إسرائيل تتجه إلى “حكومة تغيير” دون نتانياهو مع اقتراب يائير لابيد من تشكيل ائتلاف جديد
أعلن نفتالي بينيت، زعيم حزب “يمينا” (يمين)، اعتزامه التحالف مع حزب “هناك مستقبل” (وسط)، بزعامة يئير لابيد، لتشكيل حكومة تطيح بنتنياهو (يمين).
ويمتلك حزب “يمينا” 7 مقاعد من أصل 120 في “الكنيست” البرلمان، بينما بحوزة حزب “هناك مستقبل” 17 مقعدا.وقبل إعلان بينيت، وكمحاولة أخيرة لمنع تشكيل “حكومة تغيير” بقيادة لابيد، اقترح نتنياهو تشكيل حكومة يتقاسم رئاستها بالتناوب كل من زعيم حزب “أمل جديد” (6 مقاعد)، جدعون ساعر، ثم نتنياهو، وأخيرا بينيت، بحسب قناة “كان” (رسمية).
ولاحقا، هاجم نتنياهو، زعيم حزب “الليكود” (يمين- 30 مقعدا)، قرار بينيت التحالف مع لابيد، متهما إياه بأنه “هرول نحو حكومة يسار ليصبح رئيسا للحكومة”.وقال نتنياهو، في مؤتمر صحافي مساء الأحد، إن “بينيت لا يريد الذهاب لحكومة جديدة؛ لأنه يعلم أنه لن يتجاوز نسبة الحسم (لدخول البرلمان)”.
واعتبر أن “تشكيل حكومة يسار سيشكل خطرا على دولة إسرائيل”.العدوان على غزةوفق عصمت منصور، وهو مختص بالشأن الإسرائيلي، فإنه “من الصعب التنبؤ بما إذا كان لابيد وبينيت سيشكلان حكومة أمّ أن بينيت سيميل نحو نتنياهو في نهاية المطاف”.
وأردف منصور للأناضول أن “السياسة في إسرائيل هكذا تتغير في لحظات”.واستدرك: “لكنني أعتقد أن لابيد وبينيت قطعا أشواطا طويلة لتشكيل ائتلاف حكومي، وهذا سيعجل بإنهاء حياة نتنياهو السياسية”.
واستطرد: “إذا فعلا تمّ تشكيل الحكومة في إسرائيل، فهذه ستكون النهاية بالنسبة لنتنياهو”.وتابع أنه “في حال فقد نتنياهو المنافسة على رئاسة الوزراء، فإنّ ظهره سيصبح مكشوفا، وستكتمل محاكمته، وبالتالي انتهاء حياته السياسية”.
وفي 24 مايو/ أيار 2020، انطلقت محاكمة نتنياهو بتهم خيانة الأمانة والاحتيال والرشوة في ثلاث قضايا فساد.
وشدد على أن “محاكمة نتنياهو في قضايا فساد ستكتمل في نهاية المطاف، لكن ما يحميه الآن هو وجوده في منصب رئيس الوزراء، لكن في حال فقد منصبه، فستكتمل محاكمته من دون شكّ”.
ورأى أن “نتنياهو في هذه الأثناء يقوم بمحاولات يائسة لتشكيل ائتلاف حكومي، لكن اليمين في إسرائيل فقد ثقته بنتنياهو، بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة”.
ولمدة 11 يوما، بداية من 10 مايو/ أيار الجاري، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على غزة، قتل خلاله 255 فلسطينيا، بينهم العشرات من الأطفال والنساء، إضافة إلى دمار مادي هائل.
مقابل مقتل 13 إسرائيليا وإصابة المئات؛ خلال رد الفصائل في غزة على العدوان بإطلاق صواريخ على إسرائيل.
وأعرب منصور عن اعتقاده بأن “نتنياهو أثبت فشله خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، بعدما أفشلت المقاومة (الفلسطينية) خططه، وهذا ما أدى إلى فقدان ثقة الأحزاب اليمينية بنتنياهو كقائد لهم”.
وزاد بقوله: “أعتقد نتنياهو أن الحرب ضد غزة ستقوي موقفه سياسيا، وبالتالي ستسهل عليه عملية تشكيل ائتلاف حكومي، لكن خططه جميعها فشلت”.ورأى منصور أن “حكومة بقيادة لابيد وبينيت لن تعمر طويلا هي الأُخرى”.
وأرجع ذلك لكون “التحالفات فيها متناقضة، فاليمين لا ينسجم سياسيا مع الوسط واليسار، كما ستكون هناك معارضة قوية قد تطرح قضايا ومشاريع قوانين تؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار الحكومة”.وتابع: “حتى لو نجح نتنياهو هو الآخر في تشكيل حكومة، وهو أمر مستبعد حسب المعطيات الحالية، فلن تكون حكومته متينة، وستكون مجرد محاولة منه لتجنب اكتمال محاكمته بقضايا فساد”.
محاكمة بتهم فسادمتفقا مع منصور، قال خلدون البرغوثي، وهو صحافي فلسطيني مختص بالشأن الإسرائيلي، إن نتنياهو بات في موضع عدم ثقة داخليا.وعزا البرغوثي، في حديث للأناضول، وضع نتنياهو إلى نتائج الحرب على غزة، من وصول صواريخ المقاومة من القطاع إلى مناطق حساسة في إسرائيل، والاشتباكات التي نشبت في القدس المحتلة والأراضي المحتلة عام 1948، بين مواطنين يهود وعرب.ورأى أن تشكيل “حكومة تغيير” ضد نتنياهو من شأنه أن يساهم في سنّ قوانين في الكنيست تقضي على مستقبل نتنياهو السياسي، أهمها قانون يتعلق بمنع ترشحه مجددا لرئاسة الوزراء أو تكليفه بتشكيل حكومة، في حال أُدين خلال محاكمته.واعتبر البرغوثي أن حزب “يمينا”، بزعامة بينيت، ليس معنيا بالذهاب إلى انتخابات جديدة، وهو يعلم تماما أنه في حال تحالف مع نتنياهو، فسيذهبون إلى انتخابات خامسة.ومنذ أبريل/ نيسان 2019، شهدت إسرائيل 4 عمليات انتخابية؛ جراء تعذر حصول المكلفين بتشكيل الحكومة على ثقة الكنيست، لفشلهم في جمع تحالف من 61 نائبا.
وأردف البرغوثي إن محاكمة نتنياهو مستمرة في جميع الأحوال، حتى لو استمر رئيسا للوزراء، لكن مستقبله السياسي الآن على المحك.ورقة التخوينأما ناحوم بارنيع، وهو كاتب إسرائيلي، فرأى أن نتنياهو، ولكي لا يخسر رئاسة الوزراء، اعتمد أسلوب إقناع قسم كبير من الإسرائيليين بأنّ “اليسار ومن يدعم اليسار خائن”.
وتابع بارنيع، في مقال بصحيفة “يديعوت أحرونوت” الأحد، أن هذه هي الورقة التي يضغط بها نتنياهو على اليميني بينيت، وهذا ما قد يرجح كفّة نتنياهو في النهاية.وأردف أن “مشاركة بينيت في حكومة فيها أحزاب يسارية، سيعتبر خيانة من جانب التيارات اليمينية، ونتنياهو يعلم جيدا هذه النقطة، ويحاول استغلالها”.
وفي 4 مايو/ أيار الجاري، أخفق نتنياهو في تشكيل حكومة، فكلف الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، لابيد بتشكيل حكومة خلال 28 يوما.
وفي حال فشل لابيد، سيعيد ريفلين التكليف إلى الكنيست، ليجد بين أعضائه من هو قادر على تشكيل الحكومة أو التوجه إلى انتخابات جديدة، وهو الخيار الأرجح، وفق مراقبين.