بعد اكتمال جولات المفاوضات والتوقيع من النائب الاول حميدتي على السلام يرنو السودانيون إلى مستقبل البلاد بعين التفاؤل باعتبار أن إيقاف صوت البندقية هو المفتاح للانتقال نحو مرحلة البناء والتنمية المتوازنة التي يأمل فيها الشعب السوداني
ولكن ثمة تعقيدات وتحديات في انتظار تحقيق هذه الآمال العريضة. بالنظر الى التاريخ السياسي فإن حراسة السلام والبناء عليه أمر في غاية الصعوبة بسبب نقض العهود الذي اتسمت به السياسة السودانية وعدم إخلاص النوايا من أجل العمل للوطن بعيدا عن المصالح الحزبية
والشخصية الضيقة، الفرصة هذه المرة ربما تبدو سانحة أكثر من أي وقت مضى بحسب كثيرين ينظرون إلى ما تحقق من إنجاز بالتوقيع على السلام في فترة وجيزة بعين الرضا التي تؤكد اجتهاد الحكومة والمعارضة المسلحة في التوجه نحو بناء السودان الجديد.
كلمة النائب الأول
أمس الأول وفي كلمته خلال الاحتفالات التي نظمتها حركة العدل والمساوماة بقيادة جبريل إبراهيم بمناسبة التوقيع على اتفاق السلام دعا عضو مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان
دقلو رئيس وفد التفاوض في جوبا إلى “تبييض النية ” في دعوة منه إلى كافة اللاعبين في الساحة السياسية بالبلاد من أحزاب وحركات وقال حميدتي: “خلونا نبني البلد”.
وهو حديث بحسب مراقبين يعتبر إيجابيا يؤكد حرص قيادة الحكومة الانتقالية على المضي قدما في اتجاه البناء والتنمية بعد أن نجحت في الوصول إلى السلام وتابع حميدتي أن الديمقراطية لا تعني الفوضى، مشددا على فرض هيبة الدولة
وهذه أيضا واحدة من المطلوبات الأساسية بحسب مراقبين التي من شأنها المساعدة على تحقيق الاستقرار وتوجيه الجهود نحو التنمية والبناء المأمول، وقال النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو لدى مخاطبته الحضور مساء (الإثنين)
بأن اتفاق السلام خاطب كافة قضايا البلاد بمشاركة مختصين من الوزارات المختلفة مشدداً على ضرورة تشكيل آلية لمراجعة مشاريع التنمية من أجل البدء في تنمية متوازنة.
وشدد دقلو على فرض هيبة الدولة وقال إن الديمقراطية لا تعني الفوضى داعياً الجميع إلى (تبييض النية) ومضى: “خلونا نبني البلد دي مع بعض”.
من جانبه حيا رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم جهود الوفد الحكومي وفريق الوساطة وحركات الكفاح المسلح في الوصول إلى اتفاق السلام مؤكداً أن الاتفاق تحقق نتيجة لوجود إرادة حقيقية لدى طرفي التفاوض.
وأوضح رئيس حركة العدل والمساواة أن وفد الحكومة برئاسة الفريق أول محمد حمدان دقلو دخل التفاوض برغبة وصدق نوايا واستعداد لتقديم تنازلات من أجل تحقيق السلام
مشيراً إلى أن الاتفاق استجاب لكل القضايا التي من أجلها حمل الناس السلاح وإضافة إلى كيفية معالجة آثار الحرب، وأكد جاهزيتهم لتنفيذ الاتفاق رغم العوائق والتحديات.
المخاوف
ويجيء حديث نائب رئيس مجلس السيادة في وقت تتمدد فيه المخاوف من فشل القادة والسياسيين والحركات المسلحة في المحافظة على السلام والاستقرار الذي تحقق بفضل الجهود
الوطنية الخالصة والدعم الإقليمي والدولي الذي تابع المفاوضات ودفع الأطراف المختلفة نحو التوقيع على السلام باعتباره الأهم والأولوية القصوى التي تحتاجها البلاد في خطوات المستقبل الزاهر.
وتتصاعد المخاوف من انزلاق البلاد إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. بينما تتوجه الحكومة بكلياتها نحو التركيز على الاستقرار السياسي والسلام والتنمية وإنهاء أسباب النزاعات المسلحة والحروب التي أعاقت الاستقرار في الماضي باعتبار أن السودان أمامه فرصة جديدة للتنمية والنهوض
في ظل قيادة جديدة، وبحسب مراقبين فإن الأوضاع في السودان ظلت لسنوات طويلة متردية وتتطلب تجرد السودانيين حكومة ومعارضة للعمل من أجل بقاء الأمة السودانية والحفاظ على وحدتها لجهة أن الأزمة مستفحلة ينبغي أن لا يتم التعامل معها بأسلوب المنتصر والمهزوم،
كما أن الوضع السياسي الراهن في السودان يمر بمنعطفات حرجة تهدد كيان ووحدة وأمن السودان مما يستدعي تجرد القيادات السياسية عن الأهواء الذاتية والحزبية والأيديولوجية ووضع المصالح الوطنية العليا كأولوية قصوى لتجاوز الأزمة وتحقيق سلام عادل
مبني على أن المواطنة اساس للحقوق والواجبات الدستورية والتوزيع العادل للثروة والسلطة والهوية السودانية الجامعة التي تستوعب التنوع العرقي والثقافي والديني وتصهره، هذا فضلا عن نظام حكم لامركزي فيدرالي
وحكم السودان حكما ديمقراطيا والاستفادة من قيم الديمقراطية الليبرالية والتي تقوم على تعددية سياسية منضبطة وتحقيق الديمقراطية وإرساء السلام والاستفادة القصوى من كل إيجابيات التجارب الماضية دون تكرار سلبياتها.