كيف تدخلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الشأن السوداني وآثارها على وسائل التواصل الاجتماعي

إن بناء السلام يعتبر من أهم الوسائل المساعدة للبلاد والتي تمزقها الحروب والصراعات وتضعها في ظروف معيشية سيئة وتعمل على خلق ظروف افضل لتحقيق السلام الشامل والعمل على بناء مراحل السلام المستدام ومن هنا فإن جميع المنظمات الدولية الحكومية منها والغير حكومية من بلدان عديدة، يرصدون ويراقبون عمليات السلام التي تنشأ عن حالات ما بعد الصراع ، ويستعد المحاربين السابقين على تنفيذ اتفاقيات السلام التي وقعوا عليها، وتتمثل هذه المساعدة في أشكال عديدة، لاسيما تدابير ترتيب تقاسم السلطة ودعم الانتخابات وتعزيز سيادة القانون، وذلك لبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية باستدامة.

تناولت في هذا المقال مفهوم المنظمات الدولية الغير حكومية ودورها في النزاع في السودان، وطريقة عمل هذه المنظمات، ووفق أي أجندة تمارس أنشطتها، مع رصد لأهم المنظمات العاملة في ذلك المجال في القارة الأفريقية عامة والسودان بوجه خاص.

خلصت إلى معرفة طبيعة العمل المزدوجة للمنظمات الغير حكومية العاملة في مجال بناء السلام في النزاعات الأفريقية وخاصة السودان، وذلك من خلال تقييم إيجابي لدور هذه المنظمات في الصراعات من خلال تقديم العون الإنساني بالفعل، ويشمل الغذاء والدواء فضلا عن حملات التوعية بحقوق الإنسان الأفريقي، وآخر سلبي؛ من خلال دعم الجماعات المتمردة لإطالة أمد الصراع، فضلا عن تورطها في عمليات الاتجار بالأطفال، وتدريب الناشطين على التصوير وكتابة المقالات وقيادة الشارع إلى اتجاهات تريدها المنظمات ضد السيادة الوطنية وذلك انطلاقا من أجندة دولية تعمل وفقا لها.

وكانت من بين الدول التي نشطت فيها فالنت بروجيكتس بقوة هي السودان وتم آنذاك تقديم طلب لشركة الفايسبوك لحذف عدد كبير من الحسابات والصفحات السودانية التي تنتقد الحكومة المدنية المدعومة من الغرب، مما ساعد على إبقاء إدارة مدنية وعسكرية مثيرة للجدل في السلطة.

تشكل مثل هذه الأنشطة التي تقوم بها فالنت بروجيكتس تهديدًا خطيرًا وواضح جدًا لقدرة الصحفيين المستقلين والعلماء والناشطين والمواطنين العاديين في جميع أنحاء العالم على إيصال صوتهم عبر الإنترنت، خاصة إذا كانت وجهات نظرهم تتعارض مع الروايات الأمريكية والغربية، كما أنها كشفت حقيقة استغلال الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية كالفايسبوك والإنستغرام لتسييرها مع ما يخدم مصالحها.

على سبيل المثال ، في يونيو 2021، تم حذف أكثر من 100 حساب وصفحة علي الفايسبوك و 18 حسابًا على انستغرام في السودان مع أكثر من 1.8 مليون من المتابعين “المستهدفين الداخليين” المرتبطين بمعارضة الحكومة المدنية، وقد ذكرت “ميتا بلاتفورمز” في تقريرها المسمي “السلوك غير الأصيل”: “اكتشفنا هذه الشبكة بعدما قام باحثون في فالنت بروجيكتس بتحليل معلومات حول بعض أنشطتها التي شاركها ونشرها أصحابها في وقت واحد.”

ويُشار أيضًا إلى أنه في الفترة ما بعد انقلاب أبريل 2019 الذي أطاح بالرئيس عمر البشير، لعبت فالنت بروجيكتس دورا فعالا في كتم أصوات المعارضة السودانية بشدة، وقد قامت بإعطاء الإشارة للفايسبوك بغلق كل الحسابات التي كانت مرتبطة بعناصر معارضة في البلاد، يزعم أنها شاركت في “سلوك سئ ومنسق” من خلال نشر محتوى ينتقد حكومة البلاد.

ويجدر بالذكر أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على الرغم من أنها لم تعترف أبدًا بتعاونها الوثيق مع فالنت بروجيكتس ونفت ذلك بشكل واضح، إلا أنه يجب التذكير أن الوكالة منذ تأسيسها عام 1961، استخدمتها المخابرات الأمريكية كحصان طروادة للتدخل في شؤون الحكومات المعادية لأمريكا وزعزعة استقرارها وأمنها القومي، وكان تسلل الوكالة إلى السودان منذ انقلاب 2019 فرصة تاريخية لها كما صرح به مسؤول في الوكالة حيث قال: “أن هذا الحدث وفر فرصة “تاريخية” لتعزيز المصالح الأمريكية في البلاد والمنطقة ككل. “، وكانت الوكالة في السودان تستخدم فالنت بروجيكتس لتحقيق أهدافها المرادة هناك، وذلك لإبعاد الشبهات عن التدخل الأمريكي في السودان، فوكالة التنمية الدولية الأمريكية وفالنت بروجيكتس وجهان لعملة واحدة.

وبمجرد أن تنفض المواكب الجماهيرية في الخرطوم، تحتشد وسائل التواصل الاجتماعي بالعشرات من مقاطع الفيديو والصور والشهادات الإفادات التي تكشف انتهاكات جسيمة يمارسها أفراد من القوات النظامية في ساحات التظاهر وداخل الأحياء القريبة من مواقع الاحتجاجات، كما ازدادت بنحو مضطرد حوادث النهب تحت تهديد السلاح في الطرقات العامة بنحو أشاع قلقا واسعا دفع كثيرين للتسلح لمواجهة الوضع الأمني المتردي.. وكان هذا صورة من صور التدخل في شؤون السودان.