ربما تشهد الأيام القادمة تصعيداً جديداً بين السودان وإثيوبيا بعد إعلان الأخيرة عن إسقاط طائرة مجهولة اخترقت أجواءها من السودان، واستبعد خبراء عسكريون ومحللون سياسيون إقدام السودان لمثل هذه الخطوة التي وصفوها بالخطيرة لجهة أنه قد تقوده لمزيد من العزلة، بيد أن السلطات السودانية لم ترد على اتهام أديس أبابا بانتهاك طائرة مجهولة أراضيها قادمة من جهة السودان تحمل أسلحة لمتمردي إقليم تيغراي المتوتر. وقال محللون إن حديث الجيش الفيدرالي الإثيوبي عن دخول هذه الطائرة إلى أجوائهم من السودان اتهام صريح للسودان، سواء كان بالسماح لطائرة من دولة أخرى بعبور أجوائها أو نقل السودان هذه الأسلحة للمتمردين الإثيوبيين. وكشفت الحكومة الإثيوبية عن إسقاطها طائرة تحمل أسلحة لمتمردي إقليم (تيغراي) قامت باختراق أجوائها من جهة السودان، وأعلنت وزارة الدفاع في إثيوبيا، الأربعاء الماضي، إسقاط طائرة مجهولة اخترقت أجواء البلاد عبر السودان، وكانت تحمل أسلحة لجبهة تيغراي. ونقلاً عن تقارير صحفية، قال اللواء تسفاي أيالو، مسؤول إدارة العمليات العسكرية المشتركة بقوات الدفاع الوطني، إن الطائرة يعتقد أنها مملوكة لما وصفه بـ “الأعداء التاريخيين لإثيوبيا”، دون توضيح دولة معينة، وأكد على أن “الجيش أكثر استعداداً من أي وقت مضى لحماية سيادة البلاد”، مشيراً إلى أن “طائرة مجهولة كانت على وشك عبور أجوائنا عبر السودان، وعبور الجزء الشمالي من منطقة الحمرة الإثيوبية متجهة إلى تيغراي لتسليم أسلحة لجبهة تحرير تيغراي، وقد أسقطتها القوات الجوية الإثيوبية”.
وقالت السلطات الإثيوبية إن القوات الجوية في الجيش الإثيوبي أسقطت طائرة عبرت الأجواء السودانية إلى داخل الأراضي الإثيوبية، وقطع التليفزيون الرسمي الإثيوبي برامجه، وقال في نبأ عاجل له، إن القوات الجوية تمكنت من إسقاط طائرة عبرت الأجواء السودانية واخترقت الأجواء الإثيوبية كانت تحمل أسلحة لدعم الجبهة الشعبية لتحرير (تيغراي)، على حد قوله.
وقال إنه عقب ساعات من إعلان القيادة العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيغراي استئناف عمليات القتال ضد الجيش الفيدرالي، جراء تحرشات عسكرية من قبل الجيش وقوات إقليم أمهرة الموالي لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بالقوات المتواجدة في جنوب إقليم تيغراي. وفي المقابل لم يصدر عن الحكومة السودانية أي توضيح إزاء بيان الجيش الإثيوبي، بيد أن خبراء عسكريين استبعدوا قيام حكومة الخرطوم بدعم متمردي (تيغراي)، لجهة أن السودان يعاني من تعقيدات داخلية تغنيه عن التدخل في شؤون دول الجوار .
وقال .د. محمد عبد الجابر الخبير الأمني والمهتم بالشؤون العسكرية إنه من الاستحالة أن تقوم الخرطوم باختراق الأجواء الإثيوبية بكل جرأة، وتابع جابر في حديثه إن الخرطوم تدرك مدى تطور أنظمة الدفاع الجوي والرصد في الحدود الإثيوبية، ولا يمكنها التفكير في المخاطرة باختراقها أو السماح لأية جهة باستخدام أجوائها لدعم المتمردين، مشيراً أن السودان مشغول بمشاكله السياسية والاقتصادية، وفيما يتعلق عن صحة الزعم عن خلافه قال جابر إن أديس أبابا يمكنها أن تطلق أخباراً من شأنها أن تشوش على مساعي أطراف سد النهضة من الضغط على إثيوبيا في التزام قانوني بشأن الملء وتوليد الكهرباء، وبالتالي لم يستبعد جابر فرضية أن الخبر غير صحيح .
وأعرب المحلل السياسي د. محمد بابكر عن دهشته لهذا الاتهام الذي لا يسنده أي واقع حسب قوله وقال بابكر لـ(الحراك)، إن هذا الاتهام ربما وراءه فعل تخطط له إثيوبيا مستقبلاً، وأضاف (ما الذي يدفع السودان لدعم تيغراي أو مساعدة أية جهة أخرى في استخدام أجوائه لنقل السلاح إلى إقليم تيغراي). وتابع ”السودان الفيهو مكفيهو وما ممكن يقحم نفسه في مسألة زي دي عواقبا وخيمة” .
وقال المحلل السياسي سعد محمد أحمد إن اثيوبيا تريد اتهام القاهرة باستخدام أجواء السودان في دعم المتمردين في تيغراي، واعتبر سعد أن ما تناقلته أجهزة الإعلام الإثيوبية عن اختراق طائرة مجهولة أجوائها من جهة السودان اتهام خطير جداً، وله أبعاد أمنية وعسكرية خطيرة ربما تقود إلى مواجهة عسكرية بين السودان وإثيوبيا، وحتى إن لم تكن الطائرة المزعومة سودانية، وأشار سعد أن التصعيد بين الخرطوم وأديس في هذا التوقيت أمر في غاية السوء، لجهة أن البلدين يواجهان ظروفاً معقدة سياسياً وأمنياً واقتصادياً وكلاهما مهدد بالمجاعة، وقال إنهما ينبغي أن يتفرغا لحلحلة مشاكلهما الداخلية بدلاً من هذا التصعيد. وطالب سعد السلطات السودانية بالرد فوراً على الزعم الإثيوبي لأنه حسب قوله، فإن أي تأخير على الرد يظهر الخرطوم متورطاً في هذا الفعل.