جاء في صحيفة السوداني (العدد ٥٥٨٧) بتاريخ ٢٢/٣/٢٠٢٢م الخبر (الزلزال) الذي يقول واشنطن تعاقب شرطة الاحتياطي المركزي، إذ فرضت وزارة الخزانة الأمريكية (لعقوبات) على شرطة الاحتياطي المركزي في السودان لضلوعها في مقتل المتظاهرين المطالبين بالحكم المدني…إلخ الخبر.
وقد واصلت تلاوة هذا الخبر (القنبلة) الصدمة، وقد ألجمتني الدهشة والصدمة وأنا بين مصدق ومكذب لهذا الخبر (المعيب) قانونيا، ودبلوماسيا وسياسياً وأخلاقيا!! لا سيما وهو صادر من أكبر وأقوى دولة في العالم تخاطب (رأسا) وعلى الهواء مباشرة مؤسسة أمنية شرطية تخضع لدولة أخرى، ورأس دولة، ووزارة خارجية بهذا القرار الكارثة الدبلوماسية الأمريكية التي تستضيف أراضيها قمة الدبلوماسية العالمية، وأعني بذلك منظمة الأمم المتحدة، فكيف يمكن أن يصدر منها مثل هذا القرار بالصورة والكيفية التي صدر بها، والتي تعتبر بكل المقاييس الضربة الدبلوماسية الأولى (الخطأ)، بل الممعنة في الخطأ غير المسبوق على مستوى العالم.
ولو كان هذا الخبر الزلزال قد صدر ضد أي دولة أخرى بالأمم المتحدة غير السودان لقامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد استقالة وزيري الخارجية والخزانات الأمريكيين.
ولكن هذا يحدث في السودان البلد الذي ينحني دائماً للعواصف حتى تمر لأنه بلد ( العقوبة ومعليش، وزلة لسان وباركوها يا جماعة، وعلي الطلاق تباركوها.. والجايات أكتر من الرايحات. وتأسيسا على ذلك يعتبر القرار الاستفزازي رصاصة الرحمة والموت الرحيم الذي أطلقه وزير الخزانة الأمريكي للعلاقة بين بلاده والسودان من حيث يدري، أو لا يدري.
وهذا القرار الخارج عن كل الأعراف الدبلوماسية المعمول بها في كل أنحاء العالم قد جاء بردا وسلاما على قوات الاحتياطي المركزي، وليس العكس، لأنه أضاف إليها بعدا عسكرياً لقدراتها المميزة أصلاً ، وليس خصماً عليها كما أراد القرار .
أما (القوة المفرطة) التي يتحدث عنها القرار فهي الغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه وحسب.
فإذا كانت هذه الوسائل التقليدية المعمول بها في كل أنحاء العالم تجاه المظاهرات، وأعمال الشغب، لكانت تعتبر قوة مفرطة، ولست أدري ماذا يسمي وزير الخزانة الأمريكية ضربات صواريخ (توماهوك) بالليزر من الطائرات الحربية ضد الأهداف المدنية وأعني بذلك الأبراج السكنية العملاقة التي تسوى بالأرض في ثواني، ولست أدري أيضاً أي اسم يطلق وزير الخزانة الأمريكي على عمليات القتل العمد التي تنفذ بواسطة قوات الشرطة الأمريكية على مواطنيها المنحدرين من أصول (أفريقية) في قلب المدن الأمريكية !! هذا القرار الممعن في الخطأ، والجهل السياسي، قد قدم لقوات الاحتياطي المركزي هدية لا تقدر بثمن، على طبق من ذهب، لأنه عمل على تعريف وترويج لقوات الاحتياطي المركزي السودانية للعالم التي يحسب لها هذا القرار، وليس عليها، وأزال ورقة التوت التي كانت تغطي الأخطاء والخطايا لأكبر دولة في العالم!!
وبرغم أن هذا القرار جائر ستظل قوات الاحتياطي المركزي هي قوات النخبة في الشرطة السودانية المعاصرة، وهي رمانة ميزان الأمن الداخلي، وهي أحد أهم ازرع وممسكات الأمن القومي السوداني بمشيئة الله تعالى.
ختاماً هذا زمانك يا مهازل فامرحي.
فريق شرطة بشير محمد علي بخيت
نائب مدير عام قوات الشرطة الأسبق
قائد قوات الاحتياطي المركزي الأسبق
أحد القادة المؤسسين للاحتياطي المركزي الدفعة ٢٤ كلية البوليس ١٩٦٨م