فتحت النيابة العمومية تحقيقا ضد أعلى مسؤولين قضائيين في تونس، في شبهات فساد مالي وتلاعب بملفات الاغتيالات السياسية وشبهات الجرائم التي تتعلق بقضايا إرهابية شهدتها تونس خلال السنوات الماضية، وهو ما أعاد مسألة استقلالية القضاء إلى صدارة النقاشات.
وبدأت القصة، بعد تسريب وثائق خطيرة وهي عبارة عن مراسلات صادرة عن الطيب راشد رئيس محكمة التعقيب وهي أعلى وظيفة في سلك القضاء والبشير العكرمي وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية وموجهة إلى التفقدية العامة بوزارة العدل ولوزير العدل وللمجلس الأعلى للقضاء، تضمنت اتهامات متبادلة بين الطرفين، فضحت تلاعبا بالملفات القضائية وسوء استخدام السلطة القضائية وتوظيفها لتحقيق إثراء غير مشروع.
واتهم الطيب راشد في مراسلته البشير العكرمي بـ”التلاعب بملف اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013″، وقال إنه اكتشف عند تكليفه من قبل وزير العدل بمراجعة ملفيهما، أن “العكرمي لم يقم باعتماد شهادة الإرهابي عامر البلعزي الذي اعترف بإتلاف السلاحين الناريين اللذين تم استعمالهما في عمليتي الاغتيال كما تم إخفاء محاضر البحث المتعلقة به”، مضيفا أن “الأبحاث لم تتضمن ما يفيد بإجراء الاختبارات الفنية اللازمة بخصوص حاسوبين تم حجزهما في علاقة بعمليتي الاغتيال”.
التستر علي الجرائم الإرهابية
ومن الاتهامات الخطيرة الأخرى التي وجهها الطيب راشد للبشير العكرمي، “استغلاله صفة الضابطة العدلية والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقطب القضائي الاقتصادي والمالي بحكم إشرافه القانوني على تلك الهياكل لضرب كل من يصنفه عدوا له، والانحراف بهذه الهياكل في مهامها الأصلية في كشف الحقائق” واتهمه أيضا بـ”تلفيق التهم لخصومه، والتستر على الجرائم الإرهابية من خلال إغلاق الملفات رغم ثبوت الصبغة الإرهابية لبعض الأفعال“.
في المقابل، اتهم البشير العكرمي في مراسلته الطيب راشد، بالتورط في شبهات فساد مالي وإثراء غير مشروع، وبالحصول على رشاوى مكنته من تضخيم ثروته خلال الفترة الأخيرة، موضحا أنه “قام بشراء عدة عقارات في المدة الأخيرة وأنه تعمد التنصيص على أثمان غير حقيقية لها وعلى أنه هناك شبهة قوية لاستعماله شخصا كواجهة لشراء العقارات التي تتجاوز قيمتها 6 أو 7 مليارات“.
واعتبر العكرمي أنه “من غير المقبول أن يكون صاحب أهم وظيفة في جهاز القضاء متورطا في الفساد”، داعيا إلى رفع الحصانة عنه، مشيرا إلى أن لراشد “مسؤولية ثقيلة في عدد من القرارات التعقيبية التي صدرت خلال جلسات 9 أوت 2019 و16 أوت 2019 و23 اوت 2019 والقاضية بالنقض دون إحالة”، مشددا على أنه “شاب هذه القرارات فساد بكل الأوجه“.