محمد عاطف يكتب: المشاغب محمد منير

طلب الصحفي المشاغب -كما وصفه الجميع- في 13 أكتوبر 2019 أن تكون سيرته الذاتية مكونة من معلومة واحدة “محمد محمد منير  “شارك بصدق وإخلاص في ثورة 25 يناير 2011”.

شغبه ووصفه بالمشاكس كان ولازال شرفًا يعتز به تلامذته وزملاؤه مِثلي، وفخرًا وتاجًا على رؤوس بناته الثلاثة، اللائي كُنّ زينة حياته ومصدر بهجتها، حتى رحل عنَّا في 13 يوليو الجاري، بعد خروجه من محبسه مصابًا بفيروس كورونا.

الأسئلة التي صمت عنها الكثير عند معرفتنا خبر وفاته، يجب أن تخرج حتى تنقذ ما تبقى لنا من المهنة في السجون من زملاء كبار وأساتذة مهمومين بالعمل العام والصحافة وحقوق الإنسان.

في 29 يومًا كتبت نهاية العم منير، بدايتها كانت عندما اقتحمت قوات الأمن منزله ليلًا ولم يجدوه، وفوجئ بعدها أن أطعمة اختفت من ثلاجة منزله!

هوجم بيته واحتجز واعتقل وأخلي سبيله حتى وضع بالمستشفى فخرج مريضًا ومات. مات لأنه لم يكن للسلطة التي قررت أصلا منذ البداية احتجازه بُد للتفاهم معه، ورأت أن الحل الأمثل لكتم صوته هو السجن، فاشتد عليه المرض فمات.

كان لا يعلم الغيب عندما قال إنه ينتظر الموت بصدر عار، لا يملك في مواجهة عدوه سوى كلمة أقسم على احترامها وتقديسها وتعظيم دورها، ودفع أي ثمن لخروجها للنور.

الصحفي المصري محمد منير

طبق ما قاله عبد الرحمن الشرقاوي في الحسين ثائرًا وأكد أن الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور، فكانت لكلماته نار أضاءت بألسنة لهبها قبره، وكشفت ظلمات لم يجرؤ الكثير الحديث عنها تاركة آثارها على وجوههم.

عندما اعتصم الصحفيون في مقر نقابتهم في يونيو 2017 اعتراضًا على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، كان أول الحاضرين والداعمين، قال لي حينها عندما طلبت منه في ود أن يسترح قليلا في بيته ويعود: احنا كلنا زملاء ولازم أكون أد الكلمة اللي بقولها، ولو مشيت واعتمدت على إني راجل عجوز وكبير وسبتكم ابقى كذاب، وأنا ما اتعودتش أبقى كذاب، ده مبدأ لازم تحافظ عليه وتدفع تمنه لحد ما تموت إذا كنت مؤمن باللي بتقوله”.

منير الذي اعتقل لرفضه كامب ديفيد عام 1981 هو الصحفي الذي عمل في جريدة الأهالي ثم في مؤسسة اليوم السابع تاركها مفصولًا، حتى انتهت رحلته المهنية في موقع القاهرة 24، الذين نعوه وتألموا لفراقه، كان له من صفات اسمه نصيبًا فاجتمع على حبه ورثائه الجميع، لم يتبدل ولم يتغير قط.

هذا جزء بسيط لمن لا يعرف الأستاذ والأب والمعلم الكبير محمد منير، شئ من رثاء وقليل من كثير كانت ومازالت آثاره بيننا تبكينا على حالنا والمهنة التي أفنى عمره دفاعًا عنها وعن استقلالها.

رسوم الفنان إيهاب النوبي

لمعرفة تفاصيل استغاثات الأستاذ محمد منير قبل القبض عليه وقبل وفاته

رابط صفحته على فيسبوك

https://www.facebook.com/profile.php?id=100003076687253