يبدو ان المشهد السياسي في البلاد ليس بعيداً عن حافة الانهيار، اذ ان جميع الملامح لحل الازمة السودانية اختفت ولم يعد هناك امل لحسم ما اعتبره خبراء فوضى سياسية، الا ان البعض يتنبأ بقرارات جديدة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان من شأنها ان تعيد البلاد إلى حالة الاستقرار السياسي، ففي اي الاتجاهات ستمضي هذه القرارت واي التوقعات تصيب؟
قرارات مفصلية
في وقت ينتظر فيه توصل القوى السياسية المدنية إلى صيغة توافيقة عقب انسحاب الجيش من العملية السياسية في البلاد واتاحة الفرصة أمام المدنيين للتحاور فيما بينهم، تتسع بالمقابل وتمتد رقعة الخلاف بين القوى المدنية المختلفة حول عملية الانتقال المتعثرة، لتذهب التوقعات الى اصدار البرهان قرارات حاسمة. وخلال اغسطس الماضي حملت مصادر توقعات باصدار رئيس مجلس السيادة قرارات مفصلية حال عدم توصل القوى السياسية لاتفاق ينهي الأزمة في البلاد، ونقلت المصادر أن قرارات البرهان المرتقبة تتمثل في تشكيل حكومة تصريف أعمال جديدة، فضلاً عن إعلان مبكر للاستعداد للانتخابات وفقاً للمدة المحددة مسبقًا، وأوضحت أن القرارات قد تأتي نتيجة لانتهاء المهلة التي منحها البرهان للقوى السياسية من أجل التوافق لتسليمها السلطة.
في غصون أيام
وكان البرهان قبلها قد ألقى بالكرة في ملعب القوى السياسية، معلناً عن خروج المؤسسة العسكرية من الحوار الذي كانت تقوده الآلية الثلاثية (الاتحاد الإفريقي، إيقاد وبعثة الأمم المتحدة ــ يونيتامس)، ورهن عملية الاستقرار بتوافق القوى على ان يتبع ذلك حل مجلس السيادة بعد تشكيل حكومة وطنية، ولكن لم يعقب تلك القرارات امر جديد ولم تستطع القوى تجميع نفسها والاتفاق بالشكل المطلوب.
وتجدد الحديث عن قرارات جديدة لرئيس مجلس السيادة، ووفقاً لتوقعات للقيادي بمجموعة التوافق الوطني أحمد موسى، فإن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان سوف يصدر قرارات مهمة في غضون الأيام المقبلة قبل أو عقب زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، وقال موسى بحسب ما وضحه في مقابلة مع الصحيفة أمس، أن الآلية الوطنية ستقوم بالتنسيق مع الآلية الثلاثية حول القضايا التي تمت مناقشتها.
وفي تعليقه على الامر يقول المحلل السياسي ابراهيم ناصر ان الوضع السوداني شائك جداً، واثار حالة من القلق لدى كثير من الاطراف الداخلية قبل أن يمتد ليصل الاطراف الخارجية التي تتابع الوضع بصورة قلقة، سيما أن الوضع الاقليمي بصورة عامة يعاني من الاضطراب، فضلاً عن ان الحالة الامنية مأزومة في كثير من الدول خاصة تشاد واثيوبيا، ويعتبر في حديثه لـ (الانتباهة) أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لاحداث حالة من الاستقرار حتى وان كان نسبياً، لأن السودان بموقعه الجغرافي يمثل رقعة مهمة، وهذه الأهمية تجعل القوى الدولية تراقب الوضع وتحث الاطراف على ان تكون هناك حالة من الوفاق بحيث يتجاوز السودان هذه المرحلة المأزومة، وتابع قائلاً: (بشأن قضية الدستور فإن جميع القوى متوافقة حول المسودة التي طرحتها نقابة المحامين بما فيها المؤسسة العسكرية، غير ان البرهان في حالة تجاذب بين القوى السياسية، فمجموعة التوافق الوطني لديها مواقف واضحة تجاه مجموعة الحرية والتغيير المجلس المركزي، واعتقد أن البرهان وصل لقناعة بضرورة التوافق، وان لم يحدث التوافق فلا بد من اتخاذ قرارات حاسمة).
ويتوقع ناصر ان يكون تشكيل الحكومة هو القرار المتوقع والاقرب على عكس اقامة انتخابات باعتبارها الخيار الابعد، وأضاف قائلاً: (وكون البرهان تأخر في قرار تشكيل الحكومة بسبب القوة التي تمتعت بها مجموعة المجلس المركزي، فإن القرار المرتقب هو تشكيل حكومة تمثل فيها جميع الاطراف ويتجاوز من خلالها السودان هذه المرحلة الصعبة، وتابع قائلاً: (البرهان كسب حالة من الثقة عقب تسلمه اوراق اعتماد السفير الامريكي، وهذه الخطوة اعطت المجموعات السياسية الأخرى المناهضة للمؤسسة العسكرية والبرهان نفسه انطباعاً بأن امريكا ليست بعيدة عن حكومة الأمر الواقع التي فرضها البرهان والتعامل معها ليس شراً مستطيراً، لذلك فإن البرهان شعر بشيء من الراحة، وحتى المكونات السياسية المعارضة بشدة وصلت إلى مقاربة جعلتها تعمل بشيء من اللين، لأن السيطرة على الشارع لم تعد من طرف القوة المناهضة). واكمل قائلاً: (ان القوى السياسية وصلت لحالة من الاستياء واليأس بعد الخطوة الامريكية بارسال سفير للسودان، ولقناعة كافية بأن تشكيل الحكومة ضرورة بحيث تسير الامور بطريقة سلسلة وتهيأ الاوضاع لمرحلة انتقالية جديدة، دون ان يكون هناك اختطاف لاي ملف، وحتى ملف السلام المختطف ينبغي اعادته إلى مساره الصحيح حتى يحقق حالة من التوافق بين القوى السياسية، ويكون هناك سلام من جميع النواحي وأهمها الأمنية).