حوار دارجي بين زمن قحت والانقاذ

عزيزي الاب تفقد قطيعك داخل المنزل لم تغيب عن ذاكرتى مطلقاً تفاصيل الحوار الذى كنت اديره مع ابنائي وبناتئ إبان حدوث التغيير كانت بنتى الكبري طالبة الطب كثيراً ما تردد على أسماعي أن الكيزان (حاكمننا) ثلاثين عاماً بينما هى ولدت فى العام ١٩٩٧ م وعندما أسالها وماذا تعرفين عن (الكيزان) تخرج لى مقطعاً مما يُعلفون به وكنت لاول مره حينها أسمع عن ذو النون و الاصم وسلك وابراهيم الشيخ والدقير ( متعهدي العليقة) عبر تلك المقاطع أما أختها الصغري فكانت هى الاخري تتحدث بذات المفردات (حرامية ، سارقين ، تجار دين) وعندما أسألها عن مصدر معلوماتها أجدها من ذات (الطش) و (الميديا) حقيقة وجدت نفسي أمام عقلية مسحورة تود ان توصف لى باريس وتريدك أن تتجول بداخل عالم افتراضى من الشعارات البراقة هى لم تراه (وحانبنيهو البنحلم بيهو يوماتي) فتلك كانت أسهل الاغاني التى انطلت عليهم قبل ان يكتشفوا انهم عجزوا عن نظافة شوارع عاصمته القومية ناهيك عن بناءه وعندما اواجههن بالتاريخ ولغة الارقام والمقارنات وتضيق إحداهن بى ذرعاً تقفل الموضوع بجملة (بابا انتا كوز) كما شاهدناها لاحقاً عبر القنوات الفضائية عندما يفلس أحد المخمومين ؟ اما الاولاد فكان تأثير (الخم) عليهم عنيفاً لربما حتى لا ينعتوا وسط زملاء الدراسة وأصدقاء الحي بالجبن و التولى فكانت ساحة القيادة لهم هى المستقر اليومي والمشاركة فى الخدمات اللوجستية ولعلهم قد نالوا من رتب (الخم الثوري) أعلاها منزلة يعنى ممكن ان يكون ابنك اصبح فريق ثوري اركان حرب وانت (ما عارف) . على كل حال لم يكن منطق الابناء بمختلف عن البنات كثيرا فذات (العليقة) الواحده (الكيزان حرامية وعمر البشير سرق البلد) ! إذهب اليوم واسألهم وستسمع منهم العجب العجاب (٣٦٠) درجة تغيرت الافكار وعلى النقيض تماماً بل ويتمنون عقب كل نقاش أن (ينط فيها عسكري) ويريحهم من هذا العبث ! نعم اصبحوا يسمون التغيير عبث وفوضي فأصبحتُ أدير النقاش (شامتاً) كلما شكوا لى من تبخر المصرُوف اليومي و شكوا من المواصلات و ارتفاع اسعار (الشيتات) ولا انكر قبل أن تهزمنى عاطفة الابوة أننى ظللت على ذات المصروف الذى كنت اخصصه لهم أيام البشير لفترة من الزمن قبل ان اعدله بالزيادة (بدل مشقة حكومة) أما قبل الزيادة فكلما اشتكوا وترجوا كنتُ أقول لهم (دبروا حالكم) فالسودان لم يفقد نهراً ولا شبراً من ارضه ولم يتغير شيئاً سوي الحُكّام فتعايشوا مع الواقع الجديد . وتارة عندما تصلني الشكوي المتزايده لدرجة الترجي والصراخ كلما اشرقت شمس يومٍ جديد أهمهم (فى سعادة) تحملوا وربنا سيفرجها و انتم لستم وحدكم فى السودان وظللت على هذه الحالة من البرود وفرقعة الاصابع (لمممن قالوا الروب) وكفروا (بقحت) ويوماً جاء بها وأصبحوا هم من يديرون (الفقة المقارن) أقصد النقاش المقارن بينما كانوا فيه بالامس فى عهد الكيزان الحرامية وبينما اصبحوا عليه فى زمن القحط . ولم أراهم كارهين للحكومة حتى اشفقت عليها و وقفت أنا فى صف الحكومة مدافعاً عنها امام سخطهم لأجد لها العذر محاولاً جاهداً تزيينها فى نظرهم فى محاولة منى لاستخلاص اكبر قدر من الاحباط النفسي الى الخارج حتى يغيروا النظارة الوردية الخادعة التى ظلوا يرتدونها ويروا الواقع على حقيقته وقد نجحتُ فى ذلك بفضل الله . لذا أدعوا كل أب و أم أن يتفقدا (قطيعهما الصغير) بالمنزل ويحاولا إدارة مثل هذه الحوارات على صينية الغداء او قبيل النوم (جرعتين فى اليوم كفاية) . وأخص بذلك (القطيع الجامعى من الجنسين) لمحو آثار الخم والاغتسال من جنابة تلك الايام العبوس صدقوني ستكونوا فعلتم فيهم خيراً و بالوطن (برأيي) حالياً التوقيت مناسب جداً قبل أن يأتيهم الشيوعيون بجرعة منشطة جديدة قبيل نهايات الفترة الانتقالية (فأحسن تغيروا ليهم العليقة) بأخري مشبعة بالدين والقيم والوطنية قبل أن يغيرها غيركم . أسألوهم عن تدبير مصروفهم اليومي فقط وعن إغلاق الجامعات و عن الخبز والمواصلات و(ساندويش) الفطور وذكروهم بشعارات الاعتصام ! فو الله إن أبنائنا لسريعي الاوبة الى جادة الحق والصواب اذا وجدوا من يفتح لهم قلبه ويدير معهم حواراً بلا حواجز كالذى يحدث بينه وبين أقرانه نادوهم بأحب الالقاب لانفسهم ازيلوا عن نفوسهم رهبة الابوة الصارمة وسايروا (الموضة) ولا تبقوا محبوسين فى جلباب ابائكم أيها الاباء والامهات (المودرن) فقد خلق ابنائكم لزمان غير زمانكم انزلوا بهم لعبارات سنهم (تعال يا فرده) و (أسمع يا عمك) وغير ذلك من مفردات الشباب فللاسف كلها يسمعونها من (ملاعين) اليسار ولا يجدونها فى بيوتهم فهل إستوعبتم لماذا سهل (خم) أبنائكم وبناتكم أيُها الاباء ؟قبل ما أنسي : اخيرا أسمع يا عمّك (العفش داخل البص على مسؤلية صاحبه)

بقلم/ صبري محمد علي ✍️