أعلن السودان امس السبت ، عن كشف أثري جديد ، شمالي البلاد ، يعود للقرن الأول الميلادي. وقالت وكالة السودان للأنباء ـ سونا ، إن بعثة المتحف الوطني التشيكي ، بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية ، تمكنت من تحديد كشف أثري جديد ، بموقع ود بانقا ، يرجع تاريخه إلى القرن الأول الميلادي، في معبد الالهه إيزيس.
و تم العثور على مذبح مزخرف من الأعلى ، والأطراف الأربعة ، إضافة إلى قاعدتين لتمثالين في قدس الأقداس , كما تم العثور على قاعدة أخرى لتمثال مزين بتمثالين صغيرين لإله الأسد ابيدماك.
أهمية الكشف الأثري:
وقال مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية، حاتم النور محمد سعيد ، في تصريح لسونا ، إن هذا الاكتشاف يمثل تطوراً في تاريخ الكشف الأثري في الموقع ، والذي بدأ في نهاية الخمسينات من القرن الماضي ، بواسطة أول مدير سوداني للآثار ، البروفيسور ثابت حسن ثابت.
وأضاف سعيد ، أن هيئة الآثار ، ستعمل باستمرار من أجل اكتشاف مدخرات السودان في مجال السياحة ، حتى يكون السودان جاذب سياحياً لكل دول العالم ، مطالباً الدولة بضرورة توفير الدعم اللازم .
من جانبه ، قال الخبير التشيكي في مجال الآثار رئيس البعثة الاثرية للسودان ، بافل دان داركا ، إن الجهود ستستمر من اجل اكتشاف آثار السودان.
وأشار إلى أنه موجود في البلاد منذ عام ٢٠٠٩ ، لافتاً إلى أنه من المتوقع ، اكتشاف مزيد من الآثار خلال الفترة المقبلة.
وتنشط في شمالي ، البلاد سياحة أثرية محدودة ، نسبة لضعف البنية التحتية ، لكن البحث عن الآثار لم يتوقف على مدى عقود.
الحضارات القديمة في السودان:
ويعد السودان ، مهداً للحضارات القديمة ، في أفريقيا ، إلى جانب مصر وبلاد الحبشة (إثيوبيا) حالياً . ونشأت في السودان عدة ممالك ، ما قبل الميلاد وبعده ، بينها مملكتي كوش ومروي.
وتقف عشرات الأهرامات والآثار القديمة ، شمالي البلاد ، شاهداً على حضارة بدأت منذ آلاف السنين.
ويرى كثير من السودانيين ، أن بلادهم أقدم رقعة في العالم عرفت الحياة ، لكن مختصين يشيرون إلى وجود تزامن ما بين الحضارة السودانية والمصرية ، واليونانية وفي المشرق العربي.
ففي شمال السودان قرب الحدود مع مصر، تمتد أرض صحراوية شاسعة وحارة تكاد فيها الألوان تختفي بين زرقة السماء وصفرة الرمال، ولا يقطعها سوى وادي النيل الضيق والأراضي السهلية الخضراء المحيطة به، لكنها كانت قبل ما يقرب من 5000 عام موطناً لحضارة قديمة مبهرة في السودان.
كان هذا الجزء من وادي النيل ذات يوم موطنًا لحضارة أفريقية قوية وغنية تسمى “كوش“، تداولت الذهب واعتمدت على التجارة بين مصر وبلدان البحر المتوسط شمالاً ومدن الصحراء الأفريقية جنوباً، وكانت أيضاً قوة عظمى في المنطقة، ووصلت إلى أقصى حد لها عندما غزت مصر وحكمتها تحت اسم “الأسرة الـ25” من نحو عام 725 إلى 653 قبل الميلاد، حتى طردهم الآشوريون إلى منطقة النوبة.
واعتبرت كوش حضارة أفريقية سودانية لأكثر من ألفي عام، وكانت في بدايتها متمركزة في نبتة (كريمة الحالية بالسودان)، وفي السنوات من ٣٠٠ قبل الميلاد إلى ٣٠٠ بعد الميلاد حكمت كوش من العاصمة مروي، حتى تفككت وضعفت بسبب التمردات الداخلية، واستولت عليها مملكة أكسوم الحبشية.
وفي الموقع الذي كان قديماً مدينة مروي عاصمة مملكة كوش توجد العديد من الأهرامات بارتفاعات متفاوتة ومقبرة ملكية عريقة تعرضت على يد اللصوص الأوروبيين للكثير من أعمال التخريب، وإلى الغرب هناك المدينة الملكية التي تضم أنقاض قصر ومعبد وحمام ملكي. يتميز كل مبنى بهندسة معمارية مستوحاة من الأذواق الزخرفية المحلية والمصرية واليونانية والرومانية، وهذا دليل على روابط مروي العالمية