أخبار ساخنةالأزمة السودانية

نقص الغذاء.. رغم المؤشرات.. هل سيصمد السودان..؟




ظلت التقارير التي تشير إلى حدوث نقص في الغذاء؛ وخاصة في السودان تنشر من منظمات عديدة، وكان أبرزها هذه المرة منظمة الفاو ، الأمر الذي يثير مزيداً من الشكوك حول ما إذا كان ذلك سيحدث في السودان أم لا !؟، و منذ وقت مضى أكد فيه مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أوتشا” بأن 14,3 مليون سوداني يمثلون حوالي 30% من سكان البلاد سيحتاجون لمُساعدات غذائية خلال عام 2022، بزيادة 800 ألف عن العام الحالي، رجحت (الفاو) ازدياد أعداد الأشخاص، الذين يواجهون الجوع الحاد إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر هذا العام، وما بين هذا وذاك فإن البلاد تشهد حالة من الاضطراب بسبب انخفاض قيمة الجنيه، مما ساهم في ارتفاع تكاليف الغذاء وكذلك النقل، وسط مخاوف من أن يفاقم ذلك من عدم إمكانية الحصول على العملات الصعبة إلى ازدياد صعوبة الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.

حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي من أن التأثيرات المجتمعية الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية في السودان ستؤثر بشكل كبير على إمكانية حصول الناس على الغذاء، حيث من المرجح ازدياد أعداد الأشخاص، الذين يواجهون الجوع الحاد إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر هذا العام، وقال ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان، إيدي رو، في بيان نشرته “الفاو”، إن “هناك بالفعل علامات مقلقة على تقلص إمكانية الحصول على الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفه وتوفره بالنسبة لمعظم الناس في السودان، ما يدفع عدداً أكبر من الناس إلى المزيد من الفقر والجوع”.

ثلثي السكان
وخلال الأشهر الأخيرة شهد السودان ارتفاعاً بأعداد النازحين؛ بسبب الصراع في أجزاء من دارفور ومنطقة كردفان، كما أدى انعدام الأمن إلى تآكل سبل كسب العيش، وإلحاق الضرر بالمزارع، وكذلك انتشار البطالة على نطاق واسع،
ويتوقع تقرير بعثة تقييم المحاصيل والأمن الغذائي “CFSAM”، الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، أن يكون الإنتاج المحلي من الحبوب في الموسم الزراعي (2021-2022) نحو 5.1 ملايين طن متري، ما يغطي فقط احتياجات أقل من ثلثي عدد السكان، ما سيترك الكثيرين يعتمدون على المساعدات الغذائية الإنسانية، وعلى واردات الحبوب الأساسية بأسعار تفوق قدرة معظم الناس، بدوره.. حذر ممثل منظمة الأغذية والزراعة في السودان باباغانا أحمدو من أن “ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة المدخلات الزراعية الأساسية مثل الأسمدة والبذور يعني أن المزارعين ليس لديهم خيار آخر سوى التخلي عن إنتاج الغذاء، إذا لم يتلقوا الدعم الفوري، ومن المحتمل أن يكون لذلك عواقب وخيمة ليس فقط على أمنهم الغذائي، لكن أيضاً على مدى توفر الغذاء في السودان، وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى مزيد من الصراع والنزوح”.

الحرب في اوكرانيا
وفق البيانات الحالية للمنظمات الدولية، يبدو الوضع بالنسبة لملايين السودانيين قاتماً، وذلك، إضافة إلى ما سبق، نتيجة تداعيات الصراع في أوكرانيا، الذي تسبب في مزيد من الارتفاع لتكاليف الغذاء، لا سيما أن السودان يعتمد على واردات القمح من منطقة البحر الأسود، ويشير تقرير المنظمة الدولية إلى أن انقطاع تدفق الحبوب إلى السودان سيؤدي إلى زيادة الأسعار، وزيادة صعوبة استيراد القمح، مشيراً إلى أن أسعار القمح في السودان تبلغ في الوقت الحالي أكثر من 550 دولاراً أميركياً للطن، بزيادة قدرها 180% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأضاف ممثل برنامج الأغذية العالمي إيدي رو أن “تداعيات الرصاص والقنابل التي تسقط على أوكرانيا ستظهر على نطاق واسع، بما في ذلك هنا في السودان، حيث من المتوقع أن تعاني العائلات أكثر بعد أن تصبح الوجبات الأساسية رفاهية للملايين. ولكن في الوقت نفسه، يجد برنامج الأغذية العالمي نفسه في موقف سيئ يتمثل في عدم وجود موارد كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة”.

شريان الحياة
في عام 2021 كان برنامج الأغذية العالمي يُمثل شريان الحياة لنحو 9 ملايين شخص في السودان عانوا من الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي، وعلاوة على المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، فإن الدعم النقدي ودعم سبل كسب العيش ساعد الأسر ليس فقط على البقاء على قيد الحياة، بل أيضاً على الازدهار، لكن هذا العام، انخفضت مخزونات الغذاء التابعة لبرنامج الأغذية العالمي في السودان بشكل خطير.

أموالاً جديدة
وبحسب التقرير، ستبدأ مخزونات الغذاء في النفاذ بحلول شهر مايو المقبل، في حال لم تتوفر مصادر جديدة للتمويل، إذ أجبر العجز الحالي الذي يبلغ 270 مليون دولار أميركي، برنامج الأغذية العالمي على إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، ما يعني أن الآخرين المحتاجين سيحرمون من الدعم، وقد يكون من الضروري إجراء المزيد من التخفيضات إذا لم يتلق البرنامج أموالاً جديدة على الفور، وفي العام الماضي، وصلت “الفاو” إلى ما يقرب من 1.5 مليون شخص من الفئات الضعيفة في السودان، ووفرت لهم سبل كسب العيش القائمة على الزراعة.

الدعم العاجل
وباتت المنظمة تحتاج هذا العام إلى 51.4 مليون دولار أميركي لدعم مليوني أسرة زراعية ورعوية ضعيفة، وتمكينها من إنتاج غذائها، والحفاظ على ماشيتها حية ومنتجة، وتعزيز قدرتها على الصمود، ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى ضرورة الحصول على الدعم العاجل لتوفير المدخلات الزراعية الضرورية للأسر الضعيفة قبل بدء موسم الزراعة الرئيسي، في يونيو، حتى يتمكنوا من إنتاج ما يكفيهم من الغذاء والاعتماد على الذات.

صندوق النقد
يرى عضو التحالف الاقتصادي، حسام الدين حسن، أن مؤشرات التنمية منهارة في ظل التدهور السياسي و غياب البرنامج الاقتصادي الناهض بالبلاد، وتوقع في ظل سياسة اتباع المؤسسات الدولية بصورة أحادية و من غير خطط موازية أن تحدث هذه المؤشرات، محذراً في تصريح ل(اليوم التالي) من التمادي في تبنى السودان لسياسة صندوق النقد.

لم تتحقق المجاعة
المحلل الاقتصادي الدكتور، وائل فهمي، قال في تصريح ل(اليوم التالي) صدر في العام السابق، من أنه سيكون هناك مجاعة تتجاوز نسبتها النسبة المذكورة حالياً في هذا التوقيت، وتابع.. من حسن حظ السودان لم تتحقق المجاعة، وبالتالي لم تحدث أي مجاعة أعلنتها الحكومة السودانية خلال ذلك العام، ولفت إلى أن معظم الخبراء السودانيين يستعينون بعدد السكان ما بين ٤٢ – ٤٣ مليون نسمة وليس ٤٧،٩ مليون نسمة، وتابع قائلاً.. نحن لم نقترب من حيث العدد من حافة ال ٥٠ مليون نسمة، وبالتالي فإن معنى ذلك أن نسبة ال ٣٠% من السكان ستكون أعلى من ٣٠% في عام ٢٠٢٢م إن توافقنا معهم على ذلك، وأشار إلى أن ١٤،٣ مليون شخص، بزيادة ٨٠٠ ألف نسمة عن العام الحالي، سيحتاجون الى مساعدات غذائية، وذلك بالمقارنة مع النسبة التي يتعامل بها برنامج ثمرات المقدرة ب ٨٠% من السكان يقعون تحت خط الفقر، شاملاً خط الفقر الغدائي، وذلك وفق معيار البنك الدولى المحدد ١.٩ دولار في اليوم، ولم يوضح الخبر ما إذا كان هؤلاء من الذين يقعون تحت خط الفقر المدقع أم غيره، وأضاف د.وائل بخلاف ال ٢،٩ مليون من النازحين بدارفور واللاجئين من دول الجوار، مما جعله يتساءل أين التوزيع الجغرافي لبقية الذين سيحتاجون للعون الغذائي؟ مع معرفتنا بتحسن في الموسم الزراعي بولايات عديدة في السودان، ويضيف في سؤاله ما هي عوامل أسباب المجاعة ولماذا ؟و من هم الذين يحتاجون للمساعدات الغذائية؟ فالنماذج القياسية لوحدها لا تكفي في تقرير نسبتهم أو مواقعهم أو تحديدهم بصفاتهم الشخصية.

المزيد من التدقيق
ويشير إلى أنه من المعروف بالأدبيات الآن إن ٣٠ – ٦٠% من المعونات، التي يمولها المتعاطفون، أفراداً وشركات وحكومات، مع الفقراء حول العالم، هي في الواقع مصروفات إدارية للعاملين بمثل هذه النوعية من المنظمات التي تتعامل مع مثل هذا النوع من القضايا، وقال إن الهدف من هذه التقارير هو تمكينهم من الحصول على أموال لها لمساعدتها في تخفيف وطأة العاطلين عن العمل ببلادهم بفتح فرص عمل طرفها بمرتبات أعلى، متسائلاً كم سيكون المتبقي بعد خصم المصروفات الإدارية لتجنيب ١٤،٣ مليون نسمة من خطر مواجهة أزمة الغذاء ؟، وبحسب حديثه فإن المواسم الزراعية بالسودان في هذا العام مبشرة بالخير الوفير، ومن المعلوم أن غالبية سكان السودان يعملون بالقطاع الزراعي ويتعايشون من خيراته، وأوضح أن في مثل هذا الأمر بالنسبة لمثل هذه الأنواع من التقارير الأجنبية تحتاج لمزيد من التدقيق.

مساعدات مباشرة
بينما يقول المحلل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان محجوب، يعاني السودان من ارتفاع كبير في نسبة الفقر بنسبة قد لا تقل عن 60%، كما استبعد معاناة السودان من عدم توفر الغذاء، بل من ضعف القدرة على شراء الغذاء وربما يزيد العدد غير القادر على دفع تكلفة الغذاء عن 14 مليون مواطن ولاجئ وقد فاقم الأزمة توقف برنامج ثمرات منذ حوالي شهرين تقريباً ، ولفت إلى أن الحكومة الانتقالية بالتنسيق مع المانحين الدوليين اختارت برنامج ثمرات لتقديم دعم مالي مباشر لحوالي ثلاثين مليون مواطن سوداني، ويعتبر د. الفاتح في حديثه ل(اليوم التالي) أن هذا مبلغ بسيط جداً لا يزيد عن خمسة دولارات شهرياً، بينما يعتبر الحد الأدنى المقبول عالمياً للفقراء واحد دولار يومياً للفرد أي إن الحكومة تدفع سدس المبلغ المطلوب لسد حوجة الإنسان من الغذاء وفق الحد الأدنى، واصفاً السودان حالياً بأنه في حالة ركود تضخمي؛ لذا فإن أزمة الفقر يصعب حلها بدون دعم دولي يقدم مساعدات غذائية مباشرة ويقدم دعماً مالياً لتحريك قطاعات الإنتاج في السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons