الحركات المسلحة منذ أن تاسست تعيش على النهب والقتل وتجارة المخدرات وهذه حقيقة معروفة وليس سرا، وهي المتهم الاول في نشر المخدرات في الهامش الذي قالت إنها حملت السلاح من أجل إنقاذه، وحتى في الدول المجاورة له، وقد اشتهرت بتصدير البنقو لدول الجوار وتستورد بدلا عنه السلاح، وفي عام 2008 اتهمتها حكومة المخلوع بدعم١ وإيواء تجار المخدرات والمتاجرة فيها لتمويل عملياتهم الحربية وهذه حقيقة، رغم أن النظام المخلوع نفسه يتاجر في المخدرات، ولكنه لم يقدم نفسه مناضل من أجل احد مثل الحركات التي تدعي النضال من أجل المهمشين، وهي عاجزة أن تدعم نفسها من العمل الشريف وما اكثره واوفره، ولكن حدود تفكيرها وقيمها واخلاقها يجعلها لا ترى غير الطرق غير الشرعية وعلى رأسها المتاجرة في المخدرات التي تدر عليها أموال خيالية.
يوم الخميس الماضي الموافق21 يوليو ذكرت صحيفة (الانتباهة) ان جمارك المطار حجزت (12) كرتونة بداخلها نحو (252) الف حبة مخدرة قادمة من اسرائيل مرسلة لأحدى الحركات المسلحة، وهناك تفاصيل أخرى كثيرة في القصية تؤكد أن متاجرة الحركات المسلحة في المخدرات انتقل من (الهامش) الى الخرطوم بل هو توسعت فيه ليشمل الخرطوم، الاغرب من هذا ذكرت نفس الصحيفة المتابعة للقضية، أن الحركة المعنية ارسلت خطابا طالبت سلطات الجمارك بتسليمها المخدرات لأنها استوردتها من أجل التدريب، ولكم أن تتخيلوا غباء التبرير، ولا تستغربوا إن قبلت السلطات تبريرها أو جاءتها أوامر من فوق بتسليم الشحنة.
الغريبة لم تخرج السلطات الرسمية وتوضح ملابسات الجريمة، حتى بعد أن خرجت للإعلام وأصبحت حديث المجالس وموضوع رأي عام، رغم انها في الظروف العادية حين يكون المجرم من عامة الشعب تخرج علينا ببيان طويل تحكي فيه عن بطولتها وهي تهدد وتتوعد تجار المخدرات، وأعتقد انكم لاحظتم الفرق في ردة الفعل.
الذي ادهشني هو قوة عين الحركة التي لم تنكر الشحنة وتتبرأ منها كما تفعل اعتى العصابات في العالم، ويبدو أنها على ثقة تامة ان السلطات ستسلمهم الشحنة وإن قست عليها السلطات ستصادرها دون محاكمة احد، فقد ذكرت صحيفة الانتباهة انه سبق وان وصلت شحنات مماثلة من اسرائيل، الا ان الجمارك ظلت تقوم بحجزها واتخاذ الاجراءات القانونية بشأنها، ولم تذكر الشرطة هذا الإنجاز العظيم كما تفعل مع المواطنين من غير المنتمين للحركات، عموما هذه هي الحركات المسلحة لمن لا يعرفها، فهي في الأصل مجموعة عصابات حملت السلاح ضد نظام عصابة البشير، ولم تسطيع هزيمته حتى أسقطه الشعب وعادت بأمر ثورة ديسمبر، ولأنها عصابات بالفطرة لم تسطيع الالتزام بخط الثورة فوقعت اتفاق موازي تحت (الطربيزة)مع من يشبهونها جعلها تكتسب من الثقة ما يجعلها تستورد الممنوعات عبر مطار الخرطوم.
خلاصة القول الحركات المسلحة كلها دون استثناء لا يمكنها أبدا ان تعيش بشرف ونزاهة وتساهم في بناء السودان، فهي مثل الكيزان ادمنت الاجرام والحرام حتى بعد ثورة ديسمبر التي منحتها فرصة التطهر والتوبة، ولكن كما يقال (مرمي الله ما بترفع).