أوروبا تدرك اخيرا ان الملف الليبي مهم جدا ، فأوروبا التي كانت تولي اهتماما كبير بموضوع الهجرة غير الشرعية ظلت تنظر إلى ليبيا كبوابة يجب اغلاقها لوقف الزحف البشري الغير مسبوق منذ عصور تجارة الرقيق تجاه قارة اوروبا.
وظل تأطير ليبيا في هذا الاطار دون الالتفات لمخاطر أخرى هو ما فتح الباب مشرعا امام قوى اقليمية ودولية لتتخذ من الأرض الليبية مرتعا لها، فتوغلت تركيا بزعامة أو ردغان وانشأت قاعدة عسكرية تركية في غرب ليبيا لتبسط هيمنتها على المنطقة.
في الوقت الذي لم تنجح فيها مساع دول اقليمية كثيرة مثل السعودية والامارات ومصر في اعادة الاستقرار والهدوء، وان كانت هناك بعض الاتهامات لهذه الدول بان مساعيها تحمل في ثناياها أجندة ايدولوجية واقتصادية.
انتبهت دول اوروبا ان استمرار تزايد النفوذ التركي في ليبيا سيشكل خطرا على مصالحها في المنطقة وسوف يهدد العمق الجيو سياسي للقارة العجوز وهو ما دفع فرنسا لاتهام تركيا بارتكاب اعمال عدائية وانشطة مشبوهة في البحر الأبيض المتوسط، بعد تعرض سفينة فرنسية للمضايقة الأسبوع الماضي.
كما ان ايطاليا باتت تعيد حساباتها بشأن تحالفها مع تركيا، اذ لا يخفى على أحد ان لإيطاليا مصالح اقتصادية وتاريخية مع ليبيا، وهو ما دفع روما للتنسيق مع أثينا في بعض القضايا المتعلقة بليبيا، كما اتفقا على اعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين واتفاقا كذلك على التنسيق العسكري البحري.
كما اعادة روما النظر في علاقتها بأنقرة وذلك من خلال تعليق زيارة وزيرة الخارجية الايطالي الى تركيا إلى اجل غير مسمى، ربما لإعداد ملفات جديدة وشروط تدفع تركيا لسحب قواتها من ليبيا تناقش لاحقا مع الادارة التركية.
تركيا الان تقف وحيدة بلا مناصرين بعد خشى المجتمع الدولي من تمدد نفوذها وتضارب مصالحها في العمق الليبي، وهو الأمر الذي سوف يدفع أنقرة عاجلا أم اجلا بالانسحاب من الأراضي الليبية.
أن المشهد الليبي تعقد كثيرا بسبب كثرة الفاعلين واللاعبين الأجانب اقليميا ودوليا وهو ما يستوجب تدخلا امميا يعيد الأمور الى نصابها بإخراج كل القوات الأجنبية من الأرض الليبية ومن ثم حث الأطراف المتقاتلة لتوقيع اتفاق وقف اطلاق النار وطرح الحل السياسي كمشروع قومي لليبيا، وبوصفة البديل الوحيد لإدارة الأزمة الليبية.