القومة للسودان.. تضع الحكومة الانتقالية أمام أصعب إمتحان!!.

الكاتب : عماد الدين ميرغني

في الأمس الأول؛ وفي تمام الساعة الثامنة مساءً، تم نشر خطاب السيد رئيس الوزراء؛ الدكتور عبدالله حمدوك، والذي ناشد فيه شعب للتعاون معه في حملة “القومة للسودان”.

 كأحد الإجراءات التي من المفترض أن يتم من خلالها حل الأزمة الإقتصادية الحالية في ظل الظرف الراهن.

حملة وجدت قبولاً وإقبالاً كبيراً من الشعب فور إنتهاء الخطاب، وصل هذا الإقبال إلى تبرع ما يزيد عن 40 ألف مساهم في الحملة.

 بجملة نقدية تجاوزت 30 مليون جنيه سوداني في حصيلة 24 ساعة من نشر خطاب السيد رئيس الوزراء؛ بحسب الموقع الرسمي للحملة؛ وما زالت الأرقام تسير في ازدياد.

الالتفاف

والحقيقة أن هذه الحملة أظهرت مدى الإلتفاف الكبير الذي ما زال يتمتع به السيد رئيس الوزراء وحكومته الإنتقالية.

 رغم وجود حملة إنتقادات واسعة على تعثرات هذه الحكومة في ظل الظرف الراهن، والصعوبات التي تواجهها في تنفيذ العديد من القرارات في سبيل حل الأزمات الراهنة.

هذا الإلتفاف يكمن في شعور المواطن بقيمته المتمثلة في صوته الذي بات له اعتبار كبير؛ بعد عام من إنتفاضته ضد النظام السابق والتي وصلت إلى اعتصام القيادة العامة في السادس من أبريل العام الماضي، وهو الاعتصام الذي أسقط نظام الدكتاتور عمر البشير.

عمر الحكومة

والمعلوم أن عمر الحكومة الإنتقالية منذ تشكيلها وحتى الآن هو 8 أشهر، وما زالت السلطة التشريعية قيد الإنتظار إلى حين إكمال إتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة.

 والتعديل في بعض بنود الفترة الإنتقالية لدخول منسوبي هذه الحركات بشكل فاعل في الفترة الإنتقالية، ودخول المناطق المتأثرة بالحروب تحت رعاية الدولة.

ويتفهم الكثير من أبناء هذا الشعب الذي ثار في وجه النظام السابق حجم التحديات التي تواجهها هذه الدولة؛ والمتمثل أغلبها في تركات النظام البائد.

وبعضها تدخل ضمن عملية إعادة هيكلة للدولة ونظامها الإداري، وهو السبب الذي جعل الحكومة الإنتقالية محل ثقة هذا الشعب.

الوضع الراهن

ولكن؛ وبقراءة الوضع الراهن؛ وفي ظل الأزمة التي ما زالت متفاقمة والتي ضاق منها الشعب، فإن هذه الحملة قد تمثل سلاح ذو حدين للحكومة الإنتقالية في ظل هذه الأوضاع.

هذا الأمر يتمثل في خطوة الشعب الفعلية بقيامه بالمساهمة النقدية في الحملة، وهو بمثابة خطوة عملية في تجديد الثقة في الحكومة الإنتقالية رغم تعثراتها في إدارة الدولة.

 وهو ما يمنحها الفرصة لإعادة ترتيب أوراقها والمضي في تقديم حلول عملية وفعّالة تقدم خطوات ملموسة على مستوى الإقتصاد.

لكن على الجانب الآخر، أي تعثر للحكومة بعد هذه الحملة سيكون بالتأكيد خصماً عليها في مقبل الأيام.

لا قبول لاي تعثر

 إذ أن الكثير من أبناء هذا الشعب سيتخذ لن يرضوا بأي تعثر جديد يؤدي إلى فشل الحكومة الإنتقالية في طريق تصحيحها للأوضاع الراهنة.

والحقيقة تتمثل في أن هذه الحملة تضع السيد رئيس الوزراء وحكومته في إمتحان صعب ومعقد؛ ومتشعب بين عدة أمور تحتاج لحلول عبقرية للخروج إلى بر الأمان على المستوى الإقتصادي تحديداً.

أولها؛ زيادة وتيرة الإنتاج والتصدير لتوفير كتلة نقدية ضخمة من العملة الصعبة في البنك المركزي، في سبيل دعم العملة المحلية.

ثانياً؛ إتساع رقعة الإنتاج على المستوى الجغرافي، بدخول مناطق أخرى ضمن المساهمة في رفع وتيرة الإنتاج بمواردها المتوفرة، وبالطريقة التي تساهم في تحقيق الإستقرار بشكل حقيقي وملموس.

ثالثا؛ ومن وحي الجدل الدائر في مواقع التواصل بين بعض المطلعين في مجال الاقتصاد.

 فإنه من الضروري أن تتسع رقعة ريادة الأعمال متمثلة في قيام كيانات فاعلة بالتوازي مع نشاط الدولة، على أن تتداخل المصالح بين كل الأطراف بما فيها الدولة، وهو ما يساهم في إصلاح ونمو الإقتصاد في السودان.

رابعاً؛ بالتزامن مع حزمة الإجراءات الإقتصادية التي من المفترض أن تتخذها الدولة، لابد من زيادة دخل الفرد لدى الكثير من الشرائح في سبيل تحقيق الموازنة بشكل عملي وفعّال بالنسبة للفرد السوداني.

وما يجعل الإمتحان صعباً على هذه الحكومة؛ هو الظرف الراهن الذي يكبل نشاط العالم، بكارثة إنتشار فيروس كورونا، فلولا وجود هذا الفيروس؛

لكان للسودان في الوقت الحالي خطوات جادة في فتح مجالات التمويل من الخارج لدعم الإقتصاد السوداني، وقد يكون هو الطريق الأقصر لهذه الحكومة لإيجاد حلول إسعافية للإقتصاد.

ولكن على ما يبدو أن الطريق الذي يُفتح الآن أمام الحكومة في ظل الأزمة العالمية؛ هو طريق الإعتماد على موارد الدولة وإنتاجها وإعادة هيكلة للإقتصاد، وهو حل سيكون طويل الأمد.

وفي هذه الحالة؛ قد يجد السيد رئيس الوزراء نفسه أمام مواجهة الشعب لتوضيح حقيقة هذه الخطوة، وهو يدرك هذا الأمر جيداً كما صرّح به في تسجيل له في أيام النظام السابق؛

بعد رفضه لمنصب وزير الإقتصاد، وطالب حكومة النظام السابق باتخاذ خطوة جادة في سبيل إعادة الهيكلة للإقتصاد ومصارحة الشعب بالأمر.

لكن وقتها كانت هذه المطالبة متأخرة للغاية في ظل إنهيار النظام البائد بالصراعات الداخلية التي حدثت والتي أنتجت هذه الأزمة التي ما زال الشعب يعيشها حتى الآن.

والخلاصة؛ القومة للسودان تضع الحكومة أمام أصعب إمتحان!!.