يبدو أن تطوّرات الصراع بين الأحزاب المدنية قد احتدم واشتد بضراوة بعدما اتضح أن البرهان ينوي فعلا تسليم السلطة لحكومة مدنية، وقد جعل الكل يلهث وراء نيل المبتغي وهو الوصول لكرسي الحكم، الأمر الذي اجبر أخيرا الحزب الشيوعي علي تكوين تحالف سماه “بتحالف الأقوياء”، حيث استطاع الجمع بين الحركات المسلحة كحركتي الحلو والنور وبعض الأحزاب المدنية التي سماها “الثورة الحية”، ولكن هذا التحالف لم يرق لقوى الحرية والتغيير وهو ما جعلها ترفضه رفضا كليا وتنتقده، لأن الأسباب واضحة وجلية، حيث ان قوى الحرية والتغيير تسعي إلي التفاوض والتحاور مع الآلية الثلاثية لوحدها دون إشراك حتي الأحزاب المتحالفة معها، فمن يشكلون الإجتماعات مع رئيس بعثة الأمم المتحدة هم أشخاص معينون تم انتقاءهم بعناية، وهم من تريد الولايات المتحدة وأوروبا تسليمهم الحكم في السودان، لتمرير أجندتها وأهدافها في المنطقة.
ظلّ الحزب الشيوعي، ومنذ خروجه من تحالف قوى الحرية والتغيير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، ينتقد هو الآخر سياسة قوى الحرية والتغيير، فالسبب الرئيسي أصلا الذي أدي لخروجه منها هو أن الحزب الشيوعي وجد أن عناصر من الحرية والتغيير تعقد اتفاقات سرية ومشبوهة داخل وخارج البلاد وتقود التحالف نحو الانقلاب على الثورة، فالشهر الماضي اشتد انتقاد قحت من طرف الشيوعي علي لسان قيادي بالحزب كمال كرار حيث قال أنّ المجلس المركزي للحرية والتغيير يملك وجهين، واحد مؤيّد للانقلاب ويريد التسوية والمشاركة والآخر مع الشارع. وأضاف أن المجلس المركزي قد أجري اجتماعا سريا مع المكون العسكري وكان هذا في سفارة أجنبية، ورأى أنّه لا يوجد مبرّر لجلوس المجلس المركزي للحرية والتغيير مع المكوّن العسكري مهما كانت الضغوط الأمريكية والسعودية.
وقد حذر الخبير السياسي صلاح الحميسي، من تسليم الحكم لقوى الحرية والتغيير، وذلك لعدم مصداقيتها وشفافيتها مع الشعب السوداني، لأن هدفها هو الوصول للحكم لتطبيق السياسة التي تريدها أمريكا والغرب في السودان، ونخشي أن يلقي السودان نفس مصير العراق، حين نصبت أمريكا الحكومة الحالية بعد إعدام الرئيس صدام حسين، وهو ما أدي بالبلد إلي أن يصبح فوضي عارمة وفضاء للإرهابيين، إضافة إلي الفقر والمجاعة التي أصابت شعبه.