انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الخوف من الإسلام السياسي بما يسميه البعض فوبيا الإسلاميين، فوبيا يعني الخوف من الإسلام بشكل غير مبرر مما يؤدي إلى اتخاذ مواقف عدائية تجاه الإسلام والمسلمين دون مبرر حقيقي أو واقعي.
وللأسف هذا الخوف نابع من أعداء الإسلام لكنهم قاموا بتصديره لبعض أبناء المسلمين، تحت ستار أن الإسلاميين حينما يأتون إلى السلطة عبر الانتخابات سيحبطون كل مخططاتهم.
ولعلنا هنا نتساءل لماذا ينتصر الإسلاميون في الانتخابات؟ والإجابة هي أن الشعوب أدركت أنه لا حل إلا بالديمقراطية، وهي لغة المرحلة، فلما قبل الإسلاميون بالديمقراطية اختارهم الناس، فزحف الإسلاميون إلى عروش السلطة في الدول المجاورة والقريبة التي فتحت فيها صناديق الاقتراع الشعبي: في مصر، وتونس، والمغرب، وتركيا.
وما حدث في الربيع العربي هو أن أسود الشعوب العربية تسلقت القفص، وأصبحت الشعوب الثائرة قوة موازية، ولها ثقلها، وقلب الإسلاميون الواقع السياسي في المنطقة رأساً على عقب.
والواقع يقول إن انتصار الإسلاميين في الانتخابات في دول الربيع العربي يعود إلى تشوق رجل الشارع إلى الإسلام والشريعة، وحب الشعوب العربية وانتمائها لمن يرفع شعار الإسلام والشريعة.
انتصروا في مصر لأن شعارهم كان هو (الإسلام هو الحل) ورغم كل الاتهامات التي واجهوها من العلمانيين والليبراليين والليبروإسلاميين بسبب هذا الشعار، إلا أن الإخوان المسلمين لم يتخلوا عنه لأنه روحهم النابض.
لكن فوبيا الإسلاميين عادت من جديد للسيطرة على كنترول القرار الصهيوني المتحكم دولياً في مصائر الشعوب، فبعد مجيء الإخوان في مصر، وفي ظل وجود حماس في فلسطين والإسلاميين في ليبيا وتونس والسودان، بدأت حملة العزل الإخواني من المحيط إلى الخليج.
وسبق الهجمة الخليجية على الإسلاميين بإيعاز خارجي وفق نظرية فوبيا الإسلام حملات تضييق واسعة على الإسلاميين في مصر وفلسطين ومن قبل الجزائر، والآن في السودان يكاد ذات السيناريو يتكرر.
جبهة الإنقاذ الإسلامية فازت في انتخابات الجزائر عام في يناير 1992م وهي انتخابات شهد على نزاهتها القاصي والداني ، وكررت ذات الفوز حماس في فلسطين عام 2006م والإخوان في مصر عام 2012م، كل هذه النتائج لم تشفع للإسلاميين بالبقاء في السلطة رغم أنهم جاءوا إليها بأمر الشعب وصناديق الاقتراع.
إذا كان دعاة الديمقراطية والحرية يخشون من جاءت بهم صناديق الاقتراع والانتخابات ، بـ(دعاوى زائفة) و(مزايدات سياسية) و(عهر فكري) فكيف بربكم يتمشدقون بقيم الانتخابات والحريات والديمقراطية ونحو ذلك..!!
إنهم يريدون من الإسلاميين أن يأتوا إلى السلطة عبر الانقلاب والبأس الشديد حتى يحترمهم الجميع ولا يريدون لهم ممارسة حقهم السياسي الذي تكفله لهم كل القوانين!!!
لماذا الخوف من الإسلام ؟ أو ليس لأنه الحل وأنه صالح لكل زمان ومكان متى ما طُبق على الوجه الذي جاء به؟
الواقع يقول إن البعض قد يأتي بأفعال لا تشبه الإسلام ولا المسلمين في شيء ، لكن لا ينبغي محاكمة كل المسلمين والإسلاميين بأفعال هؤلاء القوم التي يتبرأ منها الإسلام براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
أعجبني فيما مضى الرد المحترم للرئيس التركي المحترم رجب طيب أردوغان وهو يرد بعنف على المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في احد الملتقيات الدولية حين دعت خلال حديثها لمحاربة بما أسمته إرهاب المسلمين..
أردوغان أجابها بكل صرامة أنه كمسلم ورئيس لجمهورية مسلمة لا يرضى أن يقرن الإرهاب بالإسلام لأن الإسلام يعني السلام ، الذي هو عكس الارهاب .
في اعتقادي أن الخوف من عودة الإسلاميين الي المشهد السوداني ، هو خوف سياسي ليس إلا..