الأزمة السودانية..أبعاد و أجندت دولية!
تقرير: عبدالله عبدالرحيم
بدت الساحة الداخلية مرتعاً خصباً لسفارات الدول الخارجية بالخرطوم. فقد كثرت لقاءات منسوبي هذه السفارات مع القوى السياسية السودانية بالداخل في شأن يخص الشأن الداخلي السوداني الذب يبحث عقب ثورة ديسمبر المجيدة ترتيب اوراقه الداخلية على نسق سوداني. بيد إن معظم سفارات الدول بالخرطوم بدأت التدخل بشكل سافر في الشأن السوداني بصورة لا تمت للقانون الدولي ولا لطبيعة مهمة تلك الدول فيما يتعلق بالشأن الدبلوماسي في علاقة بلدانهم بالسودان. وقد عد البعض هذه التدخلات بالعمالة والمؤامرة لخدمة اهداف و أجندة غير سودانية. ويلاحظ ذلك من خلال حراك الادارة الامريكية و تدخلها بقوة في الشأن الداخلي السوداني ومحاولة فرض أجندتها ومتطلباتها على المشهد الداخلي لدولة يعتبر بأنها عضو في المجتمع الدولي. بجانب ذلك هنالك تدخل لبعض دول الجوار العربي و الافريقي بصورة غير مرغوب فيها، بيد أن التدخلات بدأت تتشكل واقعا سياسيا على ارض الواقع بصورة غير مطلوبة، تحقيقا لأجندة تلك الدول في الشأن الداخلي السوداني.
لقاءات مسؤولين:
والتقى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك بالخرطوم، وزيرة افريقيا بالخارجية البريطانية السيدة فيكي فورد، والمبعوث البريطاني للسودان السيد روبرت فيرويذر، والسفير البريطاني جايلز ليفر، بحضور وكيل وزارة الخارجية السفير محمد شريف عبد الله. كما التقى رئيس الوزراء السيد بايتون نوبف نائب المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي وذلك في إطار الزيارة التي يقوم بها السيد نوف للسودان. كما التقى رئيس مجلس السيادة الإنتقالى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وزيرة الشؤون الأفريقية بالخارجية البريطانية فيكي فورد. والتقى
وزير العدل السيد نصر الدين عبد الباري التقى أيضا بالمبعثوت الأمريكي واكد له أن الحل في الالتزام بالوثيقة الدستورية والتشديد في تطبيقها واكد المبعوث الامريكي دعم بلاده للتحول الديمقراطي.
روسيا تفضح امريكا:
وقد شجبت روسيا التدخل في الشأن السودان و أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن موسكو تدعو إلى وقف التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، وأن تدرك الدول الضالعة في ذلك مسؤوليتها عن مثل هذه الممارسات. وقالت: “ننطلق من فرضية أنه من الضروري وقف أي تدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد وكذلك في الدول الأخرى. يجب على الشعب السوداني أن يقرر مصيره بنفسه. هذا هو مبدأنا الأساسي تجاه هذا البلد والدول الأخرى. هذا المبدأ مبني على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ونتوقع من كل من يحاول مقاومة هذا المبدأ أن يدرك بالكامل المسؤولية عن مصير دولة وشعب السودان. هم يعتزمون إعادة التشكيل وفقا لأنماطهم الخاصة”. وأشارت إلى أن “عددا من اللاعبين الخارجيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة، قرروا أنه سيكون من الأفضل للسودانيين العيش في دولتين مختلفتين. بدأت حملة للتدخل الخارجي، وفرضت مقاربات حول هذه القضية أو تلك، كيف ينظم السودانيون الديمقراطية بالمعنى الغربي للكلمة”، وتابعت: “هناك نتيجة للبنية التقليدية للمجتمع السوداني الآن تحت ضغط خطير”.
أجندات وتحولات:
حراك المبعوثين والسفراء الأجانب في السودان ظل يتم بطرق او أخرى فيما لا تخلو من أجندات بعد ان تحولت مهمتهم لتجيير شأن السودان لمصالح بلادهم وقد تم ضبط اجتماعات مكثفة هذه الأيام لهؤلاء المبعوثين مع الحكومة الانتقالية. فقد اجتمع الوفد البريطاني مع البرهان وحمدوك و كذلك المبعوث الأمريكي الذي اجتمع بوزير العدل و حمدوك. فيما التقت سفيرة فرنسا بحمدوك وطالبته بزيارة فرنسا في اقرب وقت. وتأتي كل هذه التدخلات تحت ستار دعم الفترة الانتقالية، بينما في الواقع لا تخلو عن الأجندة.
عمالة دستوريين:
وتساءل الاستاذ موسى حمدين نائب رئيس حزب الامة الموحد وامين التنظيم بالجبهة الوطنية للتغيير، عن الكيفية التي يتم بها ابعاد الولايات المتحدة الامريكية من التدخل في الشأن السوداني. وكشف حمدين ل(القوات المسلحة) أن الكتير من الدستوريين السودانيين يتعاملون مع السفارة الامريكية وقال إنهم يقومون بتمليكهم كل اخبار السودان الداخلية الي السفارات الأجنبية لجهة انهم يتخابرون معهم من واقع منافع شخصية وقال البعض منهم قد منح في فترات الهجرة الخارجية جنسيات تلك البلدان. ولم يستبعد حمدين تفويج حاكم امريكي قريبا للسودان ليصبح مثل العراق، مشيرا الى ان بريمر الان قريب منا نحن السودانيين.
انتهازية الاحزاب:
واستطرد حمدين بقوله انما يجري الآن لن يقدمنا الى الامام. مشيرا الى ان المجلس العسكري لم يكن له رؤية واضحة في التعامل مع القوى السياسية وجزم بأن المكون المدني يمضي بإنتهازية لحكم البلاد عبر اربعة احزاب فقط ومعظمها احزاب اليسار. وقال إن امريكا لم تقبل بحكم التنظيمات اليسارية. وقال هناك مائة حزب سياسي و منها 95 حزب سياسي خارج التركيبة والمشاركة في السلطة ما يؤكد ان الجدلية السياسية في السودان لن تنتهي قريبا مالم يتم الجلوس بين المكون المدني و العسكري والقوي السياسية بالخارج لبحث الشراكة و الاتفاق علي طريقة ادارةالدولة والتفكير في قيام المؤسسات خاصة مفوضية الانتخابات لتحديد الدوائر الانتخابية الحقيقية في السودان. وقال إن حل الأزمة السودانية تكمن في جلوس المكون العسكري و المدني مع القوي السياسية لبحث مصلحة البلد.
وقال موسى من الافضل ان يتم الاتفاق على ادارة الوطن بطريقة افضل. واتهم حمدين حزب الامة القومي بإنه اصبح حاضنة للاحزاب اليسارية في قحت، ومهاجمة الاخرين، وقال ان الحل يكمن في المشاركة الحقيقية بدون اقصاء لاحد.
استسهال الحكومة:
ويرى د. السر محمد علي الاكاديمي بالجامعات السودانية ان تدخل المبعوثين في الشأن الداخلي يؤكد عدم وجود المساءلة الحكومية طرف الخرطوم وقال هناك قانون ولوائح تنظم العملية الدبلوماسية هي مخطوطة ومنصوص عليها في القانون الدولي. واكد ان الغرب والدول الاجنبية بدأت التدخل لفرض وصايتها على الحكومةالقادمة بما يلبي طموحها وزاد إن ذلك بدأ واضحا من خلال الممارسات الاخيرة لهؤلاء المبعوثين مطالبا الحكومة بعدم الاستسهال معهم لحفظ حقوق الوطن الذي تحاك ضده المؤامرات.
الدور الدولي:
يأتي هذا فيما دعا رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان (يونيتامس) الأطراف المعنية إلى خفض حالة التوتر، والمحافظة على الشراكة القائمة بين المكونين العسكري والمدني وتنظيمات الكفاح المسلح. وتطرق لقاء فولكر بيترس رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “يونيتامس”، مؤخرا وعضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين كباشي الإثنين الماضي إلى جملة من القضايا في مقدمتها العلاقة بين شركاء الحكم، وقضية شرق السودان إلى جانب موضوع صناعة الدستور. وطالب فولكر السودانيين بضرورة المحافظة على الشراكة القائمة بين المكونين العسكري والمدني وتنظيمات الكفاح المسلح الموقعة على السلام، وناشد بخفض حالة التصعيد، والتركيز على القضايا المهمة خلال المرحلة المتبقية من عمر الفترة الانتقالية، مشددا على ضرورة عودة الأطراف إلى مائدة الحوار، و إلى ضرورة الاتفاق على خارطة طريق بشأن القضايا الاستراتيجية. وتباعدت المواقف وعلت أصوات الانتقادات والاتهامات بين المكونين المدني والعسكري بعد عامين من الفترة الانتقالية التي فشلت في تحقيق أهداف الثورة التي جاءت من أجل تغيير الواقع إلى الأفضل بتطبيق شعارات “الحرية والسلام والعدالة”، مع تردي اقتصادي مريع وسياسات غير سوية نتيجة تطبيق وصفة صندوق النقد الدولي بحسب مراقبين اقتصاديون وسياسيين ، في وقت يحاول كل طرف أن يحقق انتصارا في معركة “كسر العظم” نتاج التعقيدات السياسية التي وصلت مراحلها الأخيرة بين قوى الحرية والتغيير المنقسمة على نفسها.
قطع الطريق:
و يرى الناطق الرسمي بحزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله المشهد السياسي بأنه في حالة غير مسبقة ومعتم الرؤيا من خلال التدافع بين من يدافع عن وحدة الوطن و دعم التحول الديمقراطي ، ومن يعيق التحول الديمقراطي، يرى احمد منصور اسحق قيادي بقوى الحرية والتغيير إن المعركة فاصلة على سارقي الثورة والمستأثرين بالحكم على حساب الرفاق. وقال إنه ورغم حشدهم المنتظر إلا أن الشعب السوداني جميعه يؤيد العودة لمنصة التأسيس وقطع الطريق على سارقي الثورة جهود الثوار والشهداء، مبينا إن يوم الخميس كان يوما مفصليا وان الحكم سيعود لأهله من الذين حاولوا تدجين الثورة لمصالحهم الشخصية وقد مارسوا نفس التمكين السابق الذي من اجله خرجت هذه الثورة.
واشار إلى ان بعض الجهات حاولت وصفنا بفلول النظام البائد ولن تثنيا عن المضي قدما في تطهير دولاب حكم الدولة في فترتها الانتقالية المتبقية من هؤلاء اللصوص. وقال ان المظهر السلمي للحركات المسلحة والسياسي ليس غريب عليهم لأن الظروف التي قادتهم لحمل السلاح قد انتهت وعادوا الآن لطبيعتهم.