الوضع الأمني بعد عشر سنوات من الثورة السورية على الرئيس بشار الأسد
منذ أن بدأت الثورة السورية قبل عشر سنوات على الرئيس بشار الأسد تدهور الوضع الأمني فى سوريا كثيرا. ومنذ ذلك الوقت انهار البلد إلى مجموعة من الكانتونتات وحتى المنطقة التي يسيطر عليها النظام باتت مقسمة، وقتل في الحرب نحو نصف مليون إنسان، و أصبحت الأرقام صادمة أكثر، فنسبة 90% من أطفال سوريا بحاجة إلى العناية الإنسانية وهناك نصف مليون طفل يعانون من مشاكل نمو بسبب سوء التغذية، بالإضافة إلى 3 ملايين طفل بدون مدارس أو تعليم، ومعظمهم من الأولاد، وهو ما يعطي صورة مخيفة عن حجم الأزمة في المستقبل.
هل انتصر الرئيس بشار الأسد:
ويري حلفاء الرئيس بشار الأسد روسيا وإيران أن الوقت قد حان لكي يعترف المجتمع الدولي بانتصار الأسد بعد عشر سنوات من بداية الثورة ، وأن تخفيف العقوبات هو السبيل الذي يسمح بإعادة بناء البلد وإطعام نفسه. وهناك أصوات تدعم هذا التوجه في الغرب وبين حلفاء النظام، ودعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في الأسبوع الماضي لإعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية. وقال إن الوقت قد حان لكي “يعود البلد إلى وضعه الطبيعي”، وانتقد قانون قيصر الأمريكي الذي فرض عقوبات على سوريا. وقال إن الإبقاء على قانون قيصر كما هو اليوم يجعل من الطريق صعبا جدا.
واقترحت الإمارات حلها الخاص للأزمة، من خلال العلاقات الجديدة مع إسرائيل. فمقابل إعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية وتخفيف العقوبات، يجب على سوريا الاعتراف بإسرائيل وطرد الميليشيات الإيرانية من أراضيها. وهو موقف غير محتمل، ولكنه يعبر عن مواقف اثنين من أساقفة كانتبري، لورد كيري ولورد ويليامز اوف أوستيرموث بالإضافة للسفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد، الذي عمل ما بين 2010- 2014 والذي كان من أشد الناقدين للرئيس بشار الأسد في بداية الأزمة.
الثورة السورية وانهيار الاقتصاد:
منذ بداية الثورة السورية قبل عشر سنوات انهارت قيمة الليرة السورية ولم تعد تساوي شيئا، والدولار يساوي 3.000 ليرة، مقارنة مع 47 ليرة للدولار قبل 10 أعوام، أي خسارة نسبة 98% من قيمة الليرة، وهو ما يجعل الراتب العادي يساوي دولارين في اليوم. وقال شاهر الخطيب (42 عاما) من مدينة درعا: “سوريا، أرض الخير والازدهار أصبحت بلد الجوع”. وأضاف: “لم يعد الوضع الأمني محتملا، وفي كل يوم نسمع عن أشخاص قتلوا أو اختطفوا بالإضافة للسطو الذي زاد خلال الأزمة، وهذا كابوس”.
وظلت المساعدات الإنسانية الدولية سببا في إبعاد شبح الجوع عن البلاد منذ بداية الثورة السورية وحتى 2019 حيث ضربت البلاد سلسلة من الأزمات، منها انهيار النظام المصرفي اللبناني، وتم تجميد كميات كبيرة من الأموال السورية المودعة في المصارف اللبنانية، وانتشار فيروس كورونا وقانون قيصر الذي فرض عقوبات قاسية على البلاد.
ولا يغطي قانون قيصر الدعم الإنساني، لكنه بالتأكيد أدى إلى الإضرار بالاقتصاد السوري بشكل عام. وفي تقرير مشترك لمجلس اللاجئين النرويجي ومنظمة أوكسفام نشر العام الماضي أشار إلى أن العقوبات عوق عملهما وكان عليهم الحصول على استشارة حتى لا يخرقا القانون.
ويرى الخطيب والمدافعين عن العقوبات أن الرئيس بشار الأسد هو العقبة الحقيقية أمام إعادة الإعمار. وقال: “بالطبع يعتبر قانون قيصر واحد من الأسباب لكن ما هو السبب الأهم؟” ويجيب “إنه بشار الأسد وتمسكه بالكرسي، وتم تناسي كل الجرائم التي ارتكبها ويلوم الجميع قانون قيصر”.
مستقبل سوريا:
ويتفق الجميع على شيء واحد وهو أن مستقبل سوريا يعتمد على القوى الخارجية، تركيا وإيران وروسيا وكلها تحتفظ بوجود عسكري على الأرض، وتضرب إسرائيل من الجو.
ويقول عامر حسين، الاقتصادي المقيم في لندن ويكتب عن سوريا “عندما أتحدث مع أي شخص يقول إنه مهما اتفقت عليه الولايات المتحدة وروسيا ثم مهما اتفقت عليه السعودية وإيران” فأن أمل تحقيق انتصار هو ما يجعل النظام والجهاديين والمعارضة والأكراد يستمرون في القتال حتي الان.
وفي شمال سوريا يرى البعض أن الدعم التركي يمكن أن يؤدي إلى معجزة وتغيير في المصير. ويقول أبو فيصل، من حلب: “لقد خسرنا ولكننا لن نتوقف عن قتال هذا النظام ونتحدث بحرية”. وحتى ذلك الوقت سيظل السوريون جوعى.
سياسة الأتحاد الأوربي:
قال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، في بيان، نيابةً عن الدول الأعضاء، إن «الانتخابات الرئاسية» السورية المقررة في وقت لاحق من هذا العام «لا تفي بهذه المعايير، بالتالي لا يمكن أن تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري»، لافتاً إلى أن الاتحاد «سيجدد العقوبات المستهدفة على الأعضاء البارزين وكيانات النظام في نهاية مايو (أيار)» المقبل. من جهته، دعا البابا فرنسيس إلى «إلقاء الأسلحة» في سوريا و«إعادة بناء النسيج الاجتماعي».
وأضاف بوريل في بيان لمناسبة ذكرى مرور عشر سنوات على الثورة السورية وبدء الاحتجاجات السلمية في جميع أنحاء سوريا، التي تصادف اليوم، أن «القمع الوحشي الذي يمارسه النظام للشعب السوري وفشله في معالجة الأسباب الجذرية للانتفاضة أدى إلى تصعيد الصراع المسلح وتدويله. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، تسببت الانتهاكات التي لا حصر لها لحقوق الإنسان، والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف، لا سيما من قبل النظام السوري، في معاناة إنسانية هائلة».
وأشار إلى أن أزمة اللاجئين السوريين «أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث يوجد 5.6 مليون لاجئ مسجل و6.2 مليون نازح داخل سوريا يعيشون ظروفاً غير مواتية لعودتهم الآمنة والطوعية والكريمة والمستدامة بما يتماشى مع القانون الدولي. علاوة على ذلك، فقد ترتب على الصراع تداعيات خطيرة في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، وقد غذى المنظمات الإرهابية. ويشير الاتحاد الأوروبي إلى أن جميع الجهات الفاعلة في سوريا يجب أن تركز على القتال ضد (داعش)، ولا يزال منع عودة ظهور التنظيم الإرهابي من الأولويات».
وتابع بوريل «سيكون الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم انتخابات حرة ونزيهة في سوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وتحت إشراف الأمم المتحدة، بما يرضي مبادئ الحوكمة وأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة لجميع السوريين، بما في ذلك السوريين في الشتات المؤهلين للمشاركة. فالانتخابات التي ينظمها النظام السوري، مثل الانتخابات البرلمانية التي جرت العام الماضي أو الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق من هذا العام، لا تفي بهذه المعايير، وبالتالي لا يمكن أن تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري»، مجدداً الدعوة لتوحيد الجهود لـ«حل سياسي وفقاً لـ2254، وكذلك فيما يتعلق بالجهود الحثيثة التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الخاص السيد بيدرسن للنهوض بجميع جوانب 2254 في نهج شامل».
تصريحات بابا الفاتيكان:
من جهته، قال البابا فرنسيس خلال قداس الأحد في ساحة القديس بطرس، «أجدد دعوتي لأطراف النزاع لإظهار حسن نية وإعطاء بصيص أمل للشعب المنهك». وأضاف: «آمل أيضاً في تعهد بناء وحاسم ومتجدد للأسرة الدولية لإعادة بناء النسيج الاجتماعي بعد إلقاء الأسلحة، وإعادة إعمار البلاد وتحقيق النهوض الاقتصادي».
وأسف الحبر الأعظم في أن تكون السنوات الـ10 من «النزاع الدامي في سوريا» أفضت إلى «واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في تاريخنا: عدد لا يحصى من القتلى والجرحى وملايين اللاجئين وآلاف المفقودين ودمار وعنف على أشكاله ومعاناة غير إنسانية للشعب، خصوصاً الفئات الأضعف كالأطفال والنساء والمسنين».
والبابا فرنسيس الذي قام الأسبوع الماضي بزيارة تاريخية للعراق، لا ينوي زيارة سوريا، لكنه يوجه بانتظام دعوات لوقف إطلاق النار في هذا البلد.