يعتبر عام 2011 مفترق طرق لما يحتويه من أحداث أثرت بشكل مباشر في التاريخ العربي الحديث، وكانت البداية عندما أشعل البوعزيزي النار في جسده ليقوم الشعب التونسي بثورة أطاحت بالرئيس زين العابدين، ثم كان نفس الشئ في مصر، ونجحت الثورة بخلع الرئيس محمد حسني مبارك، وتلى ذلك ثورات في بعض الدول العربية بأشكال مختلفة ولأهداف متشابهة .
في السودان وفي عام 2019 إستطاع الشعب تحقيق مطلبه بإسقاط النظام وعلى رأسه الرئيس عمر البشير، بعد حكم دام ثلاثين عاما، وهنا بدأت قصة جديدة، فأهم لحظة في أي ثورة بأي مكان في العالم عبر التاريخ هي اللحظة بعد نجاح الثورة، وكيفية تعامل السلطات الجديدة مع الحدث، وكيفية التحول من نظام حكم فاسد وظالم للحكم الذي قامت من أجله الثورة .
السودان كان يعاني من العديد من الأزمات، أهمها العزلة الدولية، التي فرضت على السودان واقع صعب، حيث كان يقبع معظم المواطنين تحت خظ الفقر والتهديدات الأمنية، ولذلك قامت السلطات الإنتقالية بإعادة العلاقات مع المجتمع الدولي وخصوصا مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا .
يعتقد العديد من الخبراء والمهتمين بالدراسات السياسية الغربية، أن الغرب لا يفوت فرصة للإستفادة من دول العالم الثالث لنهب ثرواتها وإستعمارها من جديد، ولكن بدون تدخل عسكري أو ما شابه، فالطريقة الجديدة بالإستعمار الغربي هي السيطرة على القيادات والأنظمة ومن ثم على البلاد وخيراتها، وهذا ما يحصل الأن بالسودان .
الغرب ملأ الدنيا وعودا بإصلاحات ومساعدات وإعفاءات مالية، وتقديم قروض جديدة للسودان وغيرها من الأمور التي ستكون في مصلحة الإنتقال “الديمقراطي” للحكم في السودان، والنتيجة أزمات متوالية على السودان بدون أي تدخل لإصلاح الأمور، وكأن الغرب ينتظر الفرصة المناسبة للسيطرة الكاملة، وهذا ليس توقع أو قراءة للمستقبل، بل قراءة للتاريخ الحديث والمعاصر، والذي يتكرر مع كل دولة من دول الشرق الأوسط التي تلجأ للغرب .
الحكام في السودان لا يملكون الخبرة الكافية لمواجهة كل هذه الألاعيب، ولذلك سيستمر الغرب في مخططاته حتى يلتفت المسؤولون لذلك، ونتمنى أن يحدث ذلك قريبا .