السودان ظلّ يتعرّض لضغطٍ كبيرٍ طيلة الفترة السابقة منذ قيام الثورة في أبريل 2019م، بل ظل التدخل الأجنبي في جزء من صناعة التغيير الذي تم في السودان، حتى إن سفير بريطانيا السابق صديق عرفان يتحدث جهاراً على ذلك، بل د. حمدوك جاء إلى رئاسة الوزارة الانتقالية في السودان محمولاً على أكتاف التدخل الخارجي، بل ظل د. حمدوك متواجداً قراراً وسياسة في الخارج أكثر من القرار والسياسة الوطنية، بل جاء ببعثة اممية على البند السادس خلسة دون معرفة وإرادة الشعب السوداني حتى مجلس السيادة لم يكن على علم، بل قيل إن الطلب كتبه السفير عرفان وأمضاه د. حمدوك!!!!
بل ظلّت قحت الحرية والتغيير المركزي تتنفس من الأنبوب الخارجي، وأدخلت السودان الوطني الى غرفة إنعاش بكورونا خارجية وحتى الاوكسجين في غرفة العناية المركزة خارجي، وظلت الحرية والتغيير تُعادي المكون العسكري بعنف، لاعتقادهم أن العالم الغربي يُعادي العسكر ويقف الى جانبهم، بل حتى أغلب وزراء قحت في حكومتي حمدوك الأولى والثانية حملة جنسيات مزدوجة!
إذن دولة السودان طيلة حكم الثلاث السنوات السابقة تُدار من الخارج قراراً وسياسة وقانوناً، بل يكاد أن يختفي القرار الوطني والسيادة الوطنية حتى إن بعض السفراء الغربيين في السودان يتحرّكون ويتدخّلون في امور الدولة السودانية وكأنما الدولة السودانية تحت التاج البريطاني أو النرويجي، بل هنالك حركة ضد السودان مصلحة وحكماً من سفيري بريطانيا والنرويج، بل حتى رئيس بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم كان كثير التدخل في الشأن السوداني.
حل الوفد الأمريكي الخرطوم وتدافع حوله بعض قيادات قحت المجلس المركزي، حتى قال خالد سلك إنهم طلبوا منه الضغط على العساكر!!!
ولكن حسب علمي، إن الوفد جاء يحمل مُوجِّهات واضحة ومختلفة مما تظن وتأمل قحت المجلس المركزي، وكذلك احزاب اليسار، لأنهم لا يدركون أن القرار الأمريكي لا تأخذه السلطة التنفيذية، ولكن القرار الامريكي الخارجي يصنع لدى اجهزة المخابرات الأمريكية، واجهزة المخابرات تتحسّب للموقف الأمني، وامن الولايات المتحدة وامريكا لا يهمها الأيديولوجيا أو الديمقراطية، ولذلك اتفق الوفد الأمريكي مع الرئيس البرهان على ما جاء في بيانه في الثورة التصحيحية في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م.. وعلى النقاط الآتية:
١/ تكوين حكومة كفاءات وطنية غير حزبية على رأسها رئيس وزراء مستقل
٢/ وفاق وطني لا يستثني أحداً إلا المؤتمر الوطني ولحين
٣/ فترة انتقالية محددة تعقبها انتخابات عامة
٤/ تعديل الوثيقة الدستورية لتغطي هذه القضايا الثلاث واخرى نسكت عنها في الوقت الراهن
٥/ العمل على استقرار السودان امنياً لتستقر المنطقة الإقليمية وتوقف الهجرة غير الشرعية العابرة للحدود، وان لا ينتشر الإرهاب العالمي لأن افريقيا ارض خصبة في ذلك والسودان في موقع أهم.
وفعلاً اخذ الوفد الامريكي علماً بأن هذه المظاهرات التي تتم مصنوعة، تعبر عن اقل من واحد في المائة!! وإن التسعة وتسعين في المائة من السودانيين الصامتين والساكتين قد بدأوا التحرك وأحسوا بأهمية ان يتحركوا ليصححوا الوضع على الشارع وعلى مرافق الدولة وعلى صناع القرار والسياسة، بل حتى الأيديولوجيا المحمولة من الخارج ليست الشرعية ولا حتى شرعية الشارع ولا الثورية، ولكن الشرعية الانتخابية عبر الصندوق هي الشرعية الديمقراطية.
ان الاصوات العالية والاعلام الوسائطي او الاعلام المفخخ لا يعني ان الشارع مملوك لهذه الجهات التي تقوم بذلك!!!
أمريكا ليست دولة عواطف وهي دولة مؤسسات ولها مصالحها ودائماً مصالحها مع الأقوى،
واعتقد ان ثلاثة امور سوف تقوم:
١/ حراك جماهيري كبير يسند المؤسسة العسكرية وينادي بانتخابات مبكرة للوصول الى الشرعية الانتخابية
٢/ ضغط شعبي على بعض السفارات التي تهدد القرار الوطني والسيادة الوطنية والمطالبة الشعبية بكف هؤلاء السفراء من التدخل في الشأن الداخلي السوداني او المطالبة بأن هؤلاء السفراء غير مرغوب فيهم بما في ذلك رئيس البعثة الأممية (فولكر بيرتس )
٣/ الضعظ لقيام الانتخابات مع رفع كروت الأمن الدولي، بل حتى المظاهرات المصنوعة التي تحولت من مليونيات الى الفئات ثم الى مئات الآن والتذمر الشديد من المواطنين السودانيين الذين تضررت مصالحهم وخاصة اهل الحرف والمهن والعمالة المؤقتة، وقضية التتريس والمظاهرات التي اوقفت الحياة العامة، وان الحركة الثورية التي تحوّلت من سلمية الى غير ذلك، بل صارت تهدد الأمن القومي، خاصة وان هنالك من يظن ان الحركات المسلحة غير الموقعة على السلام في ذلك.
عليه، اعتقد ان غداً في السودان ليس كالأمس، ولذلك اعتقد، مطلوب من الحزبيين الذين يحركون المظاهرات أن يعيدوا النظر.
أما الشباب الوطنيون غير الحزبيين عليهم الحركة من مربع الحزبيين في هذه المظاهرات الى المربع الآخر، لأن تغييراً كبيراً سيحدث، وغداً لناظره قريب.