رفض الرئيس التونسي قيس سعيد الإمضاء على التعديلات التي أدخلها البرلمان على قانون المحكمة الدستورية، وعلّل ذلك بجملة من الحجج القانونية أهمها المتصلة بالآجال الدستورية، وهو ما يفتح صراعا قانونيا ودستوريا في تونس يضاف إلى الأزمة السياسية القائمة بين رؤوس السلطة، والتي بلغت شهرها الثالث دون حلّ.
وقالت الرئاسة في بيان نشرته في وقت متأخر من مساء السبت، إن رئيس الجمهورية قيس سعيد، أرسل كتابا إلى رئيس البرلمان راشد الغنوشي يبلغه من خلاله رده للقانون المتعلق بالمحكمة الدستورية والمؤرخ في 3 ديسمبر 2015.
كما علّل سعيّد لجوءه إلى حق الرد الذي يكفله له الدستور بجملة من الحجج القانونية أهمها تلك المتصلة بالآجال الدستورية التي نصت عليها الفقرة الخامسة من الفصل 148 من دستور سنة 2014، فضلا عن عناصر قانونية أخرى متصلة بما شهدته تونس منذ وضع الدستور إلى اليوم، وشدد الرئيس”على ضرورة احترام كل أحكام الدستور بعيدا عن أي تأويل غير علمي بل وغير بريء”.
وقبل أكثر من أسبوع، صادق البرلمان التونسي على مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 03 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية عدد 39/2018 برمّته بـ 111 نعم، 08 احتفاظ ودون رفض.
القانون الأساسي الحالي للمحكمة الدستورية
وشملت التنقيحات أساسا الفصول 10 و11 و12 من القانون الأساسي الحالي للمحكمة الدستورية، والتي تعلقت بالخصوص بمرور البرلمان إلى انتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية بالاقتراع السري بأغلبية الثلاثة أخماس في 3 دورات متتالية، في صورة لم يحرز العدد الكافي من المرشحين الأغلبية المطلوبة (145 صوتا) بعد ثلاث دورات.
كما تم إلغاء أحكام الفقرة الفرعية الأولى من الفصل 11 من قانون المحكمة الدستورية، والتي تتعلق بتقديم الكتل البرلمانية مرشحين لعضوية المحكمة.
ومن شأن موقف الرئيس قيس سعيّد الذي رفض الإمضاء على هذه التنقيحات وقرر إرجاعها إلى البرلمان لإعادة النظر فيها، أن يزيد من تعطيل وتأخير تركيز المحكمة الدستورية في البلاد التي أخفق البرلمان خلال السنوات الماضية في انتخاب أعضائها، وأن يعمقّ الهوة بين رؤوس السلطة في البلاد، دون أيّة بوادر على انفراج قريب.
تتكون المحكمة من 12 عضوا (9 مختصين في القانون و3 من غير المختصين في القانون)، ينتخب البرلمان 4 أعضاء، وينتخب المجلس الأعلى للقضاء (مؤسسة دستورية مستقلة) 4، ويعين رئيس الدولة 4 آخرين.
ومن مهام هذه المحكمة، مراقبة دستورية مشاريع تعديل الدستور، والمعاهدات ومشاريع القوانين، والقوانين، والنظام الداخلي للبرلمان، وتبت في استمرار حالات الطوارئ، والنزاعات المتعلقة باختصاصي رئيسي الجمهورية والحكومة، إضافة إلى النظر في إعفاء رئيس الدولة في حالة الخرق الجسيم للدستور.