فيما يستعد الفلسطينيون لإجراء انتخاباتهم التشريعية والرئاسية الأولى منذ 15 عاما اتجهت الأنظار مؤخرا إلى قياديين ” دحلان والبرغوثي ” يبدو دورهما حاسمًا في هذه المواجهة، لكن أحدهما منفي في الخارج والآخر معتقل في سجون إسرائيل.
يجسد مروان البرغوثي القيادي الفلسطيني المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ نحو عقدين صورة البطل لكثير من الفلسطينيين
بينما يؤيد آخرون القيادي المطرود من حركة فتح محمد دحلان الذي وفر وبشكل عاجل عدة آلاف من جرعات اللقاح المضاد لفيروس كورونا لقطاع غزة الفقير.
من المقرر أن يتوجه الفلسطينيون في 22 أيار/مايو المقبل إلى صناديق الاقتراع للانتخابات التشريعية، بينما ستجري الانتخابات الرئاسية في 31 تموز/يوليو.
اتفق أكبر فصيلين فلسطينيين، هما حركتا فتح التي يترأسها الرئيس الفلسطيني محمود وعباس وحماس الإسلامية التي تدير قطاع غزة، في أيلول/سبتمبر 2020 على تنظيم الانتخابات في غضون ستة أشهر.
– لقاحات ومساعدات –
شغل محمد دحلان (59 عامًا)، وهو من سكان مخيم خانيونس جنوب القطاع، سابقا منصب رئيس جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة قبل أن تسيطر حركة حماس على إدارة القطاع في العام 2007 بعد فوزها في انتخابات 2006.
وبعد خروج رموز السلطة الفلسطينية من غزة، تصدعت علاقة دحلان بعد أن كانت وثيقة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أن تدينه محكمة فلسطينية قبل نحو عقد بالفساد لينتقل للإقامة في الإمارات.
في أبو ظبي أصبح دحلان مستشارا أمنيا مؤثرا لولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد.
في مخيم خانيونس يمكن تمييز منزل عائلة دحلان حيث ولد من لونه الأبيض وسط منازل الطوب الرمادية.
أطلعت عائلة دحلان الفخورة بابنها المنفي وكالة فرانس برس على شهاداته المدرسية التي تظهر تفوقه في مجال التاريخ أكثر من التربية الإسلامية.
لكن الإنجاز الأبرز والأحدث يتمثل في نجاحه الشهر المنصرم بإدخال عشرين ألف جرعة من لقاح سبوتنيك-في الروسي إلى قطاع غزة المحاصر، عن طريق مصر.
إلى جانب ذلك، تعمل مجموعات مؤيدة لدحلان على توزيع المساعدات الغذائية و القسائم الشرائية على المحتاجين من أهل مدينته.
يقول عمران (36 عاما) وهو عاطل عن العمل لفرانس برس، إنه تلقى مؤخرا مبلغ ثمانين شيكلا (24 دولارا) من أحد مؤيدي دحلان. ودفعه هذه المبلغ إلى حث أقاربه على دعمه.
ويضيف “المساعدات جيدة جدا في منطقتنا، نتواصل دائما مع التيار الإصلاحي (تيار دحلان) حتى يوفروا لنا ما نحتاج”.
في المقابل، أكدت آمنة الدميسي (29 عاما) أنها “تنتظر بفارغ الصبر للتصويت لفتح”.
وتتساءل “ماذا فعلت لنا حماس؟ هذه الانتخابات يمكن أن تأتي بنتائج تساعدنا على الأكل والشرب والعثور على وظائف”.
يشير الناطق باسم التيار الإصلاحي عماد محسن إلى أن التيار “يعمل منذ عشر سنوات على تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني بواسطة دحلان وبتمويل ورعاية الإمارات وغيرها من الدول العربية”.
ويؤكد محسن على أن هذه الجهود “كلها تصب في خدمة الفقراء والبسطاء والمحتاجين والطلبة والمرضى”.
– غزة والضفة الغربية –
تعمل الجماعات المقربة من دحلان بدون مشكلات تقريبًا في قطاع غزة أما في الضفة الغربية المحتلة فالوضع أكثر توترا.
يقول أحد حلفاء دحلان في قطاع غزة ويدعى أسامة الفرا “نتعاون مع حماس في غزة لأسباب إنسانية. … في الضفة الغربية الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لنا”.
في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967، شهدت الأشهر الأخيرة اشتباكات بين أنصار دحلان وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تطورت إلى أعمال عنف دامية في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين قرب نابلس.
أدت تلك الأحداث إلى تعقيد جهود تبذلها الفصائل الفلسطينية لإصلاح الأمور وتشكيل قائمة مرشحين موحدة بين فتح وحماس لانتخابات المجلس التشريعي.
يقول الفرا “نهدف إلى تشكيل قائمة موحدة (…) لكن إذا لم يكن ذلك ممكنا فسنضع خططا أخرى” مشيرا إلى إمكانية انضمام دحلان إلى معسكر مناهض لعباس.
ويضيف “لهذا نتفاوض مع مروان البرغوثي”.
– “مانديلا فلسطين” –
تعتقل إسرائيل مروان البرغوثي (61 عاما) منذ نحو عقدين بعدما أدانته بالقتل خلال الانتفاضة الثانية.
رغم ذلك، تظهر استطلاعات الرأي أن البرغوثي ما زال يتمتع بشعبية كبيرة ويتم تشبيه تأثيره في بعض الأحيان بالقائد الجنوب إفريقي المناهض للفصل العنصري نيلسون مانديلا.
ويعد احتمال ترشح البرغوثي للانتخابات من خلف القضبان من بين أكثر الموضوعات السياسية التي يتم تناولها.
قبل عدة أسابيع قام عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وأحد المقربين من الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ بزيارة قصيرة للبرغوثي في معتقله لمعرفة ما ينوي فعله بالنسبة للانتخابات.
في مقابلة مع فرانس برس في قرية كوبر، قال رائد البرغوثي ابن عم مروان بإصرار إن “مروان لن يشارك في الانتخابات البرلمانية”.
وأضاف رائد وهو يجلس على شرفة مطلة على حقل زيتون إن مروان يريد فقط المساهمة في تحديد مرشحي فتح، مشيرًا إلى أن احترام رأي مروان لن يجعله يدعم قائمة منافسة.
وعلى الرغم من أن عباس (85 عاما) لم يكشف عما إذا كان يريد الترشح لولاية جديدة، إلا أن إحكام قبضته على فتح بات مهددًا.
وعدا عن دحلان، قال ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني السابق ياسر عرفات القيادي البارز ناصر القدوة إنه سيترشح للرئاسة الفلسطينية.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني غسان الخطيب إن معسكر عباس “قلق من البرغوثي ودحلان والقدوة لأن كل صوت يحصلون عليه سيكون على حساب فتح وبالتالي يفيد حماس”.
وعلى عكس رائد، بدا مقبل البرغوثي واثقا من ترشح شقيقه مروان للرئاسة.
وقال “سيكون لدينا رئيس في السجن (…) وهذا سيجعل العالم يعرف كيف يعيش الفلسطينيون”.
فصل
قررت حركة فتح الفلسطينية التي يتزعمها الرئيس محمود عباس يوم الخميس فصل ناصر القدوة عضو لجنتها المركزية بسبب سعيه طرح قائمة منفصلة من المرشحين في الانتخابات البرلمانية المقبلة في الأراضي الفلسطينية.
وقالت حركة فتح في بيان إنها أمهلت القدوة، ابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، يومين للرجوع عن قراره والتخلي عن مسعى الانشقاق لكنه أصر على موقفه.
وقال القدوة لرويترز إنه سيصدر بيانا في وقت لاحق.
وكان القدوة أعلن في الأسبوع الماضي عن تشكيل قائمة لخوض الانتخابات أمام حركة فتح في الانتخابات التشريعية التي تجري في شهر مايو أيار المقبل
كما دعا مروان البرغوثي، عضو الحركة المسجون في إسرائيل وأحد القيادات الفلسطينية التي تحظى بشعبية واسعة، بخوض الانتخابات على رأس قائمته.
ويقضي البرغوثي حكما بالسجن مدى الحياة في إسرائيل بعد إدانته بتدبير هجمات سقط فيها قتلى إسرائيليون.
ويحكم عباس (85 عاما) بمراسيم في الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من عشر سنوات إذ لم تجر انتخابات فلسطينية منذ 15 عاما.
وفي يناير كانون الثاني الماضي أعلن عباس عن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، واعتبر كثيرون هذه الخطوة ردا على انتقادات للشرعية الديمقراطية التي يقوم عليها حكمه.
وقال بيان اللجنة المركزية لحركة فتح والتي يرأسها عباس إنها قررت “فصل ناصر القدوة من عضويتها ومن الحركة بناء على قرارها الصادر عن جلستها بتاريخ 8-3-2021،
والذي نص على فصله، على أن يُعطى 48 ساعة للتراجع عن مواقفه المعلنة المتجاوزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدتها”.
وأضافت “بعد فشل الجهود كافة التي بذلت معه من الإخوة المكلفين بذلك، والتزاما بالنظام الداخلي وبقرارات الحركة، وحفاظا على وحدتها فإنها تعتبر قرارها بفصله نافذا من تاريخه”.
وعلق هاني حبيب المحلل السياسي في غزة قائلا إن الخطوة التي اتخذتها اللجنة المركزية “ممكن أن تمنع بعض المعارضين داخل فتح من الانفصال أو لربما مجرد التفكير في الانضمام لقائمة القدوة”.
وكان عباس والقيادات المقربة منه قد تعهدوا بوحدة الحركة درءا للتحدي الذي تمثله حركة حماس، المنافس الرئيسي لحركة فتح والتي تفرض سيطرتها على غزة منذ 2007.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن تتفوق قيادات حماس على عباس في انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في يوليو تموز.
غير أن الاستطلاعات تشير أيضا إلى أن البرغوثي، الذي يعتبر منذ فترة طويلة مرشحا محتملا لخلافة عباس، يتفوق على أي مرشح آخر.