(الإيكونميست): تحسن الأوضاع الاقتصادية في السودان في العام 2023
توقعت مجلة (الإيكونميست) تحسن الأوضاع الاقتصادية في السودان في العام 2023 وذكر تقرير وحدة المعلومات بمجموعة الإيكونميست الذي أصدره يوم الاثنين الماضي حول السودان وجنوب السودان عن الربع الأول من السنة الحالية 2021 ، استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بالبلاد حتى العام القادم 2022 ، حيث رجح التقرير تحسن الأوضاع بالبلاد تدريجيا في العام 2023 وحتى 2025 .
تراجع ثم تحسن الأوضاع الاقتصادية:
وبحسب التقرير ، سوف يتراجع النمو الاقتصادي في السودان على المدى القريب ، بسبب ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، مما سيكبح الاستهلاك وسيتسارع النمو الاقتصادي اعتبارا من عام 2023 ، مع تحسين أساسيات الاقتصاد الكلي وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع معدل التضخم والبطالة ، بجانب شح موارد النقد الأجنبي وتأثير فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي، كلها عوامل ستؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي بالسودان.
ورجح التقرير ، إمكانية تأخير التمويل المقدم من البنك الدولي للسودان بسبب تأرجح الأوضاع السياسية بالبلاد بجانب ارتفاع معدل الدين الخارجي بصورة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي.
وحذر التقرير من تأثير الصراع الإثيوبي الاثيوبي والجنوبي الجنوبي على الأوضاع بالسودان ، في ظل توقعات بتدفق المهاجرين للسودان من دول الجوار التي تشهد صراعات.
الأوضاع الاقتصادية جراحات كبيرة:
واتفق المحلل عصام دكين مع بعض ما جاء في تقرير الإيكونيميست وقال”للتغيير” لحسن الحظ اطلعت علي التقرير ، ولكني اختلف معهم بشأن التوقعات ببطء التحسن في الأوضاع الاقتصادية الذي توقعته الإيكونيميست في العام 2025 قائلا :الآن الاقتصاد السوداني يعاني من اثر الجراحات الكبيرة ولكن في النهاية ستؤتي العملية اكلها ربما ليس الان ولكن بعدعامين تقريبا سنبدأ في جني ثمارها .
ورأى دكين ان بعض توقعات تقرير الإيكونيميست ربما تصدق بنسبة”200%” خاصة فيما يتعلق بارتفاع معدل التضخم الذي زاد عقب ارتفاع سعرالصرف من “55” إلى “380” بعد قرار توحيد قيمة الجنية السوداني وقال : كلنا يعلم ان الشراء مرتبط بالقيمة وبالتالي نتوقع ارتفاع معدلات التضخم.
وطالب دكين الحكومة بالعمل علي زيادة المرتبات مرة أخرى للموظفين الذين اصبحوا يعانون كثيرا بعد ارتفاع الأسعار واضاف ربما تزيد الخطوة أيضا من التضخم لكنها ضرورية لمقابلة متطلبات الحياة.
قطاع الاستثمار
واتفق دكين في بعض الجزئيات التي ذكرها التقرير حول الاستثمار وقال: إن القطاع سيبدأ في الانتعاش في كافة المجالات خاصة التعدين والزراعة والصناعة نتيجة لاستقرار سعر الصرف عقب قرار توحيد العملة. وأضاف: رغم أن سعر الدولار المرتفع إلا انه مستقر وهو عامل لم يكن موجوداً طوال السنوات الماضية بجانب الاستقرار السياسي النسبي في ظل اتفاقية السلام والتوقعات بانضمام الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو .
واكد دكين ، أن كل قطاعات الاستثمار ستشهد إقبالاً كبيراً من قبل رجال الاعمال الأجانب ما عدا البترول الذي يعتبر استثماراً طويل الاجل ويحتاج لعمل كبير وشركاء جدد غير الصين التي لديها ديون كبيرة علي السودان ، لذلك لا نتوقع ولوج مستثمرين جدد في القطاع إلا إذا خرجت الصين من البترول السوداني وهذا الامر صعب حالياً.
وتوقع التقرير ، أن يجذب تعدين الذهب بعض الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المدى المتوسط مع تقدم الحكومة المؤقتة في إصلاحات قطاع الذهب.
ومن المتوقع أيضاً حدوث استثمار أجنبي مباشر في قطاع الزراعة في ضوء تجدد الإشارات إلى الاهتمام من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
كما أن الحكومة السودانية سوف تعطي الأولوية لاستعادة توازن الاقتصاد الكلي (معالجة التضخم المفرط) من أجل جذب استثمارات أجنبية في أعقاب رفع العقوبات الأميركية.
الاعتماد على الزراعة
ووصفت مجموعة الايكونميست الاقتصاد السوداني بمتوسط الحجم مقارنة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى حد كبير لأنه يعتمد على الزراعة وبعض الصادرات الاخري لكنه في المقابل يتعرض للهشاشة السياسية بعد الثورة وانعدام الأمن على نطاق واسع يقوضان النمو الاقتصادي وفرص الاستثمار.
توحيد سعر العملة
وتطرق التقرير لعملية تعويم الجنيه ، مشيرا إلى ان بنك السودان المركزي قام بتخفيض قيمة العملة من 55 إلى 375 دولارًا أمريكيًا في فبراير. وتوقعت أن يكون لخفض قيمة العملة تأثير كبير على التضخم والأوضاع الاقتصادية. وبالتالي، نتوقع الآن معدل تضخم سنوي قدره 250٪ في عام 2021 (بعد أن كان 108٪ في السابق). وكان لهذا أيضا تأثير تصاعدي على توقعاتنا 2022-25
وكما هو معلوم ستسخر الحكومة السودانية مبلغ 1.8 مليار دولار تعهدت به مجموعة أصدقاء السودان لخطة تحويل نقدي لدعم الأسر الأكثر فقرا مع سحب دعم الطاقة المكلف في الوقت نفسه في محاولة لاستعادة المالية العامة في عام 2021.
ورأى التقرير أن خطة التحويلات النقدية لن تعوض تماما إلغاء هذه الإعانات، ونتيجة لذلك، سيظل التضخم مرتفعا وسيساعد برنامج رصد الموظفين – خلال عام واحد- غير الممول، الذي وافق عليه صندوق النقد الدولي في يونيو 2020 على توفير ركيزة للسياسات ودعم الحكومة في جهودها الرامية إلى استعادة بعض التوازن الاقتصادي الكلي. ونتوقع أن يوافق الصندوق، على المدى المتوسط، على برنامج آخر من تدابير التمويل المشتركة، يُرجح تمويله، للمساعدة في تنفيذ السياسات وتيسير تخفيف عبء الديون.
فرص ضائعة
يقول محمد إبراهيم إن الحكومة الانتقالية أضاعت فرصاً كثيرة منذ توليها لمقاليد الأمور في البلاد، كان يمكن الاستفادة منها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، فرغم ما حققته من تقدم في مجال الانفتاح الخارجي، وتحقيق السلام مع عدد من الفصائل المسلحة، إلا أنها أخطأت في التعويل بشكل كامل على الخارج، لمعالجة التدهور في الأوضاع الاقتصادية الذي نتج عن تراكم الكثير من العوامل منذ العهد السابق، وذلك من خلال تعليق الآمال على المجتمع الدولي، مشيرا إلى ان الدعم الخارجي من المجتمع الدولي يشبه المسكنات للمريض الذي يحتاج لعلاج للمشكلة .
تعهدات خليجية بدعم السودان
وبحسب التقرير تعهدت السعودية والإمارات، المنزعجتان من الثورة الشعبية السودانية وسعيهما لدعم القادة العسكريين الجدد الذين اُسندوا إلى السلطة آنذاك، بتقديم مساعدات مشتركة بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي في أبريل 2019، ولكن أفادت التقارير أنها لم ترسل سوى 750 مليون دولار أمريكي.
ويمكن أن تتخذ المساعدات السعودية التي لم يتم تأكيدها رسميا شكل وديعة اخرى للعملة او امدادات مباشرة من الوقود والأدوية والقمح.
ويشير التقرير إلى زيادة التعاون بين الرياض والخرطوم بعدما حضر ، وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم الذي تم تعيينه مؤخراً، اجتماعا بالسعودية، كما أجرى محافظا البنك المركزي في البلدين السعودية والسودان محادثات، حيث اتفقوا على إزالة العقبات أمام تحويل تحويلات المغتربين السودانيين العاملين في المملكة، وهو مصدر مهم آخر للنقد الأجنبي.