بعد أكثر من عشرين عامًا قرَّر الغرب إخراج السودان من زاوية الدول المارقة وتحويله إلى شريك ومن ثم الي مستعمرة.
لقد شارك السودان بالفعل في حرب اليمن تحت قيادة المملكة العربية السعودية بسبب حاجته الماسة للعملات الأجنبية. وبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أيضًا في الأيَّام الأخيرة من فترة ولايته رفع العقوبات – المفروضة منذ عشرين عامًا على السودان – في غضون ستة أشهر اعتبارًا من الثاني عشر من تموز/يوليو 2017، بات بإمكان حكومة الرئيس البشير أن تتنفس الصعداء.
إنَّ الوعود برفع العقوبات وكذلك إمكانية التطبيع، الذي يمكن أن يرافقه استئناف التعاون الإنمائي واستثمارات ومساعدات مالية، تمثِّل فرصة بإمكان الغرب أن يستغلها ولتمرير أجندته الخبيث الاستعمارية.
السودان…عامل استقرار في منطقة غنية بالاضطرابات
وحاليًا تنظر الولايات المتَّحدة الأمريكية وأوروبا إلى السودان كشريك استراتيجي في منطقة مزقتها الصراعات وتمتد بين ليبيا والبحر الأحمر والقرن الأفريقي. وعلى سبيل المثال لقد قامت أجهزة الاستخبارات السودانية بإبلاغ الولايات المتَّحدة الأمريكية عن نشاطات الجماعات الجهادية الممتدة من الصومال إلى نيجيريا.
وبالنسبة للأوروبيين يحظى موقع السودان الاستراتيجي باعتباره منطقة عبور للاجئين والمهاجرين القادمين من القرن الأفريقي بأهمية كبيرة، خاصةً بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من الإريتريين، الذين يصلون عبر ما يُعرف باسم طريق وسط البحر الأبيض المتوسط من خلال ليبيا إلى إيطاليا
من المفارقات العجيبة أنَّ السودان يعتبر – على الرغم من الصراعات الداخلية – عامل استقرار في منطقة غنية بالاضطرابات والأزمات الكبرى والصراعات على السلطة والخلافات. وعلى هذا النحو يعتبر السودان بمثابة عازل مهم بين مستخدمَيْ مياه النيل المتعاديَيْن: مصر وإثيوبيا، وهو كذلك الوسيط الإقليمي الوحيد المحتمل بين العدوين اللدودين إريتريا وإثيوبيا..مع وجود حكومة ضعيفة تدين بولائها الي الغرب هذه فرصة يستخدمها الغرب في تنفيذ أجندته وأهدافهم طويل المدي ومنها السيطرة الكاملة علي السودان.
السودان شريك غير مثالي إطلاقا تحت هذه الظروف
ما من شكِّ في الأهمية الإقليمية والدولية التي يمثلها السودان. لكن مع ذلك فإنَّ الشركاء والمراقبين الغربيين لا يزالون يختلفون في آرائهم حول ما إذا كان يمكن وينبغي التعاون مع الحكومة السودانية وضمن أي موضوعات. وذلك لأنَّ السودان لا يزال بعيدًا كلَّ البعد عن أن يكون شريكًا مثاليًا هم فقط يريدون تابع وليس شريكا .. عميل ينفذ أجندته ولا تبادل منافع وخبرات.
الزيارات المتعددة والسريع في هذه الأيام توحي بأن الغرب فقط يريد السيطرة على السودان اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا..تريد أن تمكن الجيش من الحكم دون انتخابات وتريد تنفذ أجندتها دون مراعات حقوق الشعب السودان وعكس إرادته .. في ظل تواجد السفارات الغربية وخاصة الأمريكية لا يحلم السودان بالديمقراطية.