محجوب عروة
يبدو واضحا من استمرار التظاهر الرافض لنصف الانقلاب الذى اعلنه الفريق البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضى ثم الاتفاق السياسي بينه وبين د. حمدوك ان الامر يحتاج الى وقفة تتمتع بقدر قليل من الحكمة والتعقل حتى نتجنب أى انزلاق في الفوضى ونهاية السلمية التي اتسم بها الرفض وذلك لسبب بسيط انه اذا استمرت الأحوال هكذا وتخندق كل طرف يصر على موقفه ولا يقبل الحلول الوسط ورأي اهل الحكمة والعقل فسينطبق على بلادنا المثل القائل (اذا تشاجرت الأفيال فإن المتضرر هي الحشائش والأشجار).
وكما كتبت سابقا قبل قرارات 25 أكتوبر بأشهر شبهت الوضع الحالي بأنه توازن الضعف بين من يملك القوة الصلبة ومن يملك القوة الناعمة وكلاهما لا يمكنان أحدهما من السيطرة الكاملة على مجمل الأوضاع فيضيع بينهما الوطن والمواطن. ثم حذرت القوى السياسية جميعها بانه اذا استمر الحال بينها هكذا في ممارسة الصراعات وخلافاتها السياسية العنيفة سواء حاكمة أو معارضة، كلٌ يهدف لإزالة الآخر وليس التعايش معه فلن يندهش أحد اذا وقع انقلاب عسكرى جديد وقد حدث..
فيا قادة بلادنا من مدنيين وعسكريين ويا أيتها الأحزاب من أقصى اليسار الى أقصى اليمين وما بينهما بالله عليكم انظروا بعين الشفقة لهذا الشعب الذى يمارس الصبر النبيل يعانى اليوم من ضيق العيش ومن انفلات الأمن ومن رهق الدنيا وأسألوا أنفسكم لماذا لا نبادله وفاءً بوفاء وحبا بحب واحتراما باحترام فاجلسوا جميعا كأبناء وطن واحد وليسوا أعداءً حول مائدة واحدة تمارسون الحوار بصدق وشفافية وعقول مفتوحة واحترام متبادل من اجل آن حاضر ومستقبل أفضل مما نحن فيه؟ لماذا؟ ألا ترون ما فعل العناد والعمى الاستراتيجي ومظنة الانفراد بالسلطة بشعوب كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا فكفرت بأنعم الله عندما رفضت الحوار واحلت الصراعات والاقتتال واتبعت شهوة السلطة والانقياد للأجندة الخارجية فصارت اليوم تعض بنان الندم قتل حكامها وقادتها بسبب عنادهم وأصبح مواطنوها يعيشون الخيبة والجوع ونقصاً في الأموال والأنفس والثمرات ولا يجد أطفالهم ما يقتاتون به ولا ما يواجهون به الأمراض الفتاكة والأنيميا والهزال ينتظرون الموت في أي لحظة لا يملك أهلهم غير البكاء والشكوى ينتظرون رحمة الله.. ولكن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
نعم هل من جلوس حول مائدة مستديرة ليتفق الجميع على وضعية ومعادلة موزونة بميزان الذهب لكيف ندير متبقى الفترة الانتقالية عبر مجلسى سيادة ووزراء ومؤسسات انتقال دون محاصصات حزبية فلا تتحكم فيها أحزاب بعينها دون أخرى ثم يضع الجميع دستورا مؤقتا مثلما حدث ثلاث مرات منذ الاستقلال مرورا بثورتي أكتوبر وأبريل لادارة الفترة الانتقالية بأقل خسائر ممكنة وبكفاءة وعدالة وانصاف ومساواة والاتفاق على نظام وقانون الانتخابات حتى ينصرف الجميع الى الاستعداد لها بالكفاءة اللازمة بسند وتأييد الناخبين الذين يشكلون الأغلبية الصامتة الذين ظلوا يستمعون ويشاهدون ويراقبون كل ما يجرى في الساحة وحتما سيقفون ويعطون غالب أصواتهم لمن يروه أقرب للصواب والعقل وليس من هو أضخم صوتا واكثر هتافا او ادعاءً بالحقيقة.. نعم سيكون الفائز من يقدم أفضل برنامج وافضل قادة.. صدقونى فهذه الملايين من شباب الثورة والمقاومة ليسوا كشباب الأمس فهم أكثر وعيا مما يظن الساسة ومن الأجيال التي حكمت منذ الاستقلال.. صدقونى.. سيعاقبون عبر صندوق الانتخابات لا صندوق الذخيرة من لا يمارس السياسة والحكم بالكفاءة والأمانة اللازمة ويقدم أفضل ما يرونه مناسبا.. لقد انتهى عهد الديماغوغية السياسية