محمد عاطف يكتب: الفرصة الأخيرة لمحامين مصر!

محمد عاطف
كاتب ومحامي مصري

تنص المادة 198 من الفصل السادس بالدستور المصري المعدل في 23 إبريل 2019، على أن “المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلاً، وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام. ويتمتع المحامون جميعاً أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال. ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك كله على النحو الذي يحدده القانون”.


ووفقًا لما نصت عليه هذه المادة، فإن المحاماة بالطبع لها شأن واضح ومحدد في الدستور، وشئون أخرى كثيرة منصوص عليها في قانون المحاماة ثابتة، أو أمور وامتيازات ومميزات للمهنة حصلت عليها النقابة بقوة أعضائها ونقيبها العام ونقاباتها الفرعية الموجودة بكافة أنحاء جمهورية مصر العربية.


لكن الواقع الذي عليه مهنة المحاماة، ويعيشه الآلاف من الزملاء المحامين والمحاميات غير ما هو منصوص عليه في الدستور، أو ثابت في نص القانون أو مكتسب بقوة النقابة وأعضائها؛ بل إن هذا الواقع بات مُهَدِّدًا للمهنة كلها لأن نقيبنا العام الحالي منذ توليه منصبه لم يتحرك ولو خطوة واحدة في تدبير أمر واحد أو قضية هامة تخص المهنة وزملائه.


وبشكل أكثر توضيحًا وآسف، فقد خاب رجاء المحامين في نقيبهم الفقيه “رجائي عطية” رغم أنه جاء بعد أن أثبتت الجمعية العمومية قدرتها على التغيير للأفضل كما تَمَنَّوا، فجاء النقيب الحالي فقط متفرغًا لرواسب الماضي وما فات من النقيب السابق سامح عاشور، فلا هيئة مكتب لمجلس النقابة العامة لتدبير شئون المحامين وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، ولا تحرك في شأن زميل قُيِّدت حريته لأنه صاحب رأي والأمثلة كثيرة؛ بل إنه دمر مبدأ المتهم يظل بريئًا حتى تثبت إدانته، حين قال لزملائه إن عليهم البحث عن دليل براءة محامي بالنقض لم يقم إلا بعمله فتم حبسه ما يقرب من ستة أشهر على ذمة تحقيقات اتهمته بالانضمام لجماعة إرهابية!.

سامح عاشور النقيب السابق لمحامين مصر


النقيب الحالي فرصته الذهبية في التأكيد على أن سُنَّة التغيير قادرة على تقديم الأفضل، أضاعها ولم يَبكِ عليها أو ينظر لها، وبات متفرغًا لأمور حارب الكثير ومن بينهم النقيب السابق على اكتسابها للمهنة، وهي تدمير ماهية تنقية الجداول بشكل حقيقي يفيد الجمعية العمومية في أمورهم المالية، وتوفير نفقات لشئون المحامين تُصرَف على حاملي عضويات النقابة ولا يعملوا بها، فقط لأن من قام بهذه الخطوة هو النقيب السابق سامح عاشور ومجلسه.

رجائي عطية نقيب محامين مصر


أُزِيد رغم أن هناك المزيد لا يَسَعني ذِكره، أن قرارات السيد الفقيه المعروف بفصاحته وقلمه ومحصلته القانونية القوية، منفردة ولا شأن لها بمبدأ العمل الجماعي وإشراك الجميع من أعضاء مجلسه الموقر الذي لم يشكل هيئة مكتبه حتى الآن لأسباب لا يعلمها إلا الله وهو وبعض محبيه ومريديه وأتباعه.


نبيل صلاح سلامة العيادي المحامي بالنقض، والذي أعلن ترشحه على منصب نقيب محامين محكمة حلوان الكلية -حلوان أحد المدن الكبرى التابعة لمحافظة القاهرة- قال إن النقيب الحالي رجائي عطية يُهَيمِن على المجلس ويسيطر عليه بقراراته الفردية منذ إعلان فوزه وحتى الآن؛ فهو لا يؤمن بمبدأ المشورة ولا استعداد لديه للنقاش وسماع الآخرين في مشكلات زملائه وشئون مهنتهم.

نبيل صلاح المحامي بالنقض


أضاف المحامي المخضرم – نبيل صلاح- أنه إذا كانت هناك فرصة أخيرة للنجاة بالمهنة وإنقاذها من أزماتها الغارقة بها بنقابتها العامة وفرعياتها والتي من بينها فرعية حلوان، أن تكون هناك نقابة فرعية ممثلة في نقيب وأعضاء قادرين على إدارة شئون نقابتهم بشكل عادل وديمقراطي، وبإعمال اللامركزية التي أثبت نجاحها نقيب محامين محافظة الإسماعيلية السابق، المحامي والنقابي المخضرم نبيل عبد السلام.


ذكر نبيل الأول عن النبيل الثاني أنه رغم الاختلافات التي تطورت لخلافات حادة مع النقيب العام السابق “عاشور” إلا أنه استطاع أن يحصل على امتيازات كثيرة، ويدافع عن كرامة زملائه بمساعدتهم وأعضاء مجلسه بالنقابة الفرعية.
ومن هذا الطرح السالف ذكره بَنَى نبيل صلاح طموحه على وجود فرصة أخيرة للمحامين باختيار ممثلين أقوياء يستطيعوا الدفاع عن المهنة وأعضائها، ويستطيعوا في كل الأحوال الحفاظ على كرامة مهنتهم وأعضائها، وتوفير مناخ آمن وأَوضاع اقتصادية واجتماعية عادلة للجميع دون تمييز.

نبيل عبد السلام المحامي بالنقض


وبناء على ما سبق ذكره وسرده، فإن محامين مصر مازالت لديهم فرصة واحدة ووحيدة لإنقاذ مهنتهم من بئر الخلافات المظلم الذي أغرقها نقيبهم الحالي فيه، وأن تجربتهم الديمقراطية في اختيار ممثليهم لها عليهم حق لإعمال مبدأ اللامركزية الذي بات الملاذ والفرصة الأخيرة لهم للحفاظ على ما تبقى لهم من المهنة، واستعادة ما فات وضاع منهم بسبب خلافات شخصية لا ذنب للمهنة والعاملين بها دفع ثمنها.