوبي موسى شيخو أن تطورات سد النهضة وضعت اهتمام واشنطن بإثيوبيا على المحك، حيث أن هناك شريكا آخر في غاية الأهمية ليس في منطقة القرن الإفريقي ولكن في الشرق الأوسط وهي جمهورية مصر العربية ومصالح واشنطن معها لا تقل أهمية من إثيوبيا بل تفوقها كثيرا.
ويقول شيخو إن الولايات المتحدة حاولت التوفيق بين الأطراف المختلفة في مفاوضات واشنطن العام الماضي، وضغطت باتجاه التوقيع على اتفاق حفاظا على علاقاتها الاستراتيجية مع كل من مصر وإثيوبيا ولكن اتهام إثيوبيا للولايات المتحدة بالانحياز لمصر ورفضها التوقيع على الاتفاق جعل الإدارة الأميركية الحالية تراجع حساباتها وتسلك نهجا محايدا للطرفين وهذا ما يفسر عدم تطرق مستشار الأمن القومي الأميركي لمسألة توسيع مظلة الوساطات لأنه لم يكن مقترحات أمريكا من الأساس.