أخبار ساخنةأهم الأخبارالأزمة السودانيةالسياسية العربيةالوطن العربي والعالممقالات الرأي

بعد عام من السقوط الثورة مستمرة!!.

الكاتب : عماد الدين ميرغني

ها هي الذكرى الأولى على سقوط النظام البائد، والجميع يستحضر تفاصيل ما حدث من ذلك اليوم، إبتداءً من ذلك التسريب للأنباء عن الإنقلاب الذي حدث من داخل اللجنة الأمنية على الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير.

 وحتى إذاعة عوض إبن عوف للبيان، وتزايد وتيرة الغضب بسبب ذلك البيان الهزيل الذي لم يرقَ لتطلعات الشعب الذي انتفض أربعة أشهر وصولاً لاعتصام القيادة العامة لإسقاط الدكتاتور.

والآن بعد عام من السقوط؛ الواقع مغاير لكل من كان يتواجد في لحظة السقوط في اعتصام القيادة العامة.

 والذي يتحدث بكل صراحة عن شعوره في تلك اللحظات، لا يخفي تلك الأشياء التي كان يمني نفسه بها، المتمثلة في إنفراج الأزمة، ومحاسبة رموز النظام البائد.

بعد عام

الكنداكة تبكي يوم السقوط

ولا ينكر أحد في مصارحته أن سقف الطموحات كان عالياً وقت السقوط، وأنه من الممكن خلال عام واحد أن تتحقق أشياء كثيرة، لكن الواقع الآن يعكس مدى سوء الحالة التي يعيشها  الشعب السوداني.

فالأزمة قد ازدادت أكثر بدلاً من الإنفراج، إلى الدرجة التي بدأت فيها بعض الأصوات التي تطالب بإسقاط الحكومة الإنتقالية الحالية.

ولكن وبطبيعة الحال، فإن تركة النظام البائد ثقيلة للغاية. فالبشير وعُصبته من العسكر وبعض الإسلاميين تسببوا في إنهيار نظام الدولة ومؤسساتها، وذلك بعد 30 عاماً من التمكين.

يمكننا القول بأن المهمة الحالية ثقيلة وتحتاج إلى الصبر والمثاربة والعمل بشكل جاد لتطبيق الإسعاف المناسب لاقتصاد الدولة المنهار، هذا بجانب بعض المسائل ذات الأولوية القصوى، والتي تتقدمها ملف السلام مع كافة الحركات المسلحة.

لا ينكر أحد أن الحكومة الإنتقالية لديها أخطاءها في اتخاذ بعض القرارات، والتي تغلب عليها قلة التجربة للمنظومة التي تترأس إدارة الدولة في الوقت الحالي، لكن منسوبي النظام البائد ما زالوا يعملون جاهداً لعرقلة مسار الفترة الإنتقالية.

تفكيك التمكين

 في الوقت الذي تعمل فيه الدولة بكل جد بمسلك القانون في تفكيك كيان النظام البائد؛ سواء عبر لجنة إزالة التمكين، أو عبر محاكمة رموز النظام البائد.

والمعلوم أن مسلك القانون متشعب وبه الكثير من التعقيدات التي تأخذ الكثير من الوقت للوصول إلى الهدف المراد إثباته؛ وهو تورط كل فرد ممن ساهموا في تفشي الفساد الذي أدى لانهيار هذه الدولة.

ما زال سقف الطموحات عالياً لدى الكثير من أفراد الشعب فيما يخص مطالب الإصلاح ومطالب محاكمة رموز النظام البائد في ظل الوضع الراهن، وبدأت الأصوات التي تتحدث عن إخفاقات الحكومة الإنتقالية؛ تعلو شيئاً فشيئاً.

لكن حقيقة الأمر تكمن في أن بعض المؤشرات التي بدأت تظهر للعيان فيما يخص هذه المطالب.

محاكمة البشير

محاسبة الرئيس المخلوع

أولها محاكمة المخلوع عمر البشير، حيث ثبتت تهمته بالفساد المالي، وظهر في الأيام القليلة الماضية فشل الإستئناف في تبرئته أو حتى تخفيف العقوبة عليه في هذه التهمة على أقل تقدير.

كما أن قضية إنقلاب 30 يونيو الذي أتى بالنظام البائد على سدة الحكم ما زالت قيد التحقيق، وقائمة الإتهامات ما زالت تتزايد شيئاً فشيئا.

 ما يعني أن السلطات المعنية بمحاسبة ومحاكمة رموز النظام البائد تعمل في الوقت الحالي على تحقيق هذا المطلب الثوري بالقانون.

مصادرة وحل المنظومات

ثائر يبكي

وعلى جانب آخر؛ فإن لجنة تفكيك التمكين هي الأخرى إستطاعت أن تفرض نفسها بانتزاع الكثير من ممتلكات النظام البائد التي تحصل عليها بسياسات الفساد.

 آخرها بالقرار الذي صدر بحل منظمة الدعوة الإسلامية ومصادرة كل ممتلكاته وإرجاعها لخزينة الدولة مرة أخرى، وما زال الطريق طويل عبر القانون لاسترداد بقية الممتلكات التي نهبها النظام البائد من موارد هذه الدولة.

أما فيما يخص الإقتصاد السوداني، فما زالت الأزمة متفاقمة على مستوى الإحتياجات الأساسية، فما زال محطات الوقود مزدحمة بالصفوف الطويلة، وما زالت أزمة الخبر مستشرية هي الأخرى.

 والحديث عن الدعم ما زال هو الشغل الشاغل وقضية الساعة في الشارع السوداني.

الحصاد

حصاد القمح في السودان

لكن على الجانب الآخر؛ فقد إنفجر الحصاد الزراعي في كل حدبٍ وصوب بكميات كبيرة، خصوصاً القمح الذي تزايد حصاده خلال الفترة الأخيرة، بجانب نشاط تصدير الذهب.

ما يتبقى هو كيفية الإدارة السليمة لهذه الموارد بحيث تستمر في تزايد مستمر خلال الفترات القادمة.

 بتلك الطرق التي تقوم بتنشيط السوق على نطاق واسع من المتنافسين على تلك الأنشطة التي تساعد على رفع وتيرة الإنتاج والتصدير لجلب العملة الصعبة وتزايد كتلته في خزينة الدولة.

والحقيقة تكمن في أن الإقتصاد تحديداً حتى وإن احتاج إلى خطة إسعافية بهدف الوصول إلى الإستقرار، لكن لا مفر من عملية إعادة الهيكلة للإقتصاد، وهو ما يتم بخطة طويلة الأمد لتحقيق الإنتعاش الإقتصادي وتحقيق الرفاه للمواطنين.

إذن هذه المؤشرات تدعونا جميعاً لإعادة التفكير والنظر بشأن المستقبل بعد فترة لم تتجاوز 9 أشهر للحكومة الحالية.

 والأهم من ذلك هو النضج في التعامل مع الموقف واتخاذ القرارات للعبور إلى بر الأمان وتفادي الإنزلاق إلى مستنقع الفوضى التي من الممكن أن تودي بهذه الدولة للهلاك.

وهذا النضج لابد من أن يظهر في كافة مؤسسات الدولة؛ بما فيها المؤسسات العسكرية، بجانب قوى الحرية والتغيير التحالف الحاكم في الوقت الحالي، والشعب السوداني الذي ثار على النظام البائد.

الثورة مستمرة

بكاء طفلة يوم سقوط البشيرالبكاء يوم سقوط البشير

إذ لا منطق في التفكير للعبور إلى بر الأمان عبر إسقاط الحكومة الحالية كما يطالب البعض، وهو الوتر الذي يلعب عليه منسوبي النظام البائد في الوقت الحالي؛ خصوصاً في مواقع التواصل الإجتماعي.

 وسقوط الحكومة الحالية يعني الإنتقال إلى مصير ضبابي للغاية؛ لا أحد يعلم ما سيحدث فيه غير الفوضى ومزيد من سفك الدماء والأضرار الجسيمة التي ستحدث في هذا المصير تحديداً.

كل هذه المعطيات تدل على أن الثورة لم تنتهِ بعد، وهو أمر طبيعي في ظل الإنهيار الذي حدث للنظام في العهد البائد.

 وأن الأمر يتطلب المواصلة في ترقب إدارة المشهد من قِبل السلطة الإنتقالية وتحالف الحرية والتغيير الحاكم في الوقت الحالي، في طريق بناء هذه الدولة وإعادة تأسيسها من جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons