أصبحنا نرى ونقرأ كثيرا تصريحات صادمة : “نظِّفُوا الصين من هذه القذارة الأجنبية، لا تسمحوا لهم بأن يحوّلوا بلدنا إلى مكبّ نفايات عالميّ؛ هذه الصين وليست نيجيريا!” في مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، والتي تعكس كُرهًا عنصريًّا مماثلاً لتلك التصريحات التي كنا نراها في بعض مواقع التواصل الاجتماعي البريطانية، وكل تلك التصريحات هي فقط نماذج بسيطة من العبارات المُهينة التي لا حَصْرَ لها على موقع مثل Weibo للتواصل الاجتماعي في الصين، في ظل موجةٍ من تصاعُد المشاعر الشعبية العنصرية خلال الأشهر الأخيرة.
صمت رسمي
وبالرغم من الرقابة الهائلة للسلطات في الصين على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية؛ إلا أنه لم يتم حذف أيٍّ من تلك المنشورات، بعد أن أصبح المهاجرون من منطقة جنوب الصحراء الإفريقية هدفًا رئيسًا للتشكيك والتفرقة العنصرية والانتهاكات، في ظل تنامي الخوف العام من مجيء موجة ثانية من فيروس كورونا إلى الصين.
وقد تصاعدت تلك المشاعر من عدم التسامح خاصة في مدينة جوانجزو التي يقطنها 12 مليون نسمة، والتي تقع في قلب المحافظة الصناعية جوانجدونج.
وقد بدأ ذلك بقيام الحكومة المحلية في جوانجزو بتطبيق عملية مراقبة شاملة تقوم فيها بإجراء اختبار إجباري على كافة المواطنين الأفارقة في مدة الحظر 14 يومًا، حتى لو كان قد تم اختبارهم سابقًا وثبتت النتائج أنها سلبية، ولم يسافروا مؤخرًا خارج الصين.
اجراءات عنصرية
وفي مقاطعة يويكزيو؛ حيث تقيم أكبر جالية إفريقية في الصين، قام المؤجرون الصينيون بإخلاء العديد من الأفارقة من مساكنهم، حتى بالرغم من دفعهم للإيجارات، وتُرِكُوا للنوم في العراء في الشوارع والأزقة.
وفي تكرار يذكرنا بالفصل العنصري في جنوب إفريقيا أو الولايات المتحدة في عهد الفصل العنصري، تم فرض تفرقة طبقًا للألوان في جميع أنحاء المدينة؛ حيث تم منع الأفارقة من دخول المستشفيات والفنادق ومحلات السوبر ماركت والمحلات التجارية ومنافذ الطعام.
وفي إحدى المستشفيات، حُرمت امرأة حامل من الدخول، وفي إحدى المتاجر، تم إيقاف امرأة إفريقية عند المدخل بينما سُمح لصديقتها البيضاء بالدخول.
وفي مطعم ماكدونالدز، في جنوب الصين تم وضع لافتة تقول “غير مسموح للأشخاص السود بالدخول”.
تسببت العنصرية المنتشرة في احتجاج شعبي كبير عبر إفريقيا؛ حيث تمت مشاركة تلك التصريحات على وسائل التواصل الاجتماعي تحت علامة الهاشتاج #ChinaMustExplain.
الصين: تاريخ حافل بالعنصرية
فبالنسبة إلى الغرباء، قد تبدو هذه العنصرية الرهيبة “غير مسبوقة”. لكن الأقليات العرقية في الصين ستجدها مألوفة للغاية. ففي شاوجوان، التي ليست بعيدة عن جوانجزو، أدى القتل العنصري لعاملين من الأويغور في عام 2009م مثل حادثة أورومتشي إلى سلسلة من الأحداث الصاخبة، ممَّا أفضى إلى مزيد من القمع في المنطقة الشمالية الغربية من شينجيانغ؛ حيث تعود أيديولوجية “العرق” الأعلى في الصين إلى تاريخ طويل.
عنصرية رسمية وشعبية
وعلى الرغم من أن الصين لديها أدنى نسبة هجرة في العالم (يمثل المهاجرون 0.07 ٪ فقط من السكان)، فإن السلطات تفرض سياسات “إدارة هجرة” قاسية؛ حيث يمكن تجريم المهاجرين الأفارقة في كثير من الأحيان بطريقة مماثلة للمهاجرين الداخليين القادمين من الريف. فإضافة إلى عمليات التفتيش على الهجرة وحملات القمع، تمنع السلطات باستمرار المهاجرين من العيش في أحياء معينة، كما لا توجد أيّ حماية قانونية ضد التمييز العنصري في البلاد
وقد سلطت أزمة كوفيد 19 الضوء على هذه العنصرية المعادية لإفريقيا التي طال أمدها، فبينما تصبح المجتمعات الآسيوية في أوروبا والولايات المتحدة ضحايا للعنصرية خلال هذا الوباء، يصرخ الأفارقة في الصين، ” أرجوكم، نحن ليس وباء فيروس كورونا “.