أبيي منطقة سودانية ، حصلت على وضع خاص ضمن اتفاقية السلام الشامل ، بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان ، كانت تابعة لولاية غرب كردفان ، التي تم حلها بعد توقيع اتفاق السلام ، سكانها مزيج من قبائل المسيرية العربية والزنوج، واصبحت تبعية هذه المنطقة الغنية بالنفط محل نزاع بين الحكومة والحركة الشعبية ، ولأبيي تاريخ طويل من النزاعات، بدأ منذ استقلال السودان في عام 1965، إذ وضعت المنطقة ضمن حدود شمال السودان، فيما رأى الجنوب كإقليم، أنه يجب إبقائها ضمن حدوده، بحجة أنها تاريخياً تتبع لإقليم بحر الغزال (إقليم في جنوب السودان)، وأنّ الاستعمار الإنكليزي اختار ضمّها إلى الشمال فقط من أجل تقريب المسافات الإدارية. لكنّ الشمال رفض ذلك، معتمداً على الحدود التي رُسمت بعد الاستقلال، أساساً لترسيم أي حدود ، واصبحت هناك معارك ضارية دارت بين الطرفين ، في العامين 2008 و2011 في أبيي، انتهت بقرار من مجلس الأمن بنشر قوات دولية قوامها 4500 جندي في المنطقة، و لا تزال تتولى مهمة حفظ الأمن وحماية المدنيين هناك.يمكننا القول إن جذور المشكلة ترجع إلى عهد الاستعمار الإنجليزي للسودان، فقد قامت الإدارة البريطانية في أواخر الثلاثينات بإجراء استفتاء لدينكا نقوك بزعامة (كوال أروب) وأعطته الخيار إذا كان يريد الانضمام إلى الجنوب أو الاستمرار في الشمال وأن يبقى تابعاً لمجلس ريفي المسيرية، وقد قامت الإدارة البريطانية بحشد عدد كبير من سلاطين الدينكا بعد أن عقدت معهم سلسلة من الاجتماعات السرية، وطلبت منهم إقناع (كوال أروب) بخيار الانضمام إلى بحر الغزال والتخلي عن الشمال.تكررت محاولات الإدارة البريطانية وبذلت مجهوداً كبيراً لإقناع زعماء دينكا نقوك بالتخلي عن الشمال والانضمام إلى الجنوب، ولكن محاولاتها فشلت. وفي عام 1943م مات السلطان كوال أروب وخلفه ابنه السلطان (دينق مجوك)، وأثناء الاستعداد لمؤتمر جوبا عام 1943م، التقى مفتش المركز البريطاني بالسلطان (دينق مجوك) وطلب منه التخلي عن التبعية لكردفان مقابل امتيازات ومخصصات كبيرة بضمانات من الإدارة البريطانية في الانضمام لبحر الغزال، إلا أن السلطان (دينق مجوك) أيضاً رفض هذا العرض وقرر البقاء في الشمال. والراجح أن الإنجليز لم يكونوا حريصين في ذلك الوقت على ضم منطقة أبيي لبحر الغزال أو بقائها في كردفان بقدر ما كان قصدهم إيجاد حالة من القطيعة بين أهل الوطن الواحد وإشعار كلا الطرفين أنه غير الآخر، مما يوجد حالة من الاضطراب والضغائن يمكن استغلالها في الوقت المناسب، والإنجليز مشهورون بمثل هذه الأساليب الخبيثة.هذه هي جذور مشكلة أبيي وتطوراتها، ويظهر من خلالها مدى المكر والخبث لدى الكفار المستعمرين الذين لا تهمهم إلا مصالحهم، وكيف أن الإنجليز هم من بذر بذرتها، وأن الأميركيين بعد ذلك تلقفوها وساروا فيها بنفس الخطة التي رسمها الإنجليز مع الفارق في الأدوات (العملاء)، ولكن جميعهم متفقون على تفتيت السودان من أجل إضعافه ونهب ثرواته، وقبل ذلك كله سلخ السودان عن محيطه الإسلامي، وأن هذا الهدف مخطط له منذ أمد بعيد ،فتاتي المعالجات من الغرب بدخول قواتهم في المنطقة وإخلاء السكان الأصليين منها ونهب ثرواتها بحجة الدفاع عن المنطقة