الأوضاع السياسية في السودان تمر بمنعرج غاية في الخطورة بعد تفجر الخلافات داخل مكونات قوى اعلان الحرية والتغيير من جهة وبين قوى التغيير والجبهة الثورية من جهة أخرى مما يهدد التوصل لاتفاق سلام في السودان.
ازمات سياسية وإقتصادية
و في ظل استفحال الازمة الاقتصادية التي شابت البلاد لا سيما في الأشهر الستة الأخيرة، من نقص جاد في الوقود والخبز وغاز الطهي، اذ ورثت حكومة الفترة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء د/ عبدالله حمدوك دولة تفتقر لأبسط المعينات الضرورية .
وفي ظل الازمة الاقتصادية تواجه الحكومة الانتقالية ازمة أخرى وهي الأزمة السياسية وفشل التوصل لاتفاق سلام مع قوى الكفاح المسلح حتى هذه اللحظة، وما يزيد الأمر سوء هي الخلافات التي نشبت داخل مكونات قوى الحرية والتغيير الشريك الأساسي في الحكومة.
الأمة يهدد بتعليق عضويته
اذ برزت الخلافات إلى السطح بعد الاعلان عن المصفوفة السياسية الخاصة بإكمال هياكل الفترة الانتقالية بتعيين ولاة الولايات، وهنا اتهمت بعض القوى داخل الحرية والتغيير مكونات أخرى بتعمد الإقصاء وعدم الشفافية في اختيار الولاة، فقرر حزب الأمة ( أحد أكبر الأحزاب داخل كتلة التغيير ) بتجميد عضويته إلى أجل غير مسمى، وهو ما يوضح حجم الخلافات الكبيرة ويهدد مسار الفترة الانتقالية برمته.
وفي هذا الصدد يقول الخبير في العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية دكتور محمد علي تورشين من جنيف : ” ان الخلافات بين مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير وقعت منذ ان نكثت العهود والمواثيق مع الجبهة الثورية السودانية، وتنكرت علي قوى الهامش السوداني وكتفت الثورة التي انتصرت بعزيمة شباب ونساء السودان وانحياز القوات المسلحة لخيار الشعب لمصالح ذاتية.
اتهامات متبادلة
ويضيف الخبير السياسي تورشين” عادت الخلافات من جديد للعلن بصورة قبيحة بعد طرح مصفوفة بين اضلاع المثلث الحاكم ( مجلسا السيادة والوزراء قوى اعلان الحرية والتغيير)والتي بموجبها حددت تعيين حكام الولايات وتشكيل المجلس التشريعي الأمر الذي ادى إلي تبادل الاتهامات ووجهت الجبهة الثورية السودانية تحذيرات شديدة اللهجة للحرية والتغيير واتهامها صراحة بالسعي لتعطيل جهود السلام التي يقودها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو والتي شارفت على نهايتها”.
غياب الارادة السياسية
وتأتي هذه الخلافات في وقت عصيب على المواطن السوداني ، خاصة الشباب الذين قادوا ثورة ديسمبر ومهروا طريق التغيير بالدم والدموع حتى زالوا نظام الجبهة الاسلامية، آملين في تغيير الواقع السياسي والاقتصادي الى الافضل، لكن ما نراه الآن هي مجموعة احزاب وساسة حادوا عن طريق الثورة وهموا بإقصاء قوى الهامش .
ما تقوم به قوى الحرية والتغيير هو أبعد ما يكون عن مطالب الثورة بل هو إثبات صريح على تقديم المصلحة الخاصة فوق مصلحة الوطن، فالسودان الان يحتاج إلى الإرادة الصادقة وتقديم التنازلات من أجل العبور لا للصراعات والمناكفات من أجل السلطة.