رئيس مسار الشرق: الحرب ما بتغلبنا ونملك أدواتها لكننا دعاة سلام

أعلن رئيس مسار الشرق والأمين السياسي للجبهة الثورية ورئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة، خالد شاويش، عن وقوفهم بقوةٍ ضد دعاة تفتيت وتقسيم الشرق، بعد الدعوات التي أطلقوها للانفصال، مشيرًا إلى أن الحديث عن تقرير المصير ما هو إلا مزايدة سياسية لتحقيق أهداف شخصية.وقال خالد شاويش في حواره مع”الانتباهة”، إن من يناهضون اتفاق المسار يخشون المحاسبة، مبينًا أن أهالي الشرق يريدون معرفة أين صرفت المليارات من الدولارات.ففيما أشار شاويش إلى أن اتفاق مسار الشرق حفظ الحقوق، وأن تردد المركز وتلكؤ مجلس السيادة قلص فرص الحل، أكد أنهم لن يهزموا وسيكونوا دعاة سلام.. في المساحة مزيد من الإفادات.*بداية.. ما هو موقفكم من الاتفاق الإطاري الذي وقع مؤخرًا؟_نحن موقعون على الاتفاق الإطاري وجزء أصيل من المنظومة المدنية التي تسعى جاهدةً لتأسيس حكومةٍ مدنيةٍ أساسها الحرية والسلام والعدالة بمفهومها الحقيقي، والاتفاق هو نتاج جهود متواصلة ظللنا نقودها كل في ثغرته على مدى عامٍ كاملٍ،وتحديدًا منذ الاستيلاء على السلطة من قبل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكتوبر من العام الماضي ، والتي خلقت وضعًا شائهًا، وكان لا بد معه من البحث عن إيجاد حل لهذا الإشكال السياسي يساعد في العودة الى النظام الدستوري.*لكن هناك من يرى أن الاتفاق وقع مع المكون العسكري الذي هو قام بالانقلاب؟_نحن في مسار الشرق ظللنا ندعو وبشدة للمدنية مع ضرورة الحوار مع القوات المسلحة، وهذه نقطة خلاف بيننا وبعض شركائنا في السلام والنضال المدني وهدفنا من ذلك ضمان تحصين الفترة الانتقالية من التدخل الخارجي غير المؤسس والتدخل الداخلي الذي تقوم به جهات شريرة.*البعض يشير إلى أن الاتفاق الإطاري ما هو إلا تعقيد للمشهد السياسي.. برأيك هل تعتقد أنه يلبي متطلبات المرحلة؟_نحن سعداء بهذا الاتفاق الذي سيحرك ساكن المشهد السياسي، ولكن نقر أنه ليس مثاليًا كما قال رئيس البعثة الأممية “يونيتامس” فولكر بيرتس، وهذا الاتفاق الإطاري مجابه بحزمةٍ من التحديات أبرزها الترويج أنه اتفاق ثنائي وإقصائي، كما أن أطرافًا مهمة لم توقع وهم شركاء أصيلون، وبالتالي يجب معالجة مثل هذه المشاكل حتى نمضي للحوار حول القضايا العالقة مثل العدالة الانتقالية وإصلاح المنظومة العسكرية وغيرها من القضايا حتى نتمكن من تحقيق الهدف الأسمى وهو الوصول لانتخاباتٍ حرةٍ ونزيهةٍ يقول عبرها الشعب كلمته.*كيف تنظر لوجود بعض القوى الكبيرة خارج منظومة الاتفاق الإطاري ورافضة له تمامًا؟_أعتقد أنه يجب النظر بعين الاعتبار، أن هناك أطرافًا كبيرة ومؤثرة صنعت التغيير ورسمت واقعًا جديدًا للسودان وقعت على الاتفاق الإطاري وصاغت تفاصيله عبر مشاورات داخلية حتى تكللت جهودها بالاقتراب من حلم الدولة المدنية، صحيح هناك قوى رافضة وهم شركاء سلام مثل حركة العدل والمساواة وآخرين وتحدثت مع بعض الرفاق في الجبهة الثورية عن ضرورة أن لا يتغيب شركاء السلام عن الاتفاق الإطاري على الأقل لضمان استكمال تنفيذ اتفاق جوبا للسلام خلال المرحلة المقبلة، ولكن بالمقابل هناك أطراف لا تأثير لها تحاول أن تنتقص من قيمة الاتفاق بالتقليل منه، ويجب مواجهتها سياسيًا وبكل قوةٍ وفضح تآمرها على العملية السلمية.*هل تعتقد أن الاتفاق الإطاري عالج قضايا الشرق وما هي تفاصيلها فيه؟_أقول بكل صراحة إن شركاءنا في السلام من الحرية والتغيير والمكون العسكري أهملوا قضية شرق السودان وسمحوا لجهات بالشرق أن تعلي صوت الباطل وتروج لعنصرية بغيضة ولخطاب كراهية مسموم العبارات وأن تعيث تخريبًا بالشرق تسبب في تعطيل حياة ومعاش الناس.*ولماذا صمتم على ذلك؟_صمتنا لم يكن ضعفًا منا وإنما إعمالاً لصوت الحكمة كما أننا أصحاب سلام، ولدينا اتفاق أجمع عليه المجتمع الدولي، كما أن الحصافة السياسية اكسبتنا قاعدة شعبية خاصة وسط الشباب الذين يؤمنون بالتغيير الحقيقي لا الصوري، شباب هم زادنا في المرحلة المقبلة، وأقول بكل فخرٍ إننا انتصرنا على الظلاميين والمنتفعين بدليل اهتمام المجتمع الدولي بملف الشرق، وتخصيص الآلية الثلاثية لملحق خاص بشرق السودان ضمن التسوية السياسية المرتقبة وكان للمسار اجتماع ناجح مع الآلية برئاسة فولكر في الشهر الماضي، قال لنا يجب أن تحل مشكلة الشرق خاصةً وأنه زار الإقليم وقد تلمسنا جدية الآلية الثلاثية في إيجاد حل أكثر من المركز الذي أسهم في تعقيد الأوضاع بالإقليم خاصةً منذ وصولنا الخرطوم حيث تم وضع ملف الشرق في الدرج، وذكرنا الآلية الثلاثية بالملتقى التشاوري لمكونات الشرق الذي نص عليه اتفاق جوبا لاستكمال أي نواقص باعتباره المخرج المناسب لحل الأزمة.*هناك مطالبات بمراجعة اتفاق سلام جوبا، في حين أن بعض الأطراف ترفض ذلك.. هل أنتم مع مراجعة الاتفاقية باعتباركم أحد الموقعين عليها؟_نحن في الجبهة الثورية قلنا مرارًا إن اتفاقية جوبا خط أحمر، وموقفنا ثابت لن يتزحزح، والذين يدعون لمراجعة اتفاقية السلام يقصدون من ذلك إلغاء الاتفاق وإعادة الأطراف إلى مربع الحرب مرة أخرى، وفي اعتقادي هؤلاء هم تجار حرب، لأن من يتأذى من الحرب من قتلٍ للأرواح ونقص من الأموال والثمرات وتداعياتها من تشريد ونزوح لن يحرض الناس على نقض الاتفاقيات والعهود، ونحن في شرق السودان ذقنا مرارة الحرب وكان الإقليم مسرحًا للقتال منذ أيام التجمع الديمقراطي وقبله وذاق أهلنا مرارة الفقر والجوع والتهميش وسنطوي هذه الصفحات السوداء بتنفيذ مسار اتفاق الشرق الموقع بجوبا.*ولكن مسار شرق السودان أثار الجدل ولا يزال وقوبل برفض كبير..كيف هو المخرج برأيك؟_ الذين يناهضون اتفاق الشرق يخشون المحاسبة وذلك أن الاتفاق نص في بنوده على ضرورة إخضاع صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان للمراجعة بواسطة بيت خبرة ونحن نريد أن يعرف أهلنا في الشرق فيما صرفت المليارات من الدولارات والمواطن في الشرق يعاني من الفقر والجوع والجهل ومن يرفض الاتفاق يُمني نفسه بإلغاء هذا البند، الأمر الثاني أن جهات بالشرق تريد أن تمارس دور الوصاية علينا أما هي من تصنع الاتفاق أو تعارضه والأمر الثالث أن اتفاق مسار الشرق فضح أمثال موسى محمد أحمد الذي وقع اتفاقًا بأسمرا في 2006 باسمنا، وتم اختزاله في منصب ديكوري ظل متشبسًا به حتى سقوط نظام البشير، أما نحن في مسار الشرق لسنا طلاب سلطة.**ولكن شاويش..هناك من يقول إن مسار شرق السودان تم تعليقه وجُمد بقرار سيادي وهو ما يعني إلغاءه؟ما تعليقك؟_تلك الأحاديث الباطلة تأتي في إطار الحملة الممنهجة ضدنا في مسار الشرق، لأننا لسنا طلاب سلطة مثلهم وهي حملة مضللة للرأي العام وكاذبة، هل سمعت يومًا أن الحكومة أعلنت رسميًا أو تعتزم إلغاء مسار الشرق؟، ولو فعلت ذلك تكون لعبت بالنار.*لماذا؟_لأنه بفضل اتفاق مسار الشرق خصصت الآلية الثلاثية ملحقًا لقضايا الإقليم ضمن العملية السياسية القادمة بعد اجتماعنا في المسار مع الآلية برئاسة فولكر بيرتس الذي تعامل معنا بكل تقديرٍ، وليس مثل الحكومة المترددة التي تخوفت دون مبررٍ من الشروع في تنفيذ الاتفاق بعد تعرضها لضغوطٍ داخليةٍ وخارجيةٍ، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح.* البعض يرى أن مسار شرق السودان مرفوض من غالبية أهالي المنطقة هناك.. والدليل عدم التبشير به حتى هذه اللحظة؟؟ كيف ترد؟_من يقول ذلك فليأتي بالدليل، فليس هناك دليلاً أبلغ واسمى من الحشود الهادرة التي حضرت وشاركت في مؤتمري شمبوب وتلكوك، كانت مؤتمرات منظمة وقدمت رؤى وأفكار أيدت المسار، وانطلقت المؤتمرات من المسؤولية التاريخية وحرصًا على مستقبل إنسان الإقليم، والمشاركة كانت من قوى مدنية واجتماعية واقتصادية بحضور ممثلي الإدارة الأهلية بالإقليم وبمشاركة كيانات مهنية وخبراء ومستشارين من أبناء الإقليم وكل انسان الشرق قال كلمته نعم للمسار، ولو قالوا لا للمسار لاستجبنا لهم، أما من يروج عكس ذلك فينطلق من منطلق قبلي وجهوي.*برأيك.. كيف ترى الحل الأمثل لحالة الانقسام بشأن مسار اتفاق الشرق؟_لم يجرؤ أي أحد معارض للاتفاق أن يقدم رؤية نقدية وموضوعية له، ومع ذلك نحن قلنا وثبتنا في الاتفاق إقامة ملتقى تشاوري لمكونات الشرق لاستكمال ما يرونه ناقصًا ونرفض أي حديث عن إلغاء الاتفاق، ومن يريد أن يبرم اتفاقًا شرقاويًا فليذهب للحكومة ولتمنحه ما يريد لكن ليس على حساب أهلنا.*أحد أسباب تعقيد المشهد في شرق السودان هو كثرة الانقسامات داخل المكونات ما زاد من الصراعات..لماذا؟_نحن في المسار منسجمون وفي توافق تام وعبركم أبعث تحياتي للإخوة في مؤتمر البجا بقيادة الأخ الشجاع أسامة سعيد الذين سهروا معنا الليالي حتى تكللت جهودنا بتوقيع اتفاق من أجل إنسان الشرق،أما إذا كنت تتحدث عن انقسامات في التيارات الأخرى فذاك شأن يخصهم، ولكن في تقديري أن التركيز على السلطة والسعي للظفر بمناصب زائلة وشخصية هي شيطان يفرق بين الناس ويشق صفهم ويباعد بينهم ولن يجنوا شيئًا.*ولكن شاويش هذه الصراعات ألقت بتأثير كبير على حل قضايا الشرق؟ ما تعليقك؟_ أضعنا كثيرًا من الوقت، وخسر الشرق الكثير من هذه الصراعات والخلافات والسبب كما أسلفت هو اللهث وراء السلطة، ولكن السبب الرئيس في الصراعات هو تبني فئة ضالة بشرق السودان لمصالح قبلية ضيقة على حساب الإقليم الذي جمع كل أهل السودان حيث ظل الشرق الملاذ الآمن ومأوى لكل من ضاقت به سبل الحياة في قريته أو أجبرته الحرب على النزوح شرقًا، ولذلك سنظل نحارب تلك الفئة الضالة ونؤكد أن الإقليم للمتسامحين والمسالمين ولا مكان فيه للأشرار أصحاب الدعوة لقبلية ضيقة ودعاة عنصرية وكراهية، فنحن نعتقد أن اتفاق مسار الشرق حفظ الحقوق وحقق مكاسب كبيرة لكن بتردد المركز وتلكؤ مجلس السيادة ورئيسه وعوامل أخرى تقلصت فرص الحل، لكن لن ننهزم وسنكون دعاة سلام حتى يتحقق الاستقرار في الشرق ولن نتنازل عن حقوقنا لأحد ولن نسمح للعسكريين أو المدنيين امتطاء ظهور أهلنا في الشرق للوصول لأهدافهم ولن يكون شرق السودان جسرًا ليعبر به الآخرين، إما نعبر جميعًا نحو الاستقرار أو سيكون لنا رأي آخر.*هل تقصد بالرأي الآخر الحرب؟_الحرب ما بتغلبنا ونملك أدواتها تمامًا ولنا قدرة على خوضها، ولكن يعلم الجميع أننا دعاة سلام، ولنا قدرة على ضبط النفس رغم أن البعض يلفق حولنا كثير من الأكاذيب وهناك شخصيات بالمركز تصدق تلك الافتراءات وترخي أذنها لمروجي الفتنة.*بات شرق السودان محوراً للصراعات الإقليمية والدولية وهناك من يرى أن التكالب عليه أصبح كثيرًا.. ما ردك؟_ كل أرض السودان هي مطامع للآخرين لا الشرق وحده، صحيح الشرق مليئ بالخيرات وحرب المصالح موجودة في كل مكان، ولو لم نتفق ونتجاوز الصغائر ونسمو فوق الجراحات وننشد السلام ستضيع بلادنا، ولكن أنا شخصيًا مطمئن تمامًا أن إنسان الشرق مدرك للمخاطر التي تحيط به ولن ينال منه أحد بالداخل أو الخارج، وعلى المركز أن لا يمارس دور الوصاية على أهل الشرق وأن لا يحاولوا أن يتجاهلوه أو يستغفلوه كما كان يفعل النظام السابق.*هناك من يرى أن الصراع السياسي في شرق السودان يأتي للبعد القبلي؟_انظر، الشرق يختلف عن كل مناطق السودان الأخرى خاصةً التي اشتعلت فيها الحرب، وإنسان الشرق مُتسامح بطبعه، الشرق لكل أهل السودان، ولكن هذا لا يمنع أن نقول الحق، حيث توجد جهات تتخفى حول كيانات وهمية، تقرب عود الثقاب المشتعل من الوقود وتعمل على زرع الفتنة القبلية بالشرق من أجل مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة ونتاج ضعفها فكريًا وقلة حجتها السياسية ولن نسمح لها ببث روح الكراهية والقبلية.*بدأت دعوات لجهات مؤخرًا لإقامة مؤتمر جامع لأهل الشرق في إطار حل قضايا الشرق..هل نتوقع اكتمال الخطوة؟_هي كلمة حق أريد بها باطل، تلك الجهات تعمل ضد مسار الشرق وتدعو لإلغاء اتفاق الشرق، نحن دعونا لمؤتمر تشاوري لا يستثني أحدًا يكمل أي نواقصٍ في اتفاق الإقليم الموقع بجوبا، بينما الإقصائيون يريدون أن يصنفوا أهل الشرق وفق القبائل ويعملون على صرف بطاقة الإقامة.*أطلق الناظر محمد تِرك، تلويحًا بإعلان الحرب في شرق السودان حال رفضت السلطات منح المنطقة منبرًا تفاوضيًا منفصلاً لتقرير المصير.. ما هو تعليقك؟_الحديث عن تقرير المصير لشرق السودان هو مزايدة سياسية لا أكثر لتحقيق أجندة وأهداف شخصية، وهذا المسلك دليل عجز وقلة حيلة فكل من يفشل في تحقيق مطالبه يلوح بكرتٍ خاسرٍ اسمه الانفصال، أنا في تقديري أن الدعوة للانفصال جريمة في حق إنسان الشرق، ونحن نتساءل من الذي فوض تلك الأصوات لتدعو بتلك الدعوة المغرضة، وهي دعوات تقزم إنسان الشرق الذي له كسبه وعطاؤه في كل أنحاء السودان، وله بصمته في أرجاء البلاد، فمن يتحدث عن الانفصال عينه على السلطة ونحن عيننا على تحقيق التنمية والاستقرار لأهلنا لا لجره لصراعات من أجل أهداف شخصية، وسنقف بقوة ضد دعاة تفتيت وتقسيم الشرق عبر الدعوة للانفصال.