قال خبير سياسي بأنه يتوقع أن تواصل أمريكا دورها التمثيلي ، من أجل التوصل إلى حل مرضٍ للمكونين المدني والعسكري، وفي نفس الوقت يكون مقنعًا للشارع الثائر، هذا الحل لن يكون بتغول العسكر على المشهد أكثر من الوضعية الحاليّة، لكن سيكون هناك إعادة ترتيب لوضعية المكون العسكري في السلطة وإضفاء الشرعية عليها ومنحها العديد من الصلاحيات والامتيازات التي تطمئنها وتدفعها للعمل في إطار التشاركية مع المدنيين دون تأثير لنزاع النفوذ على الأداء العام للسلطة.وفي الجهة المقابلة ستكون هناك ضغوط على المكون المدني، بحيث يُفتح الباب – استغلالًا للمستجدات الأخيرة وتداعياتها – نحو تعددية سياسية أكبر من بوتقة التحالف الحاليّ، مع تقزيم صلاحيات قوى الحرية والتغيير، وتقليم أظافرها السلطوية قدر الإمكان، وذلك عبر منح قوى أخرى صلاحيات أكبر ربما تلبي طموحات العسكر في تكوين حاضنة سياسية قوية في مواجهة التحالف اليساري.وتتبنى الولايات المتحدة في تعاملها مع الوضع السوداني إستراتيجية برغماتية بحتة، منذ تأسيس مكتب إفريقيا والشرق الأوسط التابع لوزارة الخارجية الأمريكية عام 1958، رغم تأرجحها صعودًا وهبوطًا بين الحين والآخر، من أوج قمتها خلال عهد الفريق إبراهيم عبود، ومن بعده جعفر النميري، إلى أن وصلت إلى حدود توترها القصوى إبان فترة عمر البشير، وصولًا إلى الحضور المؤثر في المشهد الحاليّ بعد ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018.أزمة تلو الأزمة، وحالة بعد حالة، تثبت أمريكا أن شعارات الأخلاق والقيم التي تتشدق بها من إدارة لأخرى، ليست إلا محاولة لدغدغة المشاعر وأداة سياسية لجلب المزيد من الأصوات داخل صناديق الاقتراع، فيما تبقى البرغماتية التي تصل في بعض الأحيان إلى الميكافيللية الضلع الأبرز في السياسة الخارجية للبلد الذي لا يتحرك إلا حفاظًا على مصالحه أو مقاومةً لمن يهددها، يتساوى في ذلك التحالف مع المدنيين والعسكر على حد سواء.