تعقيدات تواجه تصريحات حمدوك عبر طرح خطه طريق جديده

يواجه المشهد السوداني المزيد من التعقيدات في ظل حالة التشرذم والانقسامات التي تعصف بأقطاب السلطة الانتقالية، وفي محاولة من قبله لحلحلة العقد الموجودة طرح رئيس الوزراء عبدالله حمدوك مبادرة هي أشبه بخارطة طريق، لكن يبدو أن النتائج المترتبة عنها كانت عكسية.الخرطوم – طفت على السطح خلافات جديدة بين مكونات تحالف قوى الحرية والتغيير بعد إعلان “نداء السودان” الأربعاء تجميد عضويته في المجلس المركزي للتحالف ابتداء من الثلاثاء المقبل دون أن يذكر أسبابا واضحة لهذه الخطوة.وتنبع أهمية الخطوة من الدور المهم الذي تمثله قوى نداء السودان داخل منظومة الحرية والتغيير، كما تضاف إلى خطوات أخرى تتفاعل في الشارع السوداني، بما يؤثر على مستقبل الحكومة التي لم تخف تململها من تطورات قد تمنعها من تحقيق أهدافها. وظهرت بوادر أزمة بين المكونين المدني والعسكري في السودان الثلاثاء حيث استفاض رئيس الحكومة عبدالله حمدوك في الحديث عن انقسامات داخل المكون العسكري وخطورتها على وحدة بلاده، وهو نفس المنطلق الذي اتخذه العسكريون لتوجيه انتقادات عديدة للمكون المدني واتهامه بالتفرغ لمشاكله الداخلية دون أن يتوحد في مجابهة أزمات الانتقال الديمقراطي.وطرح حمدوك مبادرة لدعم قضايا الانتقال والتحول الديمقراطي واستكمال السلام في السودان سلطت الضوء على أهمية توحيد الكتلة الانتقالية وتحقيق أكبر إجماع ممكن داخلها حول مهام الانتقال، وطالب بوضع جدول زمني متفق عليه للوصول إلى تشكيل جيش وطني واحد مهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة. وليد علي: السبب وراء المبادرة يعود إلى صراع داخل المكون العسكري وأخذت الخلافات التي ظهرت للعلن بين الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو (حمديتي) بشأن رفض الأخير دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة حيزاً من التلميحات التي تضمنها خطاب حمدوك الذي أعلن فيه مبادرته، واعتبر أن عملية الدمج تتطلب توافقا بين قيادة القوات المسلحة والدعم السريع والحكومة للوصول إلى خارطة طريق تخاطب القضية بكل أبعادها.ويرى مراقبون أن الخطاب الذي حظي برضاء كافة قوى الثورة وأعلنت دعمها له قد يقود إلى صراع حاد بين المكونين المدني والعسكري، وأن إفساح المجال أمام قوى مدنية لكي تحدد طريقة دمج الجيوش لن يحظى بقبول داخل الجيش.وذهب هؤلاء للتأكيد على أن الحديث عن النشاط الاقتصادي للجيش والمطالبة بحصره في الصناعات ذات الطبيعة العسكرية لن يحظى بقبوله، وكانت هذه أبرز عوامل الخلاف بين الطرفين في الفترة الماضية مع اشتداد الأزمة الاقتصادية.وقال المتحدث باسم تجمع المهنيين وليد علي لـ”العرب” إن السبب الرئيسي وراء المبادرة يعود إلى بروز صراع داخل المكون العسكري وتزامنه مع تشرذم القاعدة التي تتكئ عليها الحكومة ممثلة في قوى الحرية والتغيير، وفشل الحاضنة السياسية التي جرت صناعتها باسم “مجلس شركاء الفترة الانتقالية”. وأضاف أن حمدوك لم يعرض مبادرته على تجمع المهنيين مثلما فعل مع كثير من القوى السياسية قبل طرحها، لكن ما جاء فيها من بنود تحمل حلولاً منطقية للأوضاع الراهنة وتصلح لتكون خارطة طريق جديدة لتوحيد قوى الثورة.وأشار إلى أن الرجل أقدم على طرح المبادرة بعد أن فقد جزءا كبيرا من مصداقيته لدى الشارع ما يجعل القوى السياسية تتشكك في إمكانية نجاحها.ويحاول حمدوك العودة إلى القاعدة الثورية التي انطلق منها وحظي من خلالها بدعم شعبي واسع في بداية الفترة الانتقالية، وهو أمر لن يكون سهلاً بعد أن انخرط في تحالفات عديدة مع المكون العسكري طيلة العامين الماضيين، ونفضُ يده من هذا التقارب له ثمن قد يدفعه سياسيا في ظل تضارب مشاريع الوصول إلى السلطة بين المدنيين والعسكريين.خلافات جديدة طفت على السطح بين مكونات تحالف قوى الحرية والتغيير بعد إعلان “نداء السودان” الأربعاء تجميد عضويته في المجلس المركزي للتحالفويرى متابعون أن حديث حمدوك عن تعدد مراكز اتخاذ القرار في السلطة التنفيذية يعني أنه أضحى غير قادر على تمرير رؤية المكون المدني في عدة قرارات، على رأسها اتخاذ مواقف من المفاوضات الجارية مع الحركة الشعبية شمال جناح عبدالعزيز الحلو، ويبدو كشخص يستنجد بالقوى السياسية والشعبية لإنقاذه من الموقف الحالي، لأنه أضحى هناك متغير جديد يتمثل في وجود سلطتي قرار داخل المكون العسكري بعد تصاعد حدة الخلافات بين البرهان وحميدتي.وأكد أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات الدولية بالخرطوم الرشيد محمد إبراهيم أن الاعتراف بالمشكلات بحثاً عن حلول لها أمر مطلوب نظريا، لكن من ناحية المكون العسكري فهو ينظر إليها باعتبارها تحمل إشارات سلبية حيث تضمنت انتقادات له، ولا يستطيع أحد التعرف على الطريقة التي فهم بها العسكريون المبادرة.وأوضح في تصريح خاص لـ”العرب” أن المبادرة جاءت قبل أيام من تصعيد متوقع حدوثه مع حلول ذكرى 30 يونيو التي أدت إلى صعود نظام الرئيس السابق عمر البشير، ويمكن أن تؤدي عملية الاستقطاب الحالية إلى مواجهة بين المكونين المدني والعسكري.ويتعزز هذا الاتجاه في ظل تحميل حمدوك المكون العسكري مسؤولية الفشل من دون أن يجد حلا تفصيليا للمشكلات القائمة، حيث تحدث عن قرارات عامة تواجه صعوبة في تنفيذها على الأرض.ولفت الرشيد إلى أن المبادرة مطلوبة من حيث الشكل لإنهاء حالة الانقسام الذي يسود الجميع في الوقت الحالي، غير أنها جاءت من شخص يمتلك كل السلطات بحسب الوثيقة الدستورية لكنه لا يستطيع تنفيذ ما تحدث عنه من حلول، وأن توسيع المشاركة الشعبية والسياسية في إيجاد الحلول عملية مطلوبة، مع ضرورة أن يكون ذلك مبنيا على قاعدة توافقية وليست متعارضة.