حمدوك تزداد عيونه الشاخصة كما (المحتضر ) اتساعا كلما زار مشروعا عملاقا ً سهر علي بناءه الاسلاميين وحولوه لصرح و حقيقة بسواعد الرجال وعقول الاذكياء ثم اهدوه لوطن الجمال والجلال وأجيال المستقبل الشاهدة علي ما تري لا المنتظرة وعود عرقوب واحلام ظلّوط وسراب ( ح نبنيهو) وجرعات التخدير ماركة ( سنعبر وننتصر )..
حمدوك يرافقه البلهاء وقبله ( البرهان ) يجد نفسه داخل مشاتل ومزارع ومصانع ومعامل ومشروعات زراعة وانتاج حيواني وبستاني وطرق قومية وجسور فيشعر انه خارج السودان ولكنه داخل مملكة شركة زادنا العالمّية الحديثة التي لا تنقضي جمائلها وخيراتها ولا تنتهي أقاصيص ومرويات نجاحاتها فيموت الكلام ويكاد ينخلع القلب من الدهشة ؛ ولو تفرّع فقط للطواف علي مشاريعها لقضي العام سوّاح بربوع بلادي متنقلا في دروب تطويع المستحيل وليس آخرها تدشين (مختبر زراعة الانسجة النباتية )الاحدث والاضخم في الاقليم والمنطقة بتقنية حديثة وتنفيذ مع كبريات الشركات الاوربية الفرنسية والالمانية والايطالية حيث يعمل علي تطوير وتحسين وادخال اصناف عالمية للمنتجات الزراعية السودانية (محليا وللصادر ) ؛ مستهدفة انواع التمور ونخيل الانسجة والموز والموالح والفواكه والانتاج الغابي .وينتج خلال عامه الاول فقط ( ٤ مليون شتلة لتتضاعف لاحقا حتي تبلغ ١٠مليون شتلة في العام )..
الاسلامي السوداني (الكوز) كامل الدسم (احمد حامد الشايقي) عبقريّة ذات سحرٍ خاص في الادارة وصناعة المجد والزهد وحب النّاس . رجل لا تكاد تشعر به بين الناس لا يزاحم عند افتتاح اي مشروع وربما حسبته من غمارهم لتواضعه عن سمو وتبسطّه عن كبرياء في ملبسه وسمته لا تحيط به حاشية ولا يحاصره بروتوكول ويمشي بلا حرس ؛ يأكل الطعام مع العامة ولا يسكن بارقي الاحياء بالخرطوم ولا يختار صُحبة ولا يعرف ربطة العنق ولا ينتعل الا شبشب ولا يعرف اسماء الماركات العالمية من عطر وملبس ولا يُنفق وقته الا للعمل والانتاج ولا يعلم اين يضع جنبه حين يدهمه الظلام علي جسر تحت الانشاء ام فوق قوز تراب لطريق ينتظر الرصف ام يتوسد ( تقنت) لشجرة نخيل ام برتقالة حتي تجري الماء تحته . نذر وقته وجهده وراحة اهله لاجل العامة والناس واسعاد الفقراء واصحاب الحاجات والمعاشيين تكفيه جرعة ماء وتمرات يفطر عليها بعد صيام وهو الذي بين يديه الاموال تجري ولم تعثر ( لجنة الدفتردار الانتقامية ) حتي كتابة المقال علي شهادة بحث لعقار او ارض ولا حساب بإسمه او اهل بيته وهو العابد الزاهد جليبيب زمانه . كما لم تعثر علي حوار صحفي او لقاء تلفزيوني او دعاية اعلامية للرجل يمدح ذاته او يروي منجزاته ولا حتي ليُعرّف الناس بنفسه (وزادنا احدي صنائع الشر ) !!! التي خلفها الاسلاميون والكيزان ولكنها لن تجد حظها في النشر بتلفزيون المخبر الصغير لقمان .
حمدوك يسأم من الجلوس بمكتبه بين يدي حاشيته الماسونية وصغار المخبرين ويمَلّ نِكات الحسناوات والصدور العاريّة فيرغب في كسر الروتين وبعض الفُرجة فيدهبوا به لأكاديمية الامن العُليا فلا تكاد اقدام الرجل تحمله قبل ان يهبط من سيارته فيسجل علي حالته الشخصية (إني مصدوم ) ثم يتجول بين القاعات الدوليّة والمكاتب الرئاسيّة والحدائق الورديّة والفنادق والاستراحات فيهرش صلعته ليتاكد بانه ليس بمبني ال(AU) باديس فخامة واناقة ودقّة وإنضباط . فيهمس في اذن مرافقه (اين صلاح منّاع )!؟ فإني ارغب بالاقامة بديار (عبلي) بعيدا عن مضارب القوم .. فيرد عليه بحياء بان منّاع ممنوع عليه الاقتراب والتصوير لعدم اللياقة .
يشعر حمدوك بالهلع والخوف من شعبه وهو يسرف في تجويعه وفقره وقهره وقتله داخل الزنازين وفي الشوارع وبقاعات الدرس بالجامعات فيُنشد ذات ليل شديد الظلام وقد شملته نفحات القطوعات وانعدام الوقود حتي بالسوق الاسوااااااد
هيّا يا قوم اسرجوا الخيل لننطلق لمباني (الامن والمخابرات العامة) ؛ ثم يهمهم بصوت مسموع .. وهو لا يلقي بالاً للخطيب والفريق تمكين منّاع ..
يخاطب قيادات الامن ويقرا عليهم قصائد المدح مكسور الخاطر ويعتذر لهم عن سطحية سفهاء قبيلة ( قحط) وهجوها لهم ويطلب منهم ان يسمحوا لناقة البسوس وقطعانهم بالرعي وان يسمحوا لخصيانهم ومواليهم بالعمل معهم ويترفقوا بهم ويستوصوا بهم خيرا . فقد هالته العقول التي امامه والقدرات العالية والتدريب الرفيع والصرح المُمَرّد والتقنية الحديثة حتي خشي مضيفيه عليه ان يكشف عن ( عورته ونزع ردائه) حين تعالت اصوات اجهزة الكشف عن العملاء وأرزقية التخابر .
هذا الصرح الشامخ لم يكن مجرد لافتة تحمل اسم احدي شركات التكنولوجيا المتقدمة بوادي السيليكون بكاليفورنيا ولكنّه عُصارة افكار وعقول وتراكم خبرات وهِمَم وعزائم رجال حتي استوي علي سوقه في عهد (المهندس الفريق اول محمد عطا المولي عبّاس) الجنرال شديد الصمت كثيف العمل عميق التدبير والحنكة شديد الوفاء لوطنه وصالح امته وفكره بعيد التنقل بين فلاشات الاعلام شديد الحذر عن صوالين السياسيين وصفقات الراسماليين والناس نيام مخالفا ً بذلك سيرة (*سلفه الجاسوس – كيم فيلبي-السوفيتي بدوائر المخابرات البريطانية ل٣٠ عام *). الجنرال عطا رجل مخابرات من طراز فريد مهندس عملية تقويض الجدار العازل في العلاقات السودانية الامريكية ونزع الالغام والاسلاك الكهربائية الشائكة بمهارة تفوق حد الوصف وكبرياء وعزة ووطنية حقّة لم يكتب عنها احد والرجل يرفض لاول لقاء يجمعه بقيادة مؤسسة الCIA الجلوس الا بنظيره الرجل الاول ويغلي الاجتماع فيتم الاستجابة لطلبه والدهشة تكسوهم ولا يجدون اجابة لسبب تلك الأنفة ومن اين يستمد تلك الجسارة( والسودان يقع تحت وطئة الحصار الظالم والعقوبات الجائرة) فيعبر جون برينان البحار والقارات للقاء مدير المخابرات السوداني بدولة صديقة وتنطلق خطوات الحوار السوداني الامريكي الجاد حوار الشرفاء دون تطمع في الغاء شرع الله ولا تغيير هُوِيّة الامة ولا استباحة البلاد والتي هي الان بين يديها تديرها عبر صغار العملاء (عبدالباري وقمر الدين وكبيرهم حمدوك). وبغياب الجنرال عن المشهد انغرست في خصر الوطن ساعة ئذٍ سكين الغدر والخيانة وفقد السودان آخر حُرّاس قلاع الوفاء وانكشفت اسرار الدولة وتحول (الجاسوس الاول كيم فيلبي) لسمسار وتاجر شنطة يسعي بين دول الاقليم لبيع وطن في قامة السودان بالجملة دون شهادة ملكيّة .
(من المؤلم ان الخيانة التي تنجح لا يجرؤ احد علي تسميتها خيانة)..