السودان…الحزب الجمهوري يدعو لتجاهل الدين كمصدر للتشريع
طالب الحزب الجمهوري في السودان بعدم تضمين دين رسمي للدولة في اتفاق السلام المُزمع بين الحكومة الإنتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) بقيادة عبد العزيز الحلو. وقال أن استبعاد تضمين الدين كمصدر للتشريع يؤكد على حياد الدولة تجاه اديان جميع مواطنيها.
ترحيب
ورحب الحزب بالمفاوضات الجارية في عاصمة جنوب السودان جوبا مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، بإعتبارها خطوة صحيحة في إتجاه إكمال ملف السلام. ودعا إلى النص على عدم إنتماء الدولة لدين معين في إتفاق السلام الذي يجرى التفاوض حوله معتبرا أن ذلك يعني التأكيد على حياد الدولة تجاه اديان جميع مواطنيها ووقوفها على مسافة واحدة من كل الأديان.
بيان الحزب
وقال الحزب في بيان له، أمس الأحد، إن على اتفاق السلام عدم وضع مصادر للتشريع في الوثائق الدستورية كالشريعة الإسلامية وكريم الأديان والمعتقدات والأعراف وغيرها. وأن يخالف في ذلك ما ظل عليه الحال في مشروعات الدساتير السابقة بالسودان. مع الاكتفاء بوضع الحقوق الأساسية المعبرة عن القيم الإنسانية المشتركة عند جميع المواطنين.
وأوضح الحزب بانه آن الأوان لأن تصبح الدولة هي الحاضنة الآمنة لحرية الرأي والتعبير والتنظيم دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو النوع. ورأى أن ذلك من شأنه فتح الطريق لكتابة دستور إنسان يؤسس للمساواة السياسية والإقتصادية والإجتماعية. بجانب حفظ حقوق الأفراد والجماعات وفتح الطريق لتحقيق كرامتهم الإنسانية.
الموقف من الدين
رفضت الفكرة الجمهورية مبدأ الدستور الإسلامي عن طريقِ الشريعة الإسلامية بفَهْمِ الدُعاة السلفيين. ففى كتابِه (الدستور الإسلامي؟ نعم ولا) يقول محمود محمد طه مؤسس الحزب الجمهوري ، شارِحَاً فهمَهُ للدستور الإسلامى وللشريعةِ الإسلامية:
(أول ما تجبُ الإشارةَ إليه هو أنَّ الشريعةَ الإسلامية ليست هى الإسلام، وإنَّما هى المدخل على الإسلام. الشريعة الإسلامية فى بعضِ صُورِها تَحْمِلُ سِمَةُ “الموقُوتِية” وهى من ثم قابلةٌ للتطوُّرِ.
تنتقل الشريعة الإسلامية فى تطُوُّرِها من نَصٍّ فرعِى فى القرآن، تنزَّل لأرضِ الناس من نَصٍ أصلى وقد اعتُبِرَ النص الأصلى منسُوخاً، بمعنى أنه مُرْجَأ إلى يومِهِ، واعتُبِرَ النص الفرعِى صاحِبُ الوقت، يومئذ.
فتطوُّرِ الشريعة الإسلامية فى بعضِ صُورِها، إذن، إنما يعنى انتقالها من نصٍ، إلى نص، فى القرآنِ. وقد تنزَّل الفرعُ عن الأصلِ بفعلِ الضرورة، ليكون قريبَاً لأرضِ الناس حتى ينقُلَهُم على مُكْثٍ إلى الأصلِ. الأصلُ هى الآيات المنسُوخة والفرعُ هى الآيات الناسِخة.
فإذا كنا نتحدثُ عن الشريعةِ الإسلامية فيجب ألا نزِجَّ بآية (لا إكراه فى الدين، قد تبين الرشد من الغى) إلَّا إذا كُنَّا ندعُو إلى أنْ تتطوَّرَ الشريعة، من آيات الإكرَاهِ، إلى آياتِ الإسْمَاح. وهو أمر لا يعْقِلُه دُعَاةُ الإسلام عندنا، إلى الآن.
وهناك أمر خطير يجب تقريره وهو أنَّ الشريعةَ الإسلامية ليست ديمقراطية، ولا هى اشتراكية، وإنما هى تقومُ فى السياسةِ على آيةِ الشورى، وهى آية حُكمُ الفردِ الرشيد الذى جُعِلَ وَصِيِّاً على قومٍ قُصَّر، وقد طُلِبَ إليه أن يُحسِنَ تربيتِهم، ورعايتِهم، وترشيدِهم ليكونُوا أهْلَاً للديمقراطيةِ. ويومئذ تتطوَّرُ شريعتهم لتنتقِل من فُروعِ القرآن إلى أصُولِه، من آيَّةِ الشورى إلى آيتيى (فذكّْر إنَّمَا أنت مُذكِّر * لست عليهم بمُسيطِر).. فتكون بهذا التطوير أدخل فى الإسلام من سابقتها. أو قل منها قبل أن تتطوَّر.
ومثل هذا يقالُ عن الاشتراكية، فإنَّ شريعةَ الإسلامِ الحاضِرَة ليست اشتراكية، وإنَّما هى رأسِمالية، أرِيدَ بها أن تكونَ مرحلة تسير الأمة السالفة إلى منازل الاشتراكية. ويومئذ تتطور الشريعة الحاضرة، بأنْ تنتقل من فروعِ القرآن إلى أصُولِه، من آية الزكاة الصغرى “الفرعِية”) خُذْ من أموالِهم صدَقَةٌ تُطَهِّرَهُم وتُزَكِّيِهم بها، وصَلِّ عليهم إنَّ صلَاتَك سَكَنٌ لَهُمْ، واللهُ سمِيعٌ عَلِيم)، إلى آية الزكاة الكبرى “الأصلية”) يسْأَلُونَك ماذَا يَنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ).
فى الفكرةِ الجمهورية فإنَّ الشريعة الإسلامية التى قامت فى القرنِ السابعِ وما تلته من قرون غير صالحة لإنسانية القرن العشرين والوآحِد والعشرين، بل ما يصلح لهذه الإنسانية هى الإسلام فى أصولِه لا فى فُرُوعِه).
وبدأت الخميس، بالعاصمة جوبا جولة التفاوض المباشرة بين الحكومة الإنتقالية بالسودان والحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال).
وتأتي الجولة الحالية بعد توقيع اعلان مبادئ بين رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ورئيس الحركة الشعبية عبدالعزيز الحلو، نص على فصل الدين عن الدولة.