لأيام عدة قاربت الشهرين، ظل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة اليونيتامس، فولكر بيرتس، يعكف على إجراء مشاورات أولية منفردة، مع جميع الأطراف السودانية، بغية الوصول لصيغة مشتركة لحل الأزمة بالبلاد. المهمة وان كانت عصية في ظل حالة الاصطراع بين المكونات المدنية والعسكريين من جانب، وبين المدنيين أنفسهم من جانب اخر، الا ان فولكر سعى جاهدا من واقع ما تفرضه عليه مهامه في تسهيل عملية الانتقال بالسودان، غير ان مسعاه وفق متابعين، معقد وشائك جراء حالة التجاذب والرفض الغير معلن من جانب العسكريين أنفسهم لمبادرة الرجل، وفي وقت كان ينتظر أن يعقد فيه فولكر بيرتس مؤتمرا صحفيا غدا الاحد، يقدم خلاله موجزاً عن نتائج المرحلة الأولية من المشاورات التي تيسرها الأمم المتحدة بشأن العملية السياسية في السودان، تم تأجيل المؤتمر الصحفي دون تحديد موعد، ما يطرح تساؤلات عدة حول الأسباب التي دعت لتاجيل المؤتمر؟و مالذي تحمله النتائج الأولية، و ما لذي يدور خلف الأبواب المغلقة؟
مالذي يدور خلف الكواليس المغلقة؟
لا شك أن تناقضات الشركاء واختلاف توجهاتهم الفكرية، تقف حائط سد منيع امام مهمة فولكر في إيجاد نقاط التقاء تجمع بينهم، فالبحث عن قواسم مشتركة تجعل عجلة الانتقال تمضي لحين موعد الانتخابات، عقب انقلاب ٢٥ أكتوبر أمر عصي، وفيما يرى كثير من الخبراء في الشأن السياسي صعوبة المهمة، بدأ فولكر نفسه غير متفائل بالوضع بشكل عام، فقد شكك في قيام الانتخابات في يوليو من العام ٢٠٢٣ و قال في حوار عبر ( بودكاست) لموقع ( المونتر) في واشنطن انه متفائل رغم الصعوبات التي تواجه العملية السياسية في السودان، و اعترف فولكر في حديثه بالصعوبات التي تواجه التحول الديمقراطي، قبل أن تكشف تقارير إعلامية عن خلاف داخل البعثة الأممية أدى إلى تأجيل المؤتمر الصحفي، وبحسب المصادر فإن الخلاف مرده اعتزام فولكر طلب المزيد من الوقت لاداء مهمته حيث أن المبادرة لم تقدم تحقق يذكر، فيما يرى مستشاريه ضرورة توضيح نقاط الخلاف والعقبات التي واجهت المبادرة .
تكلس سياسي
وفيما يقطع خبراء بفشل مبادرة فولكر دون التوصل إلى حلول توافقية بسبب اختلاف الايدولوجيات والتكلس السياسي، يرى بالمقابل البعض الآخر أن طبيعة القوى السياسية في السودان تتطلب المزيد من التشاور وهو ما يراه فولكر أمر مناسب لإكمال مهمته وازاحة الخلاف، وبحسب المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر فإن طلب المزيد من الوقت للتشاور امر يحسب لصالح فولكر وليس ضده، مؤكدا في حديثه ل “الراكوبة” أن الوضع بحاجة للمزيد من التشاور في ظل حالة التشاكس سيما أن هم المبادرة هو لم جمع السودانيين والعبور بالبلاد الي بر الأمان
وتشترط قوى الحرية والتغيير وفق رؤيتها التي قدمتها لفولكر ضرورة إزاحة المكون العسكري من السلطة، فى وقت اقترحت فيه فترة انتقالية قوامها عامين، هذا كله بجانب اتهامات ظلت تطلقها في مواجهة العسكريين وفلول النظام السابق بالسعي لافشال المبادرة عبر مسيرات نددت بالتدخل الأجنبي، ووفقا للمحلل السياسي عبد اللطيف سعيد، فإن تدويل المشاكل نهج خاطيء في العمل السياسي داخل السودان، مؤكدا ل “الراكوبة” تسرع البعثة الأممية في إلغاء المؤتمر الصحفي رغم تحفظه على اختيار فولكر على رأس البعثة الأممية لادواره السلبية في العراق، وقال انه كان يتوجب على فولكر الخروج وتوضيح الحقائق الكاملة.
أجواء غير مريحة
في الأثناء كشف عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير طارق عبد القادر عن صعوبات تواجه رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس، من قبل بعض الأطراف جعلته يرى أن الأوضاع لا تمضي كما يريد. ويرى عبد القادر أن الخلافات عميقة، وأن اكثر ما ساهم فيها هو ظهور عدد من الأجسام الجديدة فضلا عن كثير من الإعلانات السياسية المتوقع إعلانها قريبا، مؤكدا في ذات المنحى تأكد فولكر من عدم الإجماع على مبادرته. ويذهب عبد القادر في حديثه ل “الراكوبة” إلى عدم نجاح مبادرة فولكر نسبة للكثير من التقاطعات والعقبات التي تقف في طريقه، منوها إلى أن الأجواء اصبحت غير مريحة بعد موقف المكون العسكري الواضح موخرا ضده
َ وقال نحن جلسنا مع فولكر كحزب وكحرية وتغيير وشعرنا من حديثه بعدم وجود إجماع حول مبادرته، وان هناك من هم رافضين لمشاوراته تماما، وآخرين متفقين معه حول نقاط ومختلفين حول أخرى،
ذكر في المقابل أن الحل الوحيد لتقهقر الانقلاب هو انشاء جسم مدني واحد يضم كل القوى السياسية على ميثاق محدد
اتهام صريح
ومذ أن حط فولكر بيرتس مطار الخرطوم قبل عام من الان، وهو يقف أمام عدة محكات، في أولها حالة الرفض الواسع التي اعترت وجوده، فضلا عن تحديات الانتقال في ظل خلافات وتقاطعات الشركاء، وبما انه تم تكوين مجلس الشركاء عقب اتفاق سلام جوبا، فإن المنطقية وقتها كانت تحتم الاحتكام للمجلس بحكم مهامه المنصوص عليها وفق الوثيقة الدستورية بدلا عن بعثة سياسية تسهل عسر الانتقال حال حدوث، ما جعل حالة الرفض تتسع من قبل المكونات السياسية وكذا المكون العسكري الذي عد الأمر وصاية وتدخل في السيادة الوطنية، لكن وفي أعقاب انقلاب ٢٥ أكتوبر وبعد نحو شهرين منه، آثر فولكر التدخل للبحث عن نقاط التقاء يجمع فيها جميع الأحزاب السياسية باستثناء حزب المؤتمر الوطني، وبحسب مراقبين ل ” الراكوبة ” فان ثمة ميول من قبل بيرتس نحو المدنيين، وعودة المسار المدني الديمقراطي، وأن هذا الميول نفسه جعل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان خلال لقائه الاخير على شاشة التلفزيون القومي يتهمه بعدم الحياد ومساندة أطراف أخرى، ما جعل المهمة أمامه عصية في ظل تغير المواقف الداعمة