وأمطرت ثورة
لم يتزحزح إيماني يوماً بهذه الثورة العملاقة المجيدة بأنها قبس نور من السماء أضاء قلوب شعبنا الأبي ، نعم انها نور سماوي والله متم نوره ولو كرهت اللجنة الأمنية للمخلوع وحليفتها أحزاب الهبوط المريع التي تناغمت معاها ضد حقوق الشعب ومكتسبات الثورة التي ظنوا انهم سرقوها بفهلوة وذكاء فات على الشعب السوداني، ولكن كان رد هذا الشعب معلم الثورات ( ده بعدكم ) فقد ظل الشارع الثائر ينظر بعين الرقيب ويمد حبال الصبر على هذه الحكومة المضروبة المتخبطة الفاشلة بشقيها العسكري المتآمر والمدني الذليل (التابع).
لم يكن ذلك الصبر تسليماً بالأمر الواقع فقط، لا فقد كان صبراً حتى (ينكشف) ما في جعبتها من مخاز ومؤامرات، نعم انتظرها الشارع حتى تستفرغ كل نتانتها وتلقي كل ما في كنانتها من أسهم مسمومة كان تصوبها دوما نحو الوطن والمواطن وعندها إنقض عليها وعلمها درساً لن تنساه يظل عالقاً بأذهانها إلى يوم يبعثون وكان يوم ال٣٠ من سبتمبر ثورة كاملة الأركان وليست تأييدا للحكومة المدنية كما ظن مسؤولوها فالثورات تقوم ضد السلطة الحاكمة وليس تأييداً لها.
وتأكيداً لقولنا هذا فان شعاراتها ظلت كما هي (مدنيااااو ) ولا شئ غيرها ، هب هذا الشعب القوي وزمجر وأرعد وأمطر ثورة جديدة هذه المرة ليست ضد الكيزان فهؤلاء أصبحوا في عداد الموتى ولن يبعثوا مرة أخرى وإنما كانت ضد فلولهم المتمثلة في بقاياهم (المتخثرة) وهي اللجنة الأمنية للمخلوع والمتناغمين معها من أحزاب الفشل والهبوط المخزي الذين يدعون كذباً وبهتاناً بأنهم حكومة الثورة .
رأينا شوارع ديسمبر تعود مرة أخرى ويعلو هديرها يدك حصون الانقلابيين عليها، سمعنا صافرات قطاراتنا التي يعلمونها جيدا تعلو بيارقها ايذانا بأن (حي على حماية الثورة) و عندها هدأت نفوسنا وسكنت أرواحنا وعلمنا أننا قد بعثنا من جديد ونحن نرى شبابنا يرفع شعارات الا نكوص ولا تراجع عن أهداف الثورة وهي المدنية الكاملة عبر كفاءات من رحم الثورة وليس من خارجها.
لا أحد يصدق أن الشعب الذي خرج في ذلك الخميس الميمون الذي أعاد لنا توقيت (الساعة الواحدة بتوقيت الثورة) وزغاريد كنداكاتها ومسارات مواكبها التي كان يرسمها وينظمها تجمع المهنيين و(الذي كان انقاسمه وبالاً على هذه الثورة) لا يصدق أحد ان هذا الخروج كان من أجل تثبيت الكراسي لمن هم في هذه الحكومة المتواطئة لأنها ببساطة لم تنحاز إلى الشعب يوماً فقد تركته فريسة سهلة يتخطفها عسكر اللجنة الأمنية للمخلوع وينهش في لحمها ويقتل ويعتقل أبناءها ويخرجهم جثثاً يرمي بها في الطرقات وهي تسمع وترى بل وكانت تزيد ودها له كلما ضيق على الشعب بتبريرات تثير الغثيان من ضعفها وهوانها وقد تمثل ذلك في مدحها لقوات القتل السريع بأنها ساهمت في حماية الثورة وانحازت لها بالرغم من محاكمة منسوبيها الذين قتلوا ثوارنا الأشاوس وهذا يكذب ما ذهبوا إليه تماماً من إنحيازهم للثورة ولا نستثني هنا أحد منهم بدءاً من (المؤسس) الذي ذهب لقوات القتل السريع في (دارها) واثنى عليها فتم تكريمه بدرعها الملوث بدماء شهدائنا الأبرار مرورا بأعضاء المجلس السيادي من المدنيين (مثل التعايشي) الذي (لحس كلامو عن الجنجويد) وغيره والكثير منهم ممن لاذو بالصمت ولم يقفوا مع الشعب مرة واحده تحاشياً لجرح مشاعر العسكر.
إن ما حدث بعد الانقلاب (المسرحية) من تحرك من قوى الحرية والتغيير لم يكن من أجل الشعب وثورته كما روجوا لذلك إنما كان خوفاً على الكراسي فعندما نادى عضو مجلس السياده (محمد الفكي) بأن هبوا لحماية الانتقال لم يكن من أجل الشعب أو الوطن و الشعب الفطن يعي ذلك تماماً لذلك لم ينهض في التو واللحظة استجابة لذلك النداء الا بعد ما تطاول العسكر على الثورة واظهروا نيتهم الخبيثة وفضحهم سلوكهم (الهستيري) الذي ظهر عليهم والذي يوضح نيتهم في السطو على السلطة مرة أخرى كما فعلوا بعد المجزرة المرعبة والرجوع إلى مربع حكم الكيزان وإعلان وفاة الثورة بإعلان حالة الطواريء التي يسعون اليها جاهدين وتعطيل كافة القوانين (ليركبوا) مرة أخرى على ظهر الشعب تنكيلاً وبطشاً وانتقاماً حتى يتاح لهم ان يرتبوا صفوفهم للعودة من جديد ويتمكنوا من تهريب ساداتهم المجرمين الذي يقبعون داخل السجون أو الذين هم خارجها (في الجحور) ولكي يستعدوا هم أنفسهم للهروب خوفاً مما ينتظرهم من عقاب على جريمتهم الشنعاء النكراء مجرزة القيادة العامة بعد ما تم تدوييها من قبل أسر الشهداء الذين (قنعوا) من لجنة اديب الديكورية التي ظلت تبحث عن ادلة لنجاة الجناة وليس لمحاسبتهم ، وصارت تلك الابادة الجماعية للثوار كابوساً يغض مضاجعهم وحبل يطوق رقابهم بارواح ابناءنا الأبرياء الذين قتلوهم ومثلوا بجثثهم أبشع تمثيل في تلك المجزرة البشعة.
هب الآن الشعب عندما رأى وطنه يضيع بين تسلط العسكر ونواياه الخبيثة وما بين ضعف وتشرذم حكومة الثورة المختطفة، هب ولقن الحاكمين درساً قاسياً وأردفه بصفعة قوية نتمنى أن تستفيق بعدها الحكومة وتدرك ان حامي هذا الوطن وثورته هو الشعب وليست قوات القتل السريع كما تغنوا لها أو كتائب الأمن والمخابرات التابعة لهذا المجلس العسكري المشؤوم، ها قد عادت الثورة ووضعت أجندتها أمام الطاولة مرة أخرى وارسلت إنذارات ساخنة لكل من تسول له نفسه التعدي عليها.
هذا الشعب أيها الاحزاب المتواطئة لا يهاب رصاص البرهان ولا دوشكات الفريق خلا حميدتي وليس بغافل عما تكيدون له ويعلم ما قمتم وتقومون به كسباً وإرضاء لمن منحوكم الكراسي تفضلاً والذين ضاقوا بكم الآن ذرعاً ولا يجهل بيعكم لثورته الباسلة إنما انتظر ساعة الصفر حتى يتدخل لحسم كل تلك الفوضى وان يرفع صوته عالياً بألا صوت يعلو فوق صوت الثورة فتأدبوا، وليعلن الا مساس بهذه الثورة الا لاياد طاهرة صانتها وحمتها وسوف تسير بها لمبتغاها .
نعم لقد انتفض المارد مرة أخرى ونتمنى ونرجو أن تكون هي الفرصة الأخيرة لمن خانوه وباعوه الذين ظلوا يشاهدون الثوار يقتلون برصاص شركائهم في كل المواكب (فصهينوا) ولا يكلفون نفسهم حتى بتقديم واجب العزاء ولا يشاركون في تشييع جثامينهم التي تحللت وملأت الطرقات ، لابد لمن باعوا دماء الثوار من التنحي عن هذه المناصب التي أثبتوا فشلهم فيها ولابد من إعلان حكومة ثورة من قادتها أبطال الشارع السوداني الذين يجب عليهم الإسراع بتكوين حاضنة أمينة قوية لتسير بهم نحو اهداف الثورة وأن يعلنوا عاجلاً سحب الثقة عن هذه الحكومة الفاشلة المتخاذلة .
لتكن رسالة الثورة للعسكر وحلفائهم (افعلوا ما شئتم فإنا قد أعددنا لكم جيوشاً من الثائرات والثائرين تعلمونها جيداً) فامطارنا ليس (حصوا) كما قال سعادة الفريق خلا حميدتي وانما هي صيباً نافعاً للوطن ولهيباً يحرق أعدائه .
كسرة:
لن يستطيع كأئن من كان تزييف إرادة الشعب والشوارع لا تخون !
الفاتح جبرا