نوقع بعض الخبراء ضلوع أياد خارجية في عمليات الاغتيالات في ليبيا إذ تثير تلك الأحداث التي تطال بشكل شبه يومي قيادات مسلحة شرقا وغربا تساؤلات حول طبيعة هذه الاستهدافات وآثارها على الأرض وسط توقعات بتدخل أياد أجنبية لـ“تنظيف“ ليبيا وإعدادها لمرحلة إعادة الإعمار وفق مراقبين.
عمليات متلاحقة:
وكانت آخر تلك الاغتيالات تلك التي طالت اليوم الإثنين محمد دامونة القيادي السابق في الحرس الرئاسي الليبي وأحد اهم قيادات ميليشيا ”لواء الصمود“ التي يقودها المطلوب الدولي والمحلي صلاح بادي أحد أمراء الحرب في ليبيا.
وقبل ذلك بساعات تم اغتيال أسامة ميلود كوكو القيادي بميليشيات ”الخضراوي“ بعد أن فتح مسلحون مجهولون نيران بنادقهم الآلية عليه في وسط مدينة الزاوية غرب البلاد، وفي المدينة ذاتها اغتيل أيضا قبل أيام محمد باكير بالطريقة نفسها، إضافة إلى عمليات قتل أخرى طالت سالم سنبل في مدينة العجيلات غرب البلاد وأخرى طالت وليد كشيدان في طرابلس الغرب أيضا.
أما في شرق البلاد فقد اعترضت 3 سيارات دفع رباعي يستقلها مسلحون مجهولون سيارة النقيب محمود الورفلي القيادي بقوات الصاعقة والمطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب والقيام بإعدامات ميدانية لسجناء قبل أن يفتحوا نيران بنادقهم عليه ويردوه قتيلا قبل خمسة أيام.
اغتيالات تخدم التسويات:
وتعليقا على تلك الاغتيالات، قال مسؤول أمني ليبي إن ”المخابرات الأجنبية وراء ما يحدث في البلد“ وأوضح المسؤول الأمني الليبي الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ“إرم نيوز“ أن ”كل ما يحدث في البلاد هو في إطار التسويات التي أقبلت عليها ليبيا“.
وأضاف المسؤول الليبي أن ”هناك العديد من الشخصيات المثيرة للجدل داخل ليبيا التي يشكل وجودها تهديدا للتسويات السياسية والعسكرية التي جرت وتجري بين الفرقاء الليبيين وهم أيضا يشكلون خطرا على الحكومة الموحدة الجديدة التي أوكلت لها مهمة إجراء مصالحة وطنية في البلاد كمهمة أولى إضافة إلى إجراء وفاق سياسي وعسكري شامل، والمجتمع الدولي يرى كذلك أن تلك الشخصيات لا بد وأن تختفي من المشهد تماما“.
دفع الفواتير:
من جانبه، طرح علي ناجي القداري الخبير الأمني رأيا مشابها وقال لـ“إرم نيوز“ إن ”الأوان قد حان بالنسبة للمجتمع الدولي لإنهاء حالة الانفلات الأمني في ليبيا ليجني الثمار“.
وعن مصلحة المجتمع الدولي في ذلك أوضح الخبير الأمني الليبي أنّ ”الاقتصاد هو كلمة السر ومربط الفرس، فالشركات العملاقة متعددة الجنسيات هي من تتحكم وتصنع السياسيات في كل العالم وهي المتضرر الأكبر من تأزم الوضع الأمني في ليبيا، لذلك هي التي ضغطت على حكوماتها بشكل خاص والمجتمع الدولي بشكل عام لإنهاء جميع مظاهر التسلح الخارج عن سلطة الدولة“.
وبحسب القداري فإنّ ”ذلك الضغط سيترجم إما باغتيال قياديين مثيرين للجدل أو بسجن تلك القيادات وهكذا تتبع باقي القيادات غير المنضبطة مبدأ الأمان فإما ستهرب خارج البلاد وهو أمر مستبعد، لأن معظم أمراء الحرب في ليبيا مطلوبون دوليا وممنوعون من السفر أو تتراجع عن المشهد تماما خوفا على سلامتها“.
وأوضح ناجي القداري المقيم خارج ليبيا أنّ البلاد ”مقبله على عملية إعادة إعمار والشركات الدولية العملاقة هي التي ستقوم بذلك الإعمار وبالتالي فإنّ وجود قياديين مسلحين غير منضبطين مثيرين للقلاقل أمر يخيف تلك الشركات من القدوم إلى ليبيا“.
وأشار الخبير الليبي إلى أن ”معظم الدول الكبرى دفعت مليارات في ليبيا سواء لمساندة طرف في حربه على طرف أو كمساعدات إغاثية وغيرها وهي الآن تريد اقتسام كعكة ليبيا وجني أتعابها وهو أمر آخر يعجل بنية المجتمع الدولي للسعي لاستتباب الأمور“.
ورأى أن ”ما يجري لم يطل قياديين عسكريين من طرف واحد فقط أو مدينة واحدة فقط، بل يطال جميع الأطراف على حد سواء وهو ما يدل على أن ما جرى بفعل يد خارجية وليست محلية“.