جعفر عباس
لم يعد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ينكر انه موافق على إجراءات عبد الفتاح البرهان الانقلابية، ليس لأنه بصم على اتفاق شخصي مع البرهان، يجعل البرهان الآمر الناهي وصاحب الكلمة الفصل في كل شيء في شؤون الحكم، ولكنه لأنه أي حمدوك صار يلعب على المكشوف لشق لجان المقاومة، ويحدث السفراء الأجانب عن أنه يعمل لخلق حاضنة جديدة لحكومته وصوغ إعلان سياسي جديد وتعديل الوثيقة الدستورية، وهذه أمور لا يملك هو او البرهان سلطة الشروع فيها إلا بالاستمرار في الإجراءات الانقلابية، فيصدر البرهان ما شاء من القرارات “واجبة التنفيذ”، بل اتضح ان عسكريين كبار اتصلوا قبل حدوث الانقلاب ببعض شباب الثورة وحدثوهم صراحة عن تكوين كيان شعبي يسند حمدوك، مما يؤكد ان خطة الانقلاب كانت تضع في الحسبان وجود حمدوك في المشهد
وربما لا يذكر كثيرون ان حمدوك قال في بدايات عهده رئيسا للحكومة انه يفضل نظام الحكم الرئاسي الذي يعطي رئيس الدولة كامل الصلاحيات كما في أمريكا (بلا حاجة حتى الى رئيس وزراء) على النظام البرلماني الذي يجعل من رئيس الدولة منصبا تشريفيا كما هو الحال اليوم بموجب الوثيقة الدستورية التي تجعل من مجلس رئاسة الدولة تشريفيا بلا سلطات تنفيذية، وها هو البرهان يتصرف كما رئيس جمهورية كامل الصلاحيات: يختار من يشاء في أي منصب ويأمر بسجن هذا وترقية ذاك، وتدخله في أمر ترقيات الشرطة دليل قاطع على ذلك (عندما منع رجال امن مطار الخرطوم وزير الصناعة إبراهيم الشيخ من السفر الى القاهرة لزيارة أخته المريضة هناك اتصل بحمدوك ولكن حمدوك لم يستطع إلغاء أمر المنع)
وقبل أيام قام حمدوك بتعيين وكلاء للوزارات، وأصدر قرارا بوقف التعيينات والتنقلات في الدوائر الحكومية ولم يجد الامر الاستحسان من عراب مافيا الانقلاب، ف”حمبك” حمدوك واعتكف في بيته ليومين، ثم طبطوا على ظهره وعاد يستأنف عمله، ولا نعرف له إنجازا منذ ذلك التاريخ
وأكيد ان هناك قوى ثورية ما زالت تضع آمالها في حمدوك وتعتقد انه يناور ويتمسكن حتى يتمكن، ليعود بالثورة والحكم المدني الى المسار المنشود، ولكن أكثرية قوى الثورة – كما تثبت المواكب المتتالية ترى ان الانقلاب ما زال ساري المفعول وترى أنه لابد من اسقاط الانقلاب بالكامل ومعه كل المتورطين بمن فيهم حمدوك، فليس في شأن الأوطان أبقار مقدسة