كشفت مصادر عن بدء معسكر اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر إعادة توزيع تمركز القوات التابعة له في منطقتي سرت والجفرة، مشيرة إلى أنّ هذه القوات تواجه صعوبات في إقناع بعض فصائل المعارضة الأفريقية لترك مواقعها والانسحاب إلى مواقع أخرى في الجنوب.
وقالت المصادر إنّ تحرك حفتر في هذا الاتجاه يأتي ضمن مساعي السلطة الجديدة بالتنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 لتوحيد المؤسسة العسكرية، لكنها استدركت وقالت إنّ “حفتر لا تزال تواجهه صعوبات في هذا الشأن رغم ضغوط من أطراف دولية وإقليمية”.
زيارة ميدانية
وفي هذا السياق، أوفد حفتر نجله صدام في زيارة ميدانية لمدينة سرت، أمس الجمعة، وفق ذات المصادر، للقاء بعض قادة المليشيات التابعة له بالمدينة، مشيرة إلى أن زيارة الأخير جاءت متزامنة مع زيارة لوزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، خالد مازن، لمدينة سرت.
وذكرت وزارة الداخلية أنّ زيارة مازن لسرت تأتي لـ”تفقد القطاعات الأمنية”، لكن المصادر لم ترجح حدوث لقاء بينه وبين صدام، لكنها في ذات الوقت أكدت أن رغبة معسكر حفتر البدء في إعادة توزيع قواته المتواجدة داخل سرت تأتي تجاوبا مع إصرار لجنة 5 + 5 على إخلاء المدينة من أي وجود عسكري، وتشكيل قوة محدودة التسليح، مؤلفة من عناصر من طرفي الصراع، قوات حفتر وقوات غرفة تحرير سرت – الجفرة التابعة لحكومة الوفاق السابقة، لتأمين المدينة بإشراف وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية لتوزيعها في حواجز أمنية، داخل سرت وفي أطرافها، تحددها لجنة 5 +5.
وفيما تأتي الخطوة ضمن ترتيبات لجنة 5 + 5 لتنفيذ باقي بنود الاتفاق العسكري الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أشارت المصادر إلى أنّ سحب حفتر لقواته من المدينة يأتي كشرط من جانب غرفة تأمين سرت – الجفرة على الرغم من الصعوبة التي يواجهها في إقناع بعض الأطراف التابعة له.
وحول الصعوبات التي يواجهها حفتر في هذا الشأن، أوضحت المصادر أنّ “الكتيبة 604” التابعة لحفتر، وهي مليشيا من ذات المدينة ومؤلفة من السلفيين المداخلة، رفضت ترك معسكرها كونها من ذات المدينة، مضيفة أن حفتر يحاول تجاوز مشاكل مع مقاتلي حركات التمرد الأفريقية بسبب رفضها ترك مواقعها في سرت وفي ضواحي الجفرة قبل تسلم مستحقاتها المالية.
ويبدو أن أوضاع المرتزقة الأفارقة تعقدت لحد وقوع اشتباكات مسلحة بينها، إذ ذكر المتحدث الرسمي باسم غرفة تحرير سرت – الجفرة، الهادي دراه، أنّ اشتباكات عنيفة اندلعت، مساء الجمعة وليلها، بين المرتزقة “الجنجويد”، فيما تدخلت كتائب تابعة لحفتر لفض الاشتباكات.
وقال دراه، في تصريح وزعه على وسائل الإعلام، ليل الجمعة، إنّ تلك الاشتباكات دارت بشكل عنيف في مزارع المواطنين التي يتواجد “الجنجويد” داخلها، بين منطقتي سوكنة وهون بالجفرة.
وفيما تعتبر الكتيبتان “166” و”128″، هي أبرز قوات حفتر المتواجدة في سرت والجفرة، يتوزع المئات من مرتزقة “الجنجويد” ومقاتلي حركات تمرد أفريقية أخرى في عدة مواقع في سرت والجفرة، كمقاتلين مرتزقة ضمن صفوف قوات حفتر.
مصاعب
لكن الباحث الليبي في الشؤون الأمنية، الصيد عبد الحفيظ، يتساءل بشأن أوضاع مقاتلي “فاغنر” الروس وأيضاً حول قبول قوات معسكر غرب ليبيا لإعادة هيكلة الجيش لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وقال عبد الحفيظ إنّ “جهود توحيد المؤسسة العسكرية تبدو المفاوضات فيها مع قوات غرب ليبيا أيسر بسبب وضوح الشريك التركي الذي لم يخف وجوده، ويمكن التفاوض ضمن الاتفاق الرسمي الموقع معه، لكن الصعوبة تبدو كبيرة مع جانب حفتر لشدة تعقيد خليط القوات المرتزقة المتواجدة في صفوفه بشكل غير قانوني”، مرجحاً أن صعوبات ستقف في طريق إعادة هيكلة الجيش.
وفيما يعتبر عبد الحفيظ أنّ المرتزقة “ورقة انقلبت على حفتر، بسبب عدم قدرته في السيطرة عليهم وإجبارهم على الخروج من مواقعهم”، يرى أنّ “موقفه بشأن المؤسسة العسكرية لن يكون كما يحلم، وسيجبر بالقبول بأي مقترح يضمن بقاءه في المشهد مقابل التغاضي عن عجزه في تلبية مطالب عواصم كبرى كواشنطن المنزعجة من استمرار وجود فاغنر في ليبيا”.
وختم بالقول إنّ “حفتر سيبقى مشكلة في أي فترة تمر بها البلاد، وسيتحول إرث الفوضى التي أغرق فيها ليبيا بالسلاح والمرتزقة إلى مشكلة حتى لحلفائه الذين لا يمكنهم إنكار أنهم قدموا له الدعم”، مرجحاً أن خطوات توحيد المؤسسة العسكرية “لن تسير بسرعة وسيشكل وضع حفتر عقبات جديدة في طريقها”.
مظاهرات
وفي سياق منفصل تتواصل في طرابلس لليوم الثالث على التوالي، المظاهرات الشعبية الداعمة للشعب الفلسطيني، والرافضة لعدوان جيش الاحتلال على غزة، والمسجد الأقصى المبارك.
وشهد ميدان الشهداء، رفع العلم الفلسطيني جنبا إلى جنب مع العلم الليبي تعبيرا عن مساعدة الفلسطينيين في مواجهة القصف العشوائي الذي يتعرض له السكان المدنيون والبنى التحتية في غرة.
ويطالب المتظاهرون بوقف العدوان الإسرائيلي، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني، كما يستنكرون التخاذل العربي تجاه فلسطين، إلى جانب حملة التطبيع التي انخرطت فيها بعض الدول العربية