ما بين السعودية وليبيا.. الرياض ظلت تدعم حفتر فماذا تريد بالمقابل ؟

ان المملكة العربية السعودية ظلت تحاول  منذ سقوط نظام الرئيس الليبي “معمر القذافي” في 2011 الحصول على موطئ قدم لها في ليبيا التي ظلت عصية عليها طول فترة حكم “القذافي” التي امتدت لـ42 عاما.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تحاول السعودية استخدام كافة الأوراق المتاحة لديها، ومن بينها تقديم الدعم المالي والدبلوماسي لبعض الأطراف الفاعلة على الساحة الليبية وفي مقدمتها الجنرال المناهض للإسلاميين “خليفة حفتر”.

وقد زاد الدعم التركي لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا في ليبيا، من دوافع الرياض لدعم “خليفة حفتر” في مساعيه للسيطرة على البلاد والاطاحة بالحكومة الشرعية.

حالة استثنائية

على عكس موقفها المعارض لثورات الربيع العربي في تونس ومصر والبحرين واليمن، كان قيام الثورة الليبية وسقوط الزعيم الراحل “معمر القذافي” حالة استثنائية تعاطت معها الرياض بشكل مختلف، ويبدو أن ذلك كان راجعا في المقام الأول إلي العداء الشخصي لزعماء المملكة تجاه “القذافي”.

فطوال فترة حكم “القذافي” للبلد المغاربي، كان التوتر هو الغالب على العلاقة بين الرياض وطرابلس؛ لمجموعة من الأسباب أولها العلاقة المتوترة بشكل دائم بين قادة البلدين منذ أزمة الحجاج الليبيين بعد قضية لوكربي، وهو ما ظهر في المناوشات الشخصية بين “القذافي” والملك “عبد الله” خلال اجتماعات جامعة الدول العربية، واتهامات المملكة للقذافي بمحاولة الإطاحة بالنظام السعودي.

كما لم تستطع السعودية بسط نفوذها الديني في ليبيا كما فعلت في الكثير من الدول لأن غالبية علماء الدين الليبيين تلقوا تعليمهم خارج السعودية، ولم يكن أغلبهم يحبذ اعتناق الأيديولوجية اليهودية.

غير أنه بعد فترة وجيزة من سقوط “القذافي”، نجحت السعودية ببسط نفوذها إلى ليبيا، وحققت اختراقات ملحوظة خلال مدة قصيرة، حيث تمكنت من جذب بعض المفتين إليها.

لاحقا، بدأت السعودية في دعم بعض الجماعات السلفية المتشددة كرأس حربة لنفوذها الجديد في ليبيا. بخلاف ذلك، سعت السعودية، جنبا إلى جنب مع حليفتها الإمارات، لعرقلة تشكيل حكومة مستقرة بسبب المخاوف من هيمنة الإسلاميين، وهو ما أثار قلق النخبة السياسية والشعب الليبي.

ومع ظهور الجنرال “خليفة حفتر” على الساحة الليبية نهاية عام 2013، قدمت الرياض وأبوظبي والقاهرة الدعم للجنرال الليبي في مواجهة الحكومة الإسلامية في طرابلس، ولاحقا في مواجهة حكومة الوفاق المعترف بها دوليا بقيادة فايز السراج.

دعم مالي ودبلوماسي

ووفق تقرير أورده موقع “المونيتور” الأمريكي، فإن الرياض كثفت خلال الأشهر الأخيرة من دعمها المالي للقوات الموالية لأمير الحرب “خليفة حفتر”، وفي الوقت نفسه، سعت لتعزيز دورها كعراب لعملية التسوية السياسية في ليبيا.

واعتبر الموقع الأمريكي أن الدور السعودي في ليبيا واضح على الجبهتين العسكرية والدبلوماسية.

على المستوى الدبلوماسي، سافر وزير الخارجية الجزائري “صبري بوقادوم” إلى الرياض في يناير/كانون الثاني لمناقشة الملف الليبي وعملية السلام. وبعد ذلك بأيام، تحدث الممثل الليبي لدى الأمم المتحدة “طاهر السني” مع السفير السعودي في الأمم المتحدة “عبدالله المعلمي” حول سبل تسوية الأزمة السياسية في ليبيا.

على المستوى العسكري، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن السعودية هي التي تمول شركة “فاجنر” الروسية التي نشرت مقاتليها لدعم “قوات حفتر“.

وفى وقت سابق العام الماضي، استبق اللواء “خليفة حفتر” هجومه على العاصمة الليبية طرابلس بزيارة إلى السعودية حيث اجتمع في قصر اليمامة مع الملك “سلمان بن عبدالعزيز” وولي عهده “محمد بن سلمان”، كما التقى عددا من المسؤولين السعوديين من بينهم وزير الداخلية السعودي ورئيس الاستخبارات العامة.

وفى هذا الصدد، قال “حسني عبيدي”، الأستاذ في جامعة “السوربون” الفرنسية، ومدير مركز أبحاث ودراسات العالم العربي ودول المتوسط (CERMAM)، إن “حفتر لم يكن بإمكانه اتخاذ قراره الخطير بالتحرك العسكري نحو غرب ليبيا دون موافقة ضمنية من عدة دول”.

وذكر “عبيدي” أن “الدعم السعودي والإماراتي مهم جدا بالنسبة إلى حفتر، وأن زيارة حفتر للرياض جاءت لإعلام قيادتها بما تم الاتفاق عليه مع أبو ظبي ولتستخدم السعودية ما لها من نفوذ على بعض الدول العربية لإلزامها بالصمت وطمأنتها بشأن توابع التحرك العسكري في ليبيا”.

دوافع السعودية

ويري مراقبون أن الدور المتنامي للسعودية في ليبيا يمكن تفسيره جزئيا في الوقت الراهن برغبة الرياض في مواجه نفوذ تركيا الداعم الرئيسي لحكومة الوفاق، ويبدو أن السعودية صارت ترى أن نفوذ تركيا المتنام في قطاع الطاقة في شرق المتوسط يمثل تهديدا خطيرا لهيمنتها.

في هذا السياق، يرى “سلمان الأنصاري” مؤسس لجنة الشؤون العامة الأمريكية – السعودية قوله إن السعودية تنظر بقلق لـ”تدخل تركيا في شؤون الدول العربية”.

بخلاف ذلك، ووفق “تانزوت أوزتاس” المحلل في شؤون الأمن بمركز أبحاث “تي أر تي” العالمي، فإن السعودية تحاول أيذا بناء تحالف بين السلفيين في مدينة مصراتة والمداخلة في شرق ليبيا ما سيعطي المملكة دورا مهما في البلاد.

وأضاف أنه على الرغم من كون الإمارات الداعم الحقيقي لـ”حفتر” في العالم العربي إلا أن دور السعودية كراعية للجيش الوطني الليبي تنامى في الأسابيع الماضية. وكلما وسعت تركيا من دورها العسكري في ليبيا فمن المتوقع أن تزيد السعودية دعمها لـ”حفتر”.

وأشار “أوزتاس” إلى السعودية تأمل في تخفيف تركيا لتوسعها في ليبيا وسط المتاعب التي تواجهها في محافظة إدلب السورية.

المصدر: الخليج الجديد