قبل أحداث جائحة كوفيد-19 وعندما تولت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وأصبحت الحليف المهم للولايات المتحدة، الرئاسة الدورية لدول مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات عالمية في ديسمبر كانون الأول 2019 كانت هنالك طموحات كبيرة في المملكة.فسوف تساعد قمة مجموعة العشرين العالمية في إصلاح مكانة البلد على الساحة الدولية
وجذب أنظار العالم إلى الإصلاحات المهمة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحقيق الانفتاح في السعودية وتنويع الاقتصاد.
لكن بدلا من الصور التذكارية في القصور الفخمة، تنعقد معظم أعمال قمة العام الحالي عبر الإنترنت بسبب جائحة كوفيد-19 مما يمثل ضربة لطموحات ولي العهد السعودي في عام يتسم بتباطؤ اقتصادي عالمي.
وقال روبرت موجينسكي الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إنه على الرغم من أن الأجواء بعيدة عن المثالية “فإن العرض ينبغي أن يستمر وعلى السعوديين الاستفادة قدر الإمكان من الاجتماع”.
وتأتي خطة عمل وإجراءات مكافحة كوفيد-19 على قمة جدول أعمال قمة مجموعة العشرين للحد من تأثير الجائحة على اقتصادات العالم. ويشمل ذلك إلغاء الديون للدول الأكثر فقرا.
وتضررت صورة السعودية منذ 2018 بعد الغضب العالمي الذي أعقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلده باسطنبول، فضلا عن الحرب في اليمن واستمرار احتجاز ناشطات مدافعات عن حقوق المرأة في هذا العام.
كما تعثرت الاستثمارات الخارجية المباشرة، وهي حجر زاوية في خطط الإصلاح الاقتصادي التي يشرف عليها ولي العهد، إذ قال وزير الاستثمار خالد الفالح إنه يتوقع تباطؤ الاستثمارات هذا العام بفعل الجائحة.
وقال دبلوماسيان أجنبيان في المنطقة لرويترز إن قمة الزعماء التي تُعقد في مطلع الأسبوع كان ينظر لها على أنها فرصة لتسليط الضوء على قطاعي السياحة والترفيه الناشئين في المملكة حيث كان مقررا تنظيم رحلات لكبار الزوار إلى مزارات سياحية مهمة منها مشروع مدينة نيوم الاقتصادية التي تشيد بتكلفة 500 مليار دولار.
وأضافا أن مناقشات أجريت في نهاية سبتمبر أيلول بشأن عقد القمة بالحضور الشخصي وأكد قادة سعوديون وأجانب حضورهم. لكن بعدها بأيام تفاجأ الكثيرون بإعلان أن القمة، التي يرأسها الملك سلمان عاهل السعودية، ستعقد عبر الإنترنت.
ووصف الملك سلمان رئاسة المملكة لمجموعة العشرين بأنها دليل على دورها المهم في الاقتصاد العالمي. وقال وزير الإعلام يوم الخميس إن رئاسة مجموعة العشرين وتحقيق نتائج مهمة خلال الجائحة مصدر فخر.
اضطرابات
قال موجينسكي إن الطبيعة الافتراضية للقمة تتسق على الأقل مع جداول الأعمال الرقمية الطموحة للسعودية ومبادراتها التي ترتكز على التكنولوجيا مضيفا أنها “جانب مشرق وحيد وسط الاضطرابات المرتبطة بفيروس كورونا”.
وروجت المملكة للحدث على المستوى المحلي عبر حملة إعلامية قوية وعلى لافتات منتشرة في أنحاء المدن.
وعلى هذه الخلفية، تجدد الاهتمام العالمي بسجل الحقوق في المملكة في ظل تحرك جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وأعضاء مجالس نواب في الغرب لمطالبة الدول الرأسمالية الأعضاء في مجموعة العشرين بمقاطعة القمة.
ودعا عشرات من المشرعين في بريطانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حكوماتهم إلى الضغط على السعودية بشأن حقوق الإنسان قبيل القمة أو الانسحاب منها. وقاطع رؤساء بلديات لندن وباريس ونيويورك ولوس انجليس الحدث.
ويعقد قادة جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان قمة مقابلة لقمة العشرين يوم الجمعة تركز على “انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة” يشارك فيها أعضاء من مجلس النواب الأمريكي وخديجة جنكيز خطيبة خاشقجي وعائلات ناشطين مسجونين ومنهم لجين الهذلول التي بدأت إضرابا عن الطعام قبل أكثر من ثلاثة أسابيع للاحتجاج على ملابسات احتجازها.
وقال مايكل بيج نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش “بدلا من التعبير عن قلقها للانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها السعودية، تعزز مجموعة العشرين جهود الدعاية وفيرة التمويل التي تبذلها الحكومة السعودية بهدف رسم صورة للبلد على أنه ‘إصلاحي’ على الرغم من زيادة واضحة في القمع منذ 2017”.
وفي وقت سابق هذا الشهر، قال السفير السعودي لدى بريطانيا إن المملكة تدرس إصدار عفو عن بعض الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة. لكن السفارة تراجعت بعدها عن هذه التصريحات وهو ما وصفته جماعات مدافعة عن الحقوق بأنه كان مجرد نوع من الدعاية قبيل القمة.